قوله عز وجل: إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء فيه خمسة أقاويل: أحدها: أي لا تفتح لأرواحهم لأنها تفتح لروح الكافر وتفتح لروح المؤمن ، قاله ابن عباس ، والسدي . والثاني: لا تفتح لدعائهم ، قاله الحسن . والثالث: لا تفتح لأعمالهم ، قاله مجاهد ، وإبراهيم. والرابع: لا تفتح لهم أبواب السماء لدخول الجنة لأن الجنة في السماء ، وهذا قول بعض المتأخرين. والخامس: لا تفتح لهم أبواب السماء لنزول الرحمة عليهم ، قاله ابن بحر . [ ص: 223 ] ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط فيه قولان: أحدهما: سم الخياط: ثقب الإبرة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، والسدي . والثاني: أن سم الخياط هو السم القاتل الداخل في مسام الجسد أي ثقبه. وفي الجمل قراءتان: إحداهما: وعليها الجمهور ، الجمل بفتح الجيم وتخفيف الميم وهو ذو القوائم الأربع. والثانية الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وهو القلس الغليظ ، وهذه قراءة سعيد بن جبير ، وإحدى قراءتي ابن عباس ، وكان ابن عباس يتأول أنه حبل السفينة. ومعنى الكلام أنهم لا يدخلون الجنة أبدا كما لا يدخل الجمل في سم الخياط أبدا ، وضرب المثل بهذا أبلغ في إياسهم من إرسال الكلام وإطلاقه في النفي ، والعرب تضرب هذا للمبالغة ، قال الشاعر:
إذا شاب الغراب أتيت أهلي وعاد القار كاللبن الحليب
قوله عز وجل: لهم من جهنم مهاد قال الحسن : فراش من نار ، والمهاد: الوطاء ، ومنه أخذ مهد الصبي. ومن فوقهم غواش فيها ثلاثة أوجه: أحدها: أنها اللحف. والثاني: اللباس. والثالث: الظلل ، قاله الحسن . [ ص: 224 ] والمراد بذلك أن النار من فوقهم ومن تحتهم ، فعبر عما تحتهم بالمهاد ، وعما فوقهم بالغواش.


