ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى
قوله عز وجل: ولا تمدن عينيك فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد بمد العين النظر.
الثاني: أراد به الأسف. أزواجا أي أشكالا ، مأخوذ من المزاوجة. زهرة الحياة الدنيا قال قتادة: زينة الحياة الدنيا. لنفتنهم فيه يعني فيما متعناهم به من هذه الزهرة ، وفيه وجهان: أحدهما: لنفتنهم أي لنعذبهم به ، قاله ابن بحر.
الثاني: لنميلهم عن مصالحهم وهو محتمل. ورزق ربك خير وأبقى فيه وجهان: أحدهما: أنه القناعة بما يملكه والزهد فيما لا يملكه.
الثاني: وثواب ربك في الآخرة خير وأبقى مما متعنا به هؤلاء في الدنيا. ويحتمل ثالثا: أن يكون الحلال المبقي خيرا من الكثير المطغي. وسبب نزولها ما رواه أبو رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من يهودي طعاما فأبى أن يسلفه إلا برهن ، فحزن وقال: (إني لأمين في السماء وأمين في الأرض ، أحمل درعي إليه) فنزلت هذه الآية.
[ ص: 434 ] وروى أنه لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى: من لم يتأدب بأدب الله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات. قوله عز وجل: وأمر أهلك بالصلاة فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد أهله المناسبين له. والثاني: أنه أراد جميع من اتبعه وآمن به ؛ لأنهم يحلون بالطاعة له محل أهله. واصطبر عليها أي اصبر على فعلها وعلى أمرهم بها.و لا نسألك رزقا نحن نرزقك هذا وإن كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم فالمراد به جميع الخلق أنه تعالى يرزقهم ولا يسترزقهم ، وينفعهم ولا ينتفع بهم ، فكان ذلك أبلغ في الامتنان عليهم. والعاقبة للتقوى أي وحسن العاقبة لأهل التقوى.