قوله تعالى : أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل   [ ص: 354 ] أخرج  الحاكم  وصححه عن المستورد  قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فتذاكروا الدنيا والآخرة فقال بعضهم : إنما الدنيا بلاغ للآخرة، فيها العمل وفيها الصلاة وفيها الزكاة وقالت طائفة منهم : الآخرة فيها الجنة، وقالوا ما شاء الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل أصبعه فيه فما خرج منه فهي الدنيا   . 
وأخرجه  أحمد،   والترمذي  وحسنه،  وابن ماجه  عن المستورد بن شداد  قال : كنت في ركب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر بسخلة ميتة فقال : أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها؟ قالوا : من هوانها ألقوها يا رسول الله قال : فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه عن  ابن مسعود  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل الدنيا قليلا، وما بقي منها إلا القليل كالثغب يعني الغدير شرب صفوه وبقي كدره  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه عن  ابن عباس  قال : دخل  عمر  على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال : يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا فقال : ما لي وللدنيا، وما للدنيا وما لي والذي نفسي بيده  [ ص: 355 ] ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة ثم راح وتركها  . 
وأخرج  ابن أبي شيبة   وأحمد  ،  والترمذي  وصححه،  وابن ماجه   والحاكم  عن  ابن مسعود  أن النبي صلى الله عليه وسلم نام على حصير، فقام وقد أثر في جنبه فقلنا : يا رسول الله : لو اتخذنا لك فقال : ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه عن سهل  قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة  فرأى شاة شائلة برجلها فقال : أترون هذه الشاة هينة على صاحبها؟ قالوا : نعم يا رسول الله، قال : والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه  والبيهقي  في "شعب الإيمان" عن  أبي موسى الأشعري  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن  [ ص: 356 ] أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى  . 
وأخرج  الحكيم الترمذي  في "نوادر الأصول"،  وابن أبي الدنيا  في كتاب "المنامات"  والحاكم  وصححه  والبيهقي  عن  النعمان بن بشير  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوها، فالله الله في إخوانكم من أهل القبور فإن أعمالكم تعرض عليهم  . 
وأخرج  الترمذي   والحاكم  وصححه  والبيهقي  عن  قتادة بن النعمان  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أحب الله عبدا حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه الماء  . 
وأخرج  أحمد  ،  والحاكم  وصححه  والبيهقي  عن أبي مالك الأشعري  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حلوة الدنيا مرة الآخرة، ومرة الدنيا حلوة الآخرة  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه  والبيهقي  عن  أبي جحيفة  قال : أكلت لحما  [ ص: 357 ] كثيرا وثريدا ثم جئت فقعدت حيال النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ فقال : أقصر من جشائك؛ فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه  والبيهقي  عن  عائشة  قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا  عائشة  إن أردت اللحوق بي فليكفك من الدنيا كزاد الراكب، ولا تستخلفي ثوبا حتى ترقعيه وإياك ومجالسة الأغنياء  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه وضعفه الذهبي  عن سعد بن طارق  عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعمت الدار الدنيا لمن تزود منها لآخرته حتى يرضي ربه وبئست الدار لمن صدته عن آخرته وقصرت به عن رضا ربه، وإذا قال العبد : قبح الله الدنيا، قالت الدنيا : قبح الله أعصانا لربه  . 
وأخرج  ابن ماجه   والحاكم  وصححه  والبيهقي  ، عن  سهل بن سعد  أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ رجلا فقال : ازهد الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس  . 
 [ ص: 358 ] وأخرج  أحمد  ،  والحاكم  عن  عبد الله بن عمرو  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدنيا سجن المؤمن وسنته، فإذا خرج من الدنيا فارق السجن والسنة  . 
وأخرج  الحاكم   والبيهقي  عن  حذيفة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء، ومن لم يتق الله فليس من الله في شيء ومن لم يهتم للمسلمين فليس منهم  . 
وأخرج  ابن أبي شيبة   وأحمد  في الزهد  والحاكم  وصححه عن  الأعمش  عن  أبي سفيان  عن أشياخه قال : دخل  سعد  على  سلمان  يعوده فبكى، فقال  سعد :  ما يبكيك يا أبا عبد الله؟  توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك، قال : ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدا، قال : ليكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب، وحولي هذه الأساودة قال : وإنما حوله  [ ص: 359 ] إجانة وجفنة ومطهرة  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه عن  أنس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همتهم إلا الدنيا ليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم  . 
وأخرج  الحاكم  وصححه، وضعفه الذهبي  عن  ابن مسعود  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا، ولا يزدادون من الله إلا بعدا  . 
وأخرج  ابن أبي شيبة   وأحمد  ، في "الزهد" عن  سفيان  قال : كتب  عمر  إلى  أبي موسى الأشعري :  إنك لن تنال عمل الآخرة بشيء أفضل من الزهد في الدنيا  . وأخرج  أحمد  عن  أبي الدرداء  قال : لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح ذبابة ما سقى فرعون  منها شربة ماء  . 
 [ ص: 360 ] وأخرج  ابن أبي شيبة   وأحمد  ،  ومسلم  ،  والترمذي   والنسائي  ،  وابن ماجه  ،  وابن أبي حاتم  ،  وابن مردويه  ، عن المستورد  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ثم يرفعها، فلينظر بم يرجع  . 
وأخرج  عبد الله بن أحمد  في "زوائد الزهد"،  وابن أبي حاتم  ،  وابن مردويه  ، عن  أبي عثمان النهدي  قال : قلت يا  أبا هريرة :  سمعت إخواني بالبصرة  يزعمون أنك تقول : سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة فقال  أبو هريرة :  بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة ثم تلا هذه الآية : فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل  فالدنيا ما مضى منها إلى ما بقي منها عند الله قليل وقال الله : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة   [البقرة : 245] فكيف الكثير عند الله تعالى إذا كانت الدنيا ما مضى منها وما بقي عند الله قليل؟ 
وأخرج  ابن أبي حاتم  عن  الأعمش  في قوله : فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل  قال : كزاد الراعي  . 
 [ ص: 361 ] وأخرج  ابن أبي حاتم  عن أبي حازم  قال : لما حضرت  عبد العزيز بن مروان  الوفاة قال : ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه . فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال : أما لي من كثير؟ ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟! ثم ولى ظهره وبكى وقال : أف لك من دار إن كان كثيرك لقليل، وإن كان قليلك لقصر، وإن كنا منك لفي غرور  . 
				
						
						
