واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين   
واتل عليهم  عطف  [ ص: 292 ] على المضمر العامل في إذ أخذ ، وارد على نمطه في الإنباء عن الحور بعد الكور ، والضلالة بعد الهدى ; أي : واتل على اليهود . 
نبأ الذي آتيناه آياتنا   ; أي : خبره الذي له شأن وخطر ، وهو أحد علماء بني إسرائيل ، وقيل : هو بلعم بن باعوراء  ، أو بلعام بن باعر  ، من الكنعانيين ، أوتي علم بعض كتب الله تعالى . 
وقيل : هو أمية بن أبي الصلت  ، وكان قد قرأ الكتب ، وعلم أن الله تعالى مرسل في ذلك الزمان رسولا ، ورجا أن يكون هو الرسول ، فلما بعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم حسده وكفر به ، والأول هو الأنسب بمقام توبيخ اليهود بهناتهم . 
فانسلخ منها   ; أي : من تلك الآيات انسلاخ الجلد من الشاة ، ولم يخطرها بباله أصلا ، أو خرج منها بالكلية بأن كفر بها ، ونبذها وراء ظهره ، وأيا ما كان ; فالتعبير عنه بالانسلاخ المنبئ عن اتصال المحيط بالمحاط خلقة ، وعن عدم الملاقاة بينهما أبدا ; للإيذان بكمال مباينته للآيات بعد أن كان بينهما كمال الاتصال . 
فأتبعه الشيطان   ; أي : تبعه حتى لحقه وأدركه ، فصار قرينا له ، وهو المعنى على قراءة ( فاتبعه ) من الافتعال ، وفيه تلويح بأنