وما تلك بيمينك يا موسى   قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى   
( وما تلك   ) استفهام يتضمن استيقاظا لما يريه فيها من العجائب . ( بيمينك   ) حال من معنى الإشارة ، وقيل صلة ( تلك   ) . ( يا موسى   ) تكرير لزيادة الاستئناس والتنبيه . 
( قال هي عصاي   ) وقرئ «عصي » على لغة هذيل   . ( أتوكأ عليها   ) أعتمد عليها إذا أعييت أو وقفت على رأس القطيع . ( وأهش بها على غنمي   ) وأخبط الورق بها على رؤوس غنمي ، وقرئ «أهش » وكلاهما من هش الخبز يهش إذا انكسر لهشاشته ، وقرئ بالسين من الهس وهو زجر الغنم أي أنحى عليها زاجرا لها . 
( ولي فيها مآرب أخرى   ) حاجات أخر مثل أن كان إذا سار ألقاها على عاتقه فعلق بها أدواته ، وعرض الزندين على شعبتيها وألقى عليها الكساء واستظل به ، وإذا قصر الرشاء وصله بها ، وإذا تعرضت السباع لغنمه قاتل بها ، وكأنه صلى الله عليه وسلم فهم أن المقصود من السؤال أن يذكر حقيقتها وما يرى من منافعها ، حتى إذا رآها بعد ذلك على خلاف تلك الحقيقة ووجد منها خصائص أخرى خارقة للعادة مثل أن تشتعل شعبتاه بالليل كالشمع ، وتصيران دلوا عند الاستقاء ، وتطول بطول البئر وتحارب عنه إذا ظهر عدو ، وينبع الماء بركزها ، وينضب بنزعها وتورق وتثمر إذا اشتهى ثمرة فركزها ، على أن ذلك آيات باهرة ومعجزات قاهرة أحدثها الله فيها لأجله وليست من خواصها ، فذكر حقيقتها ومنافعها مفصلا ومجملا على معنى أنها من جنس العصي تنفع منافع أمثالها ليطابق جوابه الغرض الذي فهمه . 
				
						
						
