قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ   وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون   
قوله عز وجل: وكذلك نصرف الآيات  فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يتلو بعضها بعضا فلا ينقطع التنزيل. والثاني: أن الآية تنصرف في معان متغايرة مبالغة في الإعجاز ومباينة لكلام البشر. والثالث: أنه اختلاف ما تضمنها من الوعد والوعيد والأمر والنهي ، ليكون أبلغ في الزجر ، وأدعى إلى الإجابة ، وأجمع للمصلحة. ثم قال تعالى: وليقولوا درست  وفي الكلام حذف ، وتقديره: ولئلا يقولوا درست ، فحذف ذلك إيجازا كقوله تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا   [النساء: 167] أي لئلا تضلوا. وفي درست  خمس قراءات يختلف تأويلها بحسب اختلافها:  [ ص: 154 ] إحداهن: (درست) بمعنى قرأت وتعلمت ، تقول ذلك قريش  للنبي صلى الله عليه وسلم ، قاله  ابن عباس  ،  والضحاك  ، وهي قراءة  حمزة  ،  والكسائي.  والثانية: (دارست) بمعنى ذاكرت وقارأت ، قاله  مجاهد  ،  وسعيد بن جبير  ، ومروي عن  ابن عباس  ، وهي قراءة  ابن كثير  ،  وأبي عمرو.  وفيها على هذه القراءة تأويل ثان ، أنها بمعنى خاصمت وجادلت. والثالثة: (درست) بتسكين التاء بمعنى انمحت وتقادمت ، قاله  ابن الزبير  ،  والحسن  ، وهي قراءة  ابن عامر.  والرابعة: (درست) بضم الدال لما لم يسم فاعله تليت وقرئت ، قاله  قتادة   . والخامسة: (درس) بمعنى قرأ النبي صلى الله عليه وسلم وتلا ، وهذا حرف  أبي بن كعب  ،  وابن مسعود.  ولنبينه لقوم يعلمون  يحتمل وجهين: أحدهما: لقوم يعقلون. والثاني: يعلمون وجوه البيان وإن لم يعلموا المبين.
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					