قوله تعالى : لله ما في السماوات الآية .
[ ص: 411 ] أخرج ، سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر من طريق وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال : نزلت في الشهادة .
وأخرج ، ابن جرير ، من طريق وابن المنذر مقسم ، عن في قوله : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه الآية ، قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها .
وأخرج ، أحمد ، ومسلم في " ناسخه " ، وأبو داود ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : أبي هريرة لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جثوا على الركب فقالوا : يا رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق ؛ الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير " فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه الآية ، فلما فعلوا ذلك نسخها الله ، فأنزل الله : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخرها . لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وأخرج ، أحمد ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم في " الأسماء والصفات " ، عن والبيهقي قال : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله دخل في قلوبهم منه شيء لم يدخل من شيء فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا " . فألقى الله الإيمان في قلوبهم ، فأنزل الله : آمن الرسول الآية - لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال : قد فعلت ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا قال : قد فعلت . ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به . قال : قد فعلت . واعف عنا واغفر لنا وارحمنا الآية قال : قد فعلت . لما نزلت هذه الآية :
وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر قال : مجاهد فقلت : كنت عند ابن عباس فقرأ هذه الآية فبكى ، قال : أية آية ؟ قلت : ابن عمر وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال : إن هذه الآية حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غما شديدا [ ص: 413 ] وغاظتهم غيظا شديدا وقالوا : يا رسول الله ، هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل ، فأما قلوبنا فليست بأيدينا . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا سمعنا وأطعنا ، قال : فنسختها هذه الآية : ابن عباس آمن الرسول إلى : وعليها ما اكتسبت فتجوز لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال . دخلت على
وأخرج ، عبد بن حميد في " ناسخه " ، وأبو داود وابن جرير ، والطبراني في " الشعب " عن والبيهقي سعيد بن مرجانة ، أنه بينما هو جالس مع تلا هذه الآية : عبد الله بن عمر وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه الآية ، فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن . ثم بكى حتى سمع نشيجه ، قال ابن مرجانة : فقمت حتى أتيت فذكرت له ما قال ابن عباس وما فعل حين تلاها . فقال ابن عمر : يغفر الله ابن عباس لأبي عبد الرحمن، لعمري، لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد فأنزل الله بعدها : عبد الله بن عمر، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة . قال : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها ، وصار الأمر إلى أن قضى الله أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت من القول والعمل . ابن عباس
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن جرير في " ناسخه " ، والنحاس وصححه ، عن والحاكم أن أباه قرأ : سالم وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فدمعت عيناه ، فبلغ صنيعه فقال : يرحم الله ابن عباس لقد صنع كما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت، فنسختها الآية التي بعدها : أبا [ ص: 414 ] عبد الرحمن، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وأخرج ، ابن أبي شيبة في " الزهد " ، وأحمد ، عن وعبد بن حميد قال : لقلما أتى نافع على هذه الآية إلا بكى : ابن عمر وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه إلى آخر الآية . ويقول : إن هذا لإحصاء شديد .
وأخرج ، البخاري في " الشعب " ، عن والبيهقي مروان الأصغر، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحسبه : ابن عمر وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال : نسختها الآية التي بعدها .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن والترمذي ، قال : لما نزلت هذه الآية : علي وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية . أحزنتنا ، قلنا : أيحدث أحدنا نفسه فيحاسب به ؟ لا ندري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر منه ؟ فنزلت هذه الآية بعدها فنسختها : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ،
واخرج ، سعيد بن منصور ، وابن جرير ، عن والطبراني في الآية قال : كانت المحاسبة قبل أن تنزل : ابن مسعود لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت . فلما [ ص: 415 ] نزلت نسخت الآية التي كانت قبلها .
وأخرج ، من طريق ابن جرير ، عن قتادة أم المؤمنين في الآية قال : نسختها : عائشة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت .
