يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون   
جعل ما في الأرض منزلا من السماء ; لأنه قضي ثم وكتب ، ومنه وأنـزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج  ، والريش لباس الزينة ، استعير من ريش الطير ; لأنه لباسه وزينته ، أي : أنزلنا عليكم لباسين : لباسا يواري سوآتكم ، ولباسا يزينكم ; لأن الزينة غرض صحيح ، كما قال : لتركبوها وزينة   [النحل : 8] . ولكم فيها جمال   [النحل : 6] ، وقرأ  عثمان   - رضي الله عنه - : " ورياشا " ، جمع ريش ، كشعب وشعاب ولباس التقوى   : ولباس الورع والخشية من الله تعالى - وارتفاعه عن الابتداء ، وخبره إما الجملة التي هي : ذلك خير  ، كأنه قيل : ولباس التقوى هو خير ; لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر ، وأما المفرد الذي هو خير ; وذلك صفة للمبتدأ ، كأنه قيل : ولباس التقوى المشار إليه خير ، ولا تخلو الإشارة من أن يراد بها تعظيم لباس التقوى ، أو أن تكون إشارة إلى اللباس المواري للسوأة ; لأن مواراة السوأة من التقوى ، تفضيلا له على لباس الزينة ، وقيل : لباس التقوى خبر مبتدأ محذوف ، أي : وهو لباس التقوى ، ثم قيل : ذلك خير ، وفي قراءة عبد الله   وأبي :   "ولباس التقوى خير" ، وقيل : المراد بلباس التقوى : ما يلبس من الدروع ، والجواشن ، والمغافر ، وغيرها مما يتقى به في الحروب ، وقرئ : " ولباس التقوى" ، بالنصب عطفا على "لباسا" و “ ريشا" ذلك من آيات الله   : الدالة على فضله ورحمته على عباده ، يعني : إنزال اللباس لعلهم يذكرون   : فيعرفوا عظيم النعمة فيه ، وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوآت ، وخصف الورق عليها ; إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس ، ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة ، وإشعارا بأن التستر باب عظيم من أبواب التقوى . 
				
						
						
