قوله تعالى : ولا تجسسوا .
أخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في شعب الإيمان عن والبيهقي في قوله : ابن عباس ولا تجسسوا قال : . نهى الله المؤمن أن يتبع عورات المؤمن
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، ، عن وابن المنذر مجاهد : ولا تجسسوا قال : خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله .
وأخرج عبد بن حميد، عن وابن جرير، قال : هل تدرون قتادة هو أن تتبع عيب أخيك فتطلع على سره . ما التجسس؟
[ ص: 569 ] وأخرج ، عبد الرزاق وعبد بن حميد في مكارم الأخلاق عن والخرائطي زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف عن عن المسور بن مخرمة أنه حرس مع عبد الرحمن بن عوف ليلة عمر بن الخطاب المدينة، فبينما هم يمشون شب لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه، فلما دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال وأخذ بيد عمر أتدري بيت من هذا؟ قال : هذا بيت عبد الرحمن بن عوف : ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى؟ قال : أرى أن قد أتينا ما نهى الله عنه قال الله : ولا تجسسوا فقد تجسسنا فانصرف عنهم وتركهم . عمر
وأخرج ، سعيد بن منصور ، عن وابن المنذر أن الشعبي فقد رجلا من أصحابه فقال عمر بن الخطاب انطلق بنا إلى منزل فلان فننظر فأتيا منزله فوجدا بابه مفتوحا وهو جالس وامرأته تصب له في إناء فتناوله إياه، فقال لابن عوف : عمر هذا الذي شغله عنا فقال لابن عوف : ابن عوف وما يدريك ما في الإناء فقال لعمر أتخاف أن يكون هذا التجسس؟ قال : بل هو التجسس قال : وما التوبة من هذا؟ قال : لا تعلمه بما اطلعت عليه من أمره ولا يكونن في نفسك إلا خير ثم انصرفا . عمر :
[ ص: 570 ] وأخرج ، سعيد بن منصور ، عن وابن المنذر قال : أتى الحسن رجل فقال : إن فلانا لا يصحو . فدخل عليه عمر بن الخطاب فقال : إني لأجد ريح شراب يا فلان، أنت بهذا؟ فقال الرجل : يا عمر، وأنت بهذا، ألم ينهك الله أن تتجسس؟ فعرفها ابن الخطاب فانطلق وتركه . عمر،
وأخرج ، عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأبو داود، ، وابن المنذر وابن مردويه، في "شعب الإيمان" عن والبيهقي قال : أتي زيد بن وهب فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمرا . فقال ابن مسعود عبد الله : إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به .
وأخرج ، أبو داود ، وابن المنذر عن وابن مردويه، قال : أبي برزة الأسلمي خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تتبعوا عورات المسلمين؛ فإنه من اتبع عورات المسلمين فضحه الله في قعر بيته .
وأخرج في "مكارم الأخلاق" عن الخرائطي ثور الكندي، أن عمر بن [ ص: 571 ] الخطاب كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى، فتسور عليه، فوجد عنده امرأة وعنده خمرا، فقال : يا عدو الله، أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته . فقال : وأنت يا أمير المؤمنين، لا تعجل علي؛ إن أكن عصيت الله في واحدة فقد عصيت الله في ثلاث؛ قال الله : ولا تجسسوا وقد تجسست، وقال : وأتوا البيوت من أبوابها [البقرة : 189] وقد تسورت علي، ودخلت علي بغير إذن، وقال الله : لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها [النور : 27] قال فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال : نعم فعفا عنه وخرج وتركه . عمر :
وأخرج ابن مردويه عن والبيهقي قال : البراء بن عازب خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق في الخدور ينادي بأعلى صوته : يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته .
وأخرج عن ابن مردويه قال : بريدة صلينا الظهر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انفتل أقبل علينا غضبان متنفرا ينادي بصوت أسمع العواتق في جوف [ ص: 572 ] الخدور : يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تذموا المسلمين، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من تطلب عورة أخيه المسلم هتك الله ستره، وأبدى عورته، ولو كان في جوف بيته .
وأخرج عن ابن مردويه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته حتى يخرقها عليه في بطن بيته .
وأخرج عن البيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي ذر من أشاد على مسلم عورة يشينه بها بغير حق شانه الله بها في الحق يوم القيامة .
وأخرج عن الحكيم الترمذي، قال : جبير بن نفير صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بالناس صلاة الصبح فلما فرغ أقبل بوجهه على الناس رافعا صوته حتى كاد يسمع من في الخدور، وهو يقول : يا معشر الذين أسلموا بألسنتهم ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا [ ص: 573 ] عثراتهم فإنه من يتبع عثرة أخيه المسلم يتبع الله عثرته، ومن يتبع الله عثرته يفضحه وهو في قعر بيته . فقال قائل : يا رسول الله، وهل على المسلمين من ستر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستور الله على المؤمن أكثر من أن تحصى؛ إن المؤمن ليعمل بالذنوب فيهتك عنه سترا سترا حتى لا يبقى عليه منها شيء، فيقول الله للملائكة : استروا على عبدي من الناس؛ فإن الناس يعيرون ولا يغيرون . فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس، فإن تاب قبل الله منه، ورد عليه ستوره، ومع كل ستر تسعة أستار، فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة : ربنا إنه قد غلبنا وأقذرنا . فيقول الله : استروا عبدي من الناس؛ فإن الناس يعيرون ولا يغيرون . فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس فإن تاب قبل الله منه، وإن عاد قالت الملائكة : ربنا إنه قد غلبنا وأقذرنا . فيقول الله للملائكة : تخلوا عنه فلو عمل ذنبا في بيت مظلم في ليلة [ ص: 574 ] مظلمة في جحر أبدى الله عنه وعن عورته .
وأخرج عن الحكيم الترمذي، قال : المؤمن في سبعين حجابا من نور، فإذا عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك الله عنه حجابا من تلك الحجب، فلا يزال كلما عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك الله عنه حجابا من تلك الحجب، فإذا عمل كبيرة من تلك الكبائر هتك الله عنه تلك الحجب كلها إلا حجاب الحياء وهو أعظمها حجابا، فإن تاب تاب الله عليه، ورد تلك الحجب كلها، فإن عمل خطيئة بعد الكبائر ثم تناساها حتى يعمل أخرى قبل أن يتوب هتك حجاب الحياء، فلم تلقه إلا مقيتا ممقتا، فإذا كان مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا كان خائنا مخونا نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا فظا غليظا، فإذا كان فظا غليظا نزعت منه ربقة الإسلام، فإذا نزعت منه ربقة الإسلام لم تلقه إلا لعينا ملعنا شيطانا رجيما . سلمان الفارسي
[ ص: 575 ]