فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون   
وقوله تعالى : فإذا جاءتهم الحسنة ...  إلخ ، بيان لعدم تذكرهم وتماديهم في الغي ; أي : فإذا جاءتهم السعة والخصب ، وغيرهما من الخيرات . 
قالوا لنا هذه   ; أي : لأجلنا واستحقاقنا لها . 
وإن تصبهم سيئة   ; أي : جدب وبلاء . 
يطيروا بموسى ومن معه   ; أي : يتشاءموا بهم ، ويقولوا : ما أصابتنا إلا بشؤمهم ، وهذا كما ترى شاهد بكمال قساوة قلوبهم ، ونهاية جهلهم وغباوتهم ، فإن الشدائد ترقق القلوب وتلين العرائك ، لا سيما بعد مشاهدة الآيات ، وقد كانوا بحيث لم يؤثر فيهم شيء منها ، بل ازدادوا عتوا وعنادا . 
وتعريف الحسنة وذكرها بأداة التحقيق ، للإيذان بكثرة وقوعها ، وتعلق الإرادة بها بالذات ، كما أن تنكير السيئة وإيرادها بحرف الشك ، للإشعار بندرة وقوعها وعدم تعلق الإرادة بها إلا بالعرض . 
وقوله تعالى : ألا إنما طائرهم عند الله  استئناف مسوق من قبله تعالى لرد مقالتهم الباطلة ، وتحقيق الحق في ذلك وتصديره بكلمة التنبيه ، لإبراز كمال العناية بمضمونه ; أي : ليس سبب خيرهم إلا عنده تعالى ، وهو حكمه ومشيئته المتضمنة للحكم والمصالح ، أو ليس سبب شؤمهم - وهو أعمالهم السيئة - إلا عنده تعالى ; أي : مكتوبة لديه ، فإنها التي ساقت إليهم ما يسوؤهم لا ما عداها ، وقرئ : ( إنما طيرهم ) وهو اسم جمع طائر ، وقيل : جمع له . 
ولكن أكثرهم لا يعلمون  ذلك ، فيقولون كما يقولون مما حكي عنهم ، وإسناد عدم العلم إلى أكثرهم ، للإشعار بأن بعضهم يعلمون أن ما أصابهم من الخير والشر من جهة الله تعالى ، أو يعلمون أن ما أصابهم من المصائب والبلايا ليس إلا بما كسبت أيديهم ، ولكن لا يعملون بمقتضاه عنادا واستكبارا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					