قوله تعالى : لقد أرسلنا نوحا   الآية . 
أخرج  ابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ،  وابن عساكر  ، عن  أنس  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  "أول نبي أرسل نوح"  . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ،  وأبو الشيخ  ،  وأبو نعيم  ،  وابن عساكر  ، عن يزيد الرقاشي  قال : إنما سمي نوح  عليه السلام نوحا  ؛ لطول ما ناح على نفسه . 
 [ ص: 436 ] وأخرج  ابن المنذر  ، عن  عكرمة  قال : إنما سمي نوحا  ؛ لأنه كان ينوح على نفسه . 
وأخرج  إسحاق بن بشر  ،  وابن عساكر  ، عن  مقاتل  ، وجويبر  ، أن آدم  حين كبر ورق عظمه قال : يا رب ، إلى متى أكد وأسعى ؟ قال : يا آدم  حتى يولد لك ولد مختون ، فولد له نوح  بعد عشرة أبطن ، وهو يومئذ ابن ألف سنة إلا ستين عاما ، فكان نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس وهو أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم  ، وكان اسم نوح  السكن ، وإنما سمي نوح  السكن ؛ لأن الناس بعد آدم  سكنوا إليه فهو أبوهم ، وإنما سمي نوحا؛  لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، يدعوهم إلى الله ، فإذا كفروا بكى وناح عليهم . 
وأخرج  ابن عساكر  ، عن  وهب  قال : كان بين نوح   [168و] وآدم  عشرة آباء ، وكان بين إبراهيم  ونوح  عشرة آباء . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ،  والحاكم  ، وصححه ، عن  ابن عباس  قال : كان بين آدم   [ ص: 437 ] ونوح  عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق . 
وأخرج  ابن عساكر  ، عن نوف الشامي  قال : خمسة من الأنبياء من العرب  ؛ محمد  ونوح  وهود  وصالح  وشعيب  عليهم الصلاة والسلام . 
وأخرج  إسحاق بن بشر  ،  وابن عساكر  ، عن  ابن عباس  ، أن نوحا  بعث في الألف الثاني ، وإن آدم  لم يمت حتى ولد له نوح  في آخر الألف الأول ، وكان قد فشت فيهم المعاصي ، وكثرت الجبابرة ، وعتوا عتوا كبيرا ، وكان نوح  يدعوهم ليلا ونهارا ، سرا وعلانية ، صبورا حليما ، ولم يلق أحد من الأنبياء أشد مما لقي نوح  ، فكانوا يدخلون عليه فيخنقونه ، ويضرب في المجالس ، ويطرد ، وكان لا يدع على ما يصنع به أن يدعوهم ويقول : يا رب ، اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، فكان لا يزيدهم ذلك إلا فرارا منه ، حتى إنه ليكلم الرجل منهم فيلف رأسه بثوبه ، ويجعل أصابعه في أذنيه ؛ لكيلا يسمع شيئا من كلامه ، فذلك قول الله : جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم   [نوح : 7] ، ثم قاموا من المجلس فأسرعوا المشي وقالوا : امضوا فإنه كذاب ، واشتد عليه البلاء ، وكان ينتظر القرن بعد القرن ، والجيل بعد الجيل ، فلا يأتي  [ ص: 438 ] قرن إلا وهو أخبث من الأول ، وأعتى من الأول ، ويقول الرجل منهم : قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا فلم يزل ، هكذا مجنونا ! وكان الرجل منهم إذا أوصى عند الوفاة يقول لأولاده : احذروا هذا المجنون ، فإنه قد حدثني آبائي أن هلاك الناس على يدي هذا ، فكانوا كذلك يتوارثون الوصية بينهم حتى إن كان الرجل ليحمل ولده على عاتقه ، ثم يقف به عليه ، فيقول : يا بني ، إن عشت ومت أنا فاحذر هذا الشيخ ، فلما طال ذلك به وبهم قالوا : يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين   [هود : 32] . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ،  وابن عساكر  ، عن  قتادة  أن نوحا  بعث من الجزيرة  وهودا  من أرض الشحر  أرض مهرة  ، وصالحا  من الحجر  ، ولوطا  من سدوم  ، وشعيبا  من مدين  ، ومات إبراهيم  ، وآدم  ، وإسحاق  ، ويوسف  بأرض فلسطين  ، وقتل يحيى بن زكريا  بدمشق   . 
وأخرج  ابن عساكر  ، عن  مجاهد  قال : كانوا يضربون نوحا  حتى  [ ص: 439 ] يغشى عليه فإذا أفاق قال : رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  وأحمد  في "الزهد" ،  وأبو نعيم  ،  وابن عساكر  ، من طريق  مجاهد  ، عن  عبيد بن عمير  قال : إن كان نوح  ليضربه قومه حتى يغمى عليه ، ثم يفيق فيقول : اهد قومي فإنهم لا يعلمون ، وقال شقيق   : قال عبد الله   : لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يحكي نبيا من الأنبياء وهو يقول : "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" . 
