إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين
في كتاب الله : فيما أثبته، وأوجبه من حكمه ورآه حكمة وصوابا، وقيل: في [ ص: 42 ] اللوح، أربعة حرم : ثلاثة سرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد، وهو رجب . ومنه السنة اثنا عشر شهرا: منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، والمعنى: رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه، وعاد الحج في ذي الحجة، وبطل النسيء الذي كان في الجاهلية، وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة، وكان حجة قوله -عليه السلام- في خطبته في حجة الوداع: "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض" -رضي الله عنه- قبلها في ذي القعدة، أبي بكر ذلك الدين القيم : يعني: أن تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم، دين إبراهيم وإسماعيل ، وكانت العرب قد تمسكت به وراثة منهما، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم، ويحرمون القتال فيها، حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه، وسموا رجبا: الأصم ومنصل الأسنة، حتى أحدثت النسيء فغيروا، فلا تظلموا فيهن : في الحرم، أنفسكم : أي: لا تجعلوا حرامها حلالا، وعن : تالله ما يحل للناس أن يغزوا في عطاء الحرم، ولا في الأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا، وما نسخت، وعن -رضي الله عنه-: حلت القتال في الأشهر الحرم براءة من الله ورسوله; وقيل: معناه: لا تأثموا فيهن، بيانا لعظم حرمتهن، كما عظم أشهر الحج [ ص: 43 ] بقوله تعالى: عطاء الخراساني فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ...الآية [البقرة: 197]، وإن كان ذلك محرما في سائر الشهور، كافة : حال من الفاعل أو المفعول، مع المتقين : ناصر لهم، حثهم على التقوى بضمان النصر لأهلها.