قوله تعالى : هذان خصمان اختصموا في ربهم    . 
أخرج  سعيد بن منصور  ،  وابن أبي شيبة  ،  وعبد بن حميد  ،  والبخاري  ،  ومسلم  ،  والترمذي  ،  وابن ماجه  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  والطبراني  ،  وابن مردويه  ،  والبيهقي  في " الدلائل " عن  أبي ذر  أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية : هذان خصمان اختصموا في ربهم  إلى قوله : إن الله يفعل ما يريد  نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين بارزوا يوم بدر،  وهم :  حمزة بن عبد المطلب   وعبيدة بن الحارث،   وعلي بن أبي طالب  وعتبة  وشيبة  ابنا ربيعة،   والوليد بن عتبة   . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  والحاكم  وصححه ،  وابن مردويه  ، عن  علي بن أبي طالب  قال : نزلت : هذان خصمان اختصموا في ربهم  في الذين بارزوا يوم بدر،   حمزة   وعلي   وعبيدة بن الحارث،  وعتبة  وشيبة بن ربيعة،   والوليد بن عتبة  ، قال  علي   : أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة . 
 [ ص: 437 ] وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  والبخاري   والنسائي  ،  وابن جرير  ،  والبيهقي  من طريق قيس بن عباد،  عن  علي  قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة ، قال قيس   : وفيهم نزلت : هذان خصمان اختصموا في ربهم  قال : هم الذين بارزوا يوم بدر   :  علي   وحمزة  وعبيدة  وشيبة بن ربيعة  وعتبة بن ربيعة   والوليد بن عتبة   . 
وأخرج  ابن مردويه  ، عن  ابن عباس  قال : لما بارز  علي   وحمزة  وعبيدة  ، وعتبة  وشيبة  والوليد،  قالوا لهم : تكلموا نعرفكم ، قال : أنا  علي  وهذا  حمزة  وهذا عبيدة  ، فقالوا : أكفاء كرام! فقال  علي   : أدعوكم إلى الله وإلى رسوله ، فقال عتبة   : هلم للمبارزة ، فبارز  علي  شيبة  فلم يلبث أن قتله، وبارز  حمزة  عتبة  فقتله، وبارز عبيدة  الوليد  فضعف عليه، فأتى  علي  فقتله ، فأنزل الله : هذان خصمان  الآية . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  عن  أبي العالية  قال : لما التقوا يوم بدر  قال لهم عتبة بن ربيعة   : لا تقتلوا هذا الرجل؛ فانه إن يك صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يك كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه ، فقال أبو جهل بن هشام   : لقد امتلأت  [ ص: 438 ] رعبا ، فقال عتبة   : ستعلم أينا الجبان المفسد لقومه ، قال : فبرز عتبة بن ربيعة  وشيبة بن ربيعة   والوليد بن عتبة  فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا : ابعث إلينا أكفاءنا نقاتلهم . فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج،  فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجلسوا ، قوموا يا بني هاشم   . فقام  حمزة بن عبد المطلب   وعلي بن أبي طالب   وعبيدة بن الحارث،  فبرزوا لهم، فقال عتبة   : تكلموا نعرفكم، إنكم إن تكونوا أكفاءنا قاتلناكم . قال  حمزة   : أنا  حمزة بن عبد المطلب  ، أنا أسد الله وأسد رسوله ، فقال عتبة   : كفؤ كريم . فقال  علي بن أبي طالب   : أنا  علي  ، فقال : كفؤ كريم، فقال عبيدة  ، أنا عبيدة بن الحارث  ، فقال عتبة   : كفؤ كريم . فأخذ  حمزة  شيبة بن ربيعة،  وأخذ  علي بن أبي طالب  عتبة بن ربيعة،  وأخذ عبيدة بن الحارث  الوليد  ، فأما  حمزة  فأجاز على شيبة،  وأما  علي  فاختلفا ضربتين فقام فأجاز على عتبة،  وأما عبيدة  فأصيبت رجله ، قال : فرجع هؤلاء، وقتل هؤلاء، فنادى أبو جهل  وأصحابه : لنا العزى ولا عزى لكم، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله مولانا ولا مولى لكم . ونادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ، فأنزل الله : هذان خصمان اختصموا في ربهم  الآية . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن لاحق بن حميد  قال : نزلت هذه الآية يوم بدر   : هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار  في عتبة بن ربيعة  وشيبة بن ربيعة   والوليد بن عتبة  ، ونزلت : إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات  إلى قوله : وهدوا إلى صراط الحميد   [ ص: 439 ] في  علي بن أبي طالب   وحمزة   وعبيدة بن الحارث   . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  عن  مجاهد  في قوله : هذان خصمان اختصموا في ربهم  قال : مثل المؤمن والكافر اختصامهما في البعث . 
وأخرج  ابن جرير  عن  مجاهد   وعطاء بن أبي رباح   والحسن  قال : هم الكافرون والمؤمنون اختصموا في ربهم . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن مردويه  ، عن  ابن عباس  في قوله : هذان خصمان اختصموا في ربهم  قال : هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين : نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا، ونبينا قبل نبيكم . وقال المؤمنون : نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم، وبما أنزل الله من كتاب، وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا، ثم تركتموه وكفرتم به حسدا . فكان ذلك خصومتهم في ربهم . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  قتادة  قال : اختصم المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم . وقال المسلمون : كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء، فنحن أولى بالله منكم . فأفلج الله أهل الإسلام  [ ص: 440 ] على من ناوأهم، فأنزل الله : هذان خصمان اختصموا في ربهم  إلى قوله : عذاب الحريق   . 
وأخرج  ابن جرير  عن  عكرمة  في قوله : هذان خصمان اختصموا في ربهم  قال : هما الجنة والنار اختصمتا، فقالت النار : خلقني الله لعقوبته ، وقالت الجنة : خلقني الله لرحمته . 
وأخرج  ابن جرير  عن  مجاهد   : فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار  قال : الكافر قطعت له ثياب من نار، والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الأنهار . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  سعيد بن جبير  في قوله : قطعت لهم ثياب من نار  من نحاس وليس من الآنية شيء إن أحمي أشد حرا منه ، وفي قوله : يصب من فوق رءوسهم الحميم  قال : النحاس يذاب على رؤوسهم ، وفي قوله : يصهر به ما في بطونهم  قال : تسيل أمعاؤهم ( والجلود   ) قال : تتناثر جلودهم حتى يقوم كل عضو بحياله . 
 [ ص: 441 ] وأخرج  ابن أبي حاتم  عن إبراهيم التيمي  أنه قرأ قوله : قطعت لهم ثياب من نار  قال : سبحان من قطع من النار ثيابا . 
وأخرج  أبو نعيم  في " الحلية " عن  وهب بن منبه  قال : كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم، وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					