وأخرج  ابن إسحاق  ،  وابن أبي حاتم  ، من وجه آخر ، عن عبيد بن عمير الليثي  ، نحوه . 
وأخرج  عبد بن حميد  ، عن  عكرمة  قال : كان قوم نوح  يخنقونه حتى تبرق عيناه ، فإذا تركوه قال : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  والبخاري  ،  ومسلم  ،  وابن ماجه  ، عن  ابن مسعود  قال : يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو  [ ص: 440 ] يمسح الدم عن جبينه ، ويقول : « اللهم ، اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون » . 
وأخرج  ابن أبي الدنيا  ،  والبيهقي  في "شعب الإيمان" ، عن أبي مهاجر الرقي  قال : لبث نوح  في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما في بيت من شعر ، فيقال له : يا نبي الله ، ابن بيتا ، فيقول : أموت اليوم ، أموت غدا . 
وأخرج  ابن أبي الدنيا  ،  والبيهقي  ، عن  وهيب بن الورد  قال : بنى نوح  بيتا من قصب ، فقيل له : لو بنيت غير هذا ، فقال : هذا كثير لمن يموت . 
وأخرج  ابن أبي الدنيا  ،  والعقيلي  ،  وابن عساكر  ،  والديلمي  ، عن  عائشة  مرفوعا :  "نوح  كبير الأنبياء ، لم يخرج من خلاء قط إلا قال : الحمد لله الذي أذاقني طعمه ، وأبقى في منفعته ، وأخرج مني أذاه" . 
وأخرج  البخاري  في "تاريخه" ، عن  ابن مسعود  قال : بعث الله نوحا  ، فما أهلك أمته إلا الزنادقة ، ثم نبي فنبي ، والله لا يهلك هذه الأمة إلا الزنادقة . 
 [ ص: 441 ] وأخرج  أبو الشيخ  ، عن سعد بن حسن  قال : كان قوم نوح  عليه السلام يزرعون في الشهر مرتين ، وكانت المرأة تلد أول النهار فيتبعها ولدها في آخره . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  ابن زيد  قال : ما عذب قوم نوح  حتى ما كان في الأرض سهل ولا جبل إلا له عامر يعمره ، وحائز يحوزه . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  زيد بن أسلم  ، أن أهل السهل كان قد ضاق بهم وأهل الجبل ، حتى ما يقدر أهل السهل أن يرتقوا إلى الجبل ، ولا أهل الجبل أن ينزلوا إلى أهل السهل في زمان نوح  قال : حشوا . 
وأخرج  أبو نعيم  في "الحلية" ،  وابن عساكر  ، عن  وهب بن منبه  قال : كان نوح  أجمل أهل زمانه ، وكان يلبس البرقع ، فأصابتهم مجاعة في السفينة ، فكان نوح  إذا تجلى بوجهه لهم شبعوا . 
 [ ص: 442 ] وأخرج  البيهقي  في "شعب الإيمان" ،  وابن عساكر  ، عن  ابن عباس  قال : لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي عسفان  فقال : "لقد مر بهذا الوادي هود  وصالح  ونوح  على بكرات حمر خطمها الليف ، أزرهم العباء ، وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق"   . 
وأخرج  ابن عساكر  ، عن  ابن عمرو  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  "صام نوح  الدهر إلا يوم الفطر والأضحى ، وصام داود  نصف الدهر ، وصام إبراهيم  ثلاثة أيام من كل شهر ؛ صام الدهر وأفطر الدهر" . 
وأخرج  أحمد  ،  والبخاري  في "الأدب المفرد"  والبزار   والحاكم  ،  وابن مردويه  ،  والبيهقي  في "الأسماء والصفات " ، عن  عبد الله بن عمرو  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن نوحا  لما  [ ص: 443 ] حضرته الوفاة قال لابنه : إني قاصر عليك الوصية ؛ آمرك باثنتين ، وأنهاك عن اثنتين ؛ آمرك بـ : لا إله إلا الله ؛ فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ، ووضعت لا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن ، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله ، وسبحان الله وبحمده ، فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء ، وأنهاك عن الشرك والكبر" . قيل يا رسول الله، ما الكبر  ؟ أهو أن يكون للرجل حلة حسنة، وفرس جميل يعجبه جماله؟ قال : "لا؛ الكبر أن تسفه الحق ، وتغمص الناس" . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا  [ ص: 444 ] أعلمكم ما علم نوح  ابنه ؟ قالوا : بلى قال : " قال آمرك أن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، فإن السماوات لو كانت في كفة لرجحت بها ، ولو كانت حلقة قصمتها ، وآمرك بـ : سبحان الله وبحمده ، فإنها صلاة الخلق ، وتسبيح الخلق ، وبها يرزق الخلق" . 
				
						
						
