يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم
[ ص: 602 ] في أيديكم : في ملكتكم ، كأن أيديكم قابضة عليهم ، وقرئ : "من الأسرى" في قلوبكم خيرا : خلوص إيمان وصحة نية يؤتكم خيرا مما أخذ منكم : من الفداء ، إما أن يخلفكم في الدنيا أضعافه ، أو يثيبكم في الآخرة ، وفي قراءة الأعمش : "يثبكم خيرا" ، وعن العباس - رضي الله عنه - أنه قال : "كنت مسلما ، لكنهم استكرهوني ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إن يكن ما تذكره حقا فالله يجزيك" فأما ظاهر أمرك ، فقد كان علينا وكان أحد الذين ضمنوا إطعام أهل بدر وخرج بالذهب لذلك . وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس : "افد ابني أخيك عقيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث " ، فقال : يا محمد ، تركتني أتكفف قريشا ما بقيت ، فقال له : "فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها : لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا ، فإن حدث بي حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل" ، فقال العباس : وما يدريك؟ قال : "أخبرني به ربي" قال العباس : فأنا أشهد أنك صادق ، وأن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله ، والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ، ولقد دفعته إليها في سواد الليل ، ولقد كنت مرتابا في أمرك ، فأما إذ أخبرتني بذلك فلا ريب ، قال العباس - رضي الله عنه - : فأبدلني الله خيرا من ذلك ، لي الآن عشرون عبدا ، إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفا ، وأعطاني زمزم ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة ، وأنا أنتظر المغفرة من ربي ، وروي أنه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مال البحرين ثمانون ألفا ، فتوضأ لصلاة الظهر ، وما صلى حتى فرقه ، وأمر العباس أن يأخذ منه ما قدر على حمله ، وكان يقول : هذا خير مما أخذ مني وأرجو المغفرة ، وقرأ الحسن وشيبة : "مما أخذ منكم" ، على البناء للفاعل .


