قوله تعالى : قل أندعو من دون الله   الآية . 
أخرج  ابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  ابن عباس  قل أندعو من دون الله  هذا مثل ضربه الله للآلهة وللدعاة الذين يدعون إلى الله ، كمثل رجل ضل عن الطريق تائها ضالا ، إذ ناداه مناد : فلان بن فلان هلم إلى الطريق ، وله أصحاب يدعونه : يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق ، فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه في هلكة ، وإن أجاب من يدعو إلى الهدى اهتدى إلى الطريق ، وهذه الداعية التي تدعو في البرية الغيلان ، يقول : مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله ، فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت فيستقبل الهلكة والندامة . 
وقوله : كالذي استهوته الشياطين في الأرض  يقول : أضلته ، وهم الغيلان يدعونه باسمه واسم أبيه وجده ، فيتبعها ، ويرى أنه في شيء ، فيصبح وقد ألقته في هلكة ، وربما أكلته ، أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا ، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله . 
 [ ص: 94 ] وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  السدي  في قوله : قل أندعو من دون الله  الآية ، قال : قال المشركون للمؤمنين : اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد  ، فقال الله : قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا  فهذه الآلهة ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله  فيكون مثلنا كمثل الذي استهوته الشياطين في الأرض  يقول : مثلكم إن كفرتم بعد الإيمان كمثل رجل كان مع قوم على الطريق ، فضل الطريق ، فحيرته الشياطين ، واستهوته في الأرض ، وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون : ائتنا فإنا على الطريق فأبى أن يأتيهم ، فذلك مثل من يتبعكم بعد المعرفة لمحمد  صلى الله عليه وسلم ، ومحمد  صلى الله عليه وسلم الذي يدعو إلى الطريق ، والطريق هو الإسلام . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  وعبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  مجاهد  في قوله : قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا  قال : الأوثان ، وفي قوله : كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران  قال : رجل حيران يدعو أصحابه إلى الطريق ، فذلك مثل من يضل بعد إذ هدي . 
 [ ص: 95 ] وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ، عن  ابن عباس  في قوله : كالذي استهوته الشياطين  الآية ، قال : هو الرجل الذي لا يستجيب لهدى الله ، وهو رجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وجار عن الحق وضل عنه ، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى الله ، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس ، يقول : إن الهدى هدى الله  والضلالة ما يدعو إليه الجن . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ، عن  قتادة  في الآية قال : خصومة علمها الله محمدا  صلى الله عليه وسلم وأصحابه يخاصمون بها أهل الضلالة . 
وأخرج  ابن الأنباري  في المصاحف ، عن  أبي إسحاق  قال : في قراءة عبد الله   " كالذي استهواه الشيطان " . 
وأخرج  ابن جرير  ،  وابن الأنباري  ، عن  أبي إسحاق  قال : في قراءة عبد الله   :  [ ص: 96 ]  " يدعونه إلى الهدى بينا " . 
وأخرج  ابن جرير   وأبو الشيخ  ، عن  مجاهد  قال : في قراءة  ابن مسعود   " يدعونه إلى الهدى بينا " قال : الهدى الطريق إنه بين . 
				
						
						
