وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين   ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون   
قوله عز وجل: وكذلك مكنا ليوسف في الأرض  قال  ابن جرير الطبري:  استخلصه الملك الأكبر الوليد بن الريان  على عمل إظفير  وعزله. قال  مجاهد:  وأسلم على يده. قال  ابن عباس:  ملك بعد سنة ونصف. فروى  مقاتل  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  (لو أن يوسف  قال: إني حفيظ عليم إن شاء الله لملك في وقته ذلك)  . ثم مات إظفير  فزوجه الملك بامرأة إظفير  راعيل  ، فدخل بها يوسف  فوجدها عذراء وولدت له ولدين أفرائيم  ومنشا  ابني يوسف.  ومن زعم أنها زليخا  قال لم يتزوجها يوسف  وأنها لما رأته في موكبه بكت ، ثم قالت: الحمد لله الذي جعل الملوك عبيدا بالمعصية ، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا ، فضمها إليه فكانت في عياله حتى ماتت عنده ولم يتزوجها. يتبوأ منها حيث يشاء  فيه وجهان: 
 [ ص: 53 ] أحدهما: يتخذ من أرض مصر  منزلا حيث يشاء ، قاله  سعيد بن جبير.  
الثاني: يصنع في الدنيا ما يشاء لتفويض الأمر إليه ، قاله  عبد الرحمن بن زيد.  نصيب برحمتنا من نشاء  يعني في الدنيا بالرحمة والنعمة. ولا نضيع أجر المحسنين  يعني في الآخرة بالجزاء. ومنهم من حملها على الدنيا ، ومنهم من حملها على الآخرة ، والأصح ما قدمناه. واختلف فيما أوتيه من هذا الحال على قولين: أحدهما: ثواب من الله تعالى على ما ابتلاه. 
الثاني: أنه أنعم بذلك عليه تفضلا منه ، وثوابه باق على حاله في الآخرة. قوله عز وجل ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون  فيه وجهان: أحدهما: ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا من أجر الدنيا ؛ لأن أجر الآخرة دائم ، وأجر الدنيا منقطع. 
الثاني: ولأجر الآخرة خير ليوسف  من التشاغل بملك الدنيا ونعيمها لما فيه من التبعة. 
				
						
						