وأخرج ، سفيان ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن وابن المنذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة . " إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم وتعمل به "
وأخرج ، الفريابي ، وعبد بن حميد ، عن وابن المنذر قال : محمد بن كعب القرظي ما بعث الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلا أنزل عليه هذه الآية : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير فكانت الأمم تأبى على أنبيائها ورسلها ويقولون : نؤاخذ بما نحدث به أنفسنا [ ص: 416 ] ولم تعمله جوارحنا فيكفرون ويضلون ، فلما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم قبلهم . فقالوا : يا رسول الله ، أنؤاخذ بما نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا ؟ قال : " نعم، فاسمعوا وأطيعوا واطلبوا إلى ربكم " . فذلك قوله : آمن الرسول الآية . فوضع الله عنهم حديث النفس إلا ما عملت الجوارح لها ما كسبت من خير وعليها ما اكتسبت من شر ، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قال : فوضع عنهم الخطأ والنسيان ، ربنا ولا تحمل علينا إصرا الآية . قال : فلم يكلفوا ما لم يطيقوا ولم يحمل عليهم الإصر الذي جعل على الأمم قبلهم ، وعفا عنهم وغفر لهم ونصرهم .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق وابن أبي حاتم علي ، عن في قوله : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فذلك سر أمرك وعلانيتك ، يحاسبكم به الله فإنها لم تنسخ ، ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول : إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي ؛ فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم وهو قوله : يحاسبكم به الله يقول : يخبركم وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب ، وهو قوله : ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم [ ص: 417 ] وأخرج ، عبد بن حميد في " ناسخه " ، وأبو داود ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن والنحاس في قوله : مجاهد وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال : من اليقين والشك .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فذلك سر عملك وعلانيته، يحاسبكم به الله فما من عبد مؤمن يسر في نفسه خيرا ليعمل به فإن عمل به كتبت له عشر حسنات، وإن هو لم يقدر له أن يعمل كتبت له به حسنة من أجل أنه مؤمن، والله يرضى سر المؤمنين وعلانيتهم، وإن كان سوءا حدث به نفسه اطلع الله عليه أخبره الله به يوم تبلى السرائر، فإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به، فإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال : أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم .
وأخرج في " ناسخه " ، عن أبو داود قال : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله : نسخت فقال : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ ص: 418 ] وأخرج ، الطبراني في " الشعب " ، عن والبيهقي في قوله : ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال : لما نزلت اشتد ذلك على المسلمين وشق عليهم ، فنسخها الله، فأنزل الله : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وأخرج في " مسند الشاميين " ، عن الطبراني قال : ابن عباس لما نزلت : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه الآية . أتى أبو بكر وعمر ومعاذ بن جبل وسعد بن زرارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ما نزل علينا آية أشد من هذه .
وأخرج ، من طريق ابن جرير ، عن الضحاك في الآية قال : إن الله يقول يوم القيامة : إن كتابي لم يكتبوا من أعمالكم إلا ما ظهر منها، فأما ما أسررتم في أنفسكم فأنا أحاسبكم به اليوم فأغفر لمن شئت وأعذب من شئت . ابن عباس
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في الآية قال : هي محكمة لم ينسخها شيء ، يعرفه الله يوم القيامة أنك أخفيت في صدرك كذا وكذا ولا يؤاخذه . [ ص: 419 ] وأخرج الربيع بن أنس ، الطيالسي ، وأحمد وحسنه ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في " الشعب " ، والبيهقي أمية أنها سألت عن قول الله تعالى : عائشة وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله وعن قوله : من يعمل سوءا يجز به . فقالت : ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هذه معاتبة الله العبد فيما يصيبه من الحمى والنكبة حتى البضاعة يضعها في يد قميصه فيفقدها فيفزع لها ثم يجدها في ضبنه حتى أن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير . عن
وأخرج ، سعيد بن منصور ، من طريق وابن جرير ، عن الضحاك في قوله : عائشة وإن تبدوا ما في أنفسكم الآية ، قالت : هو الرجل يهم بالمعصية ولا يعملها فيرسل عليه من الغم والحزن بقدر ما كان هم من المعصية ، فتلك محاسبته . [ ص: 420 ] وأخرج ، عن ابن جرير قالت : كل عبد هم بسوء ومعصية وحدث به نفسه حاسبه الله به في الدنيا يخاف ويحزن ويشتد همه لا يناله من ذلك شيء كما هم بالسوء ولم يعمل منه شيئا . عائشة
وأخرج ، عن عبد بن حميد أنه قرأ : عاصم فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء بالرفع فيهما .
وأخرج عن : أنه قرأ بجزمهما . الأعمش
وأخرج ابن أبي داود في " المصاحف " عن ، أنه قال : في قراءة الأعمش : ( يحاسبكم به الله يغفر لمن يشاء ) بغير فاء . ابن مسعود
وأخرج ، عن ابن أبي حاتم في قوله : مجاهد فيغفر لمن يشاء الآية ، قال : يغفر لمن يشاء الكبير من الذنوب ويعذب من يشاء على الصغير .