قوله عز وجل: فجعلناها حصيدا فيه وجهان: أحدهما: ذاهبا.
الثاني: يابسا. كأن لم تغن بالأمس فيه أربعة تأويلات: أحدها: كأن لم تعمر بالأمس ، قاله الكلبي .
الثاني: كأنه لم تعش بالأمس ، قاله قتادة ، ومنه قول لبيد: [ ص: 431 ]
وغنيت سبتا بعد مجرى داحس لو كان للنفس اللجوج خلود
الثالث: كأن لم تقم بالأمس ، ومن قولهم غني فلان بالمكان إذا أقام فيه ، قاله علي بن عيسى.
الرابع كأن لم تنعم بالأمس ، قاله قتادة أيضا. قوله عز وجل: والله يدعو إلى دار السلام يعني الجنة. وفي تسميتها دار السلام وجهان: أحدهما: لأن السلام هو الله ، والجنة داره.
الثاني: لأنها دار السلامة من كل آفة ، قاله الزجاج . ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم في هدايته وجهان: أحدهما: بالتوفيق والمعونة.
الثاني: بإظهار الأدلة وإقامة البراهين. وفي الصراط المستقيم أربعة تأويلات: أحدها: أنه كتاب الله تعالى ، روى علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصراط المستقيم كتاب الله تعالى) .
الثاني: أنه الإسلام ، رواه النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ ص: 432 ] الثالث: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده أبو بكر وعمر ، قاله الحسن وأبو العالية .
الرابع: أنه الحق ، قاله مجاهد وقتادة . روى جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله يوما فقال: (رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي ، فقال أحدهما لصاحبه: أضرب له مثلا ، فقال: اسمع سمعت أذنك ، واعقل ، عقل قلبك ، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مائدة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه ، فالله الملك ، والدار الإسلام ، والبيت الجنة ، وأنت يا محمد الرسول فمن أجابك دخل في الإسلام ، ومن دخل في الإسلام دخل الجنة ، ومن دخل الجنة أكل مما فيها) ثم تلا قتادة ومجاهد . والله يدعو إلى دار السلام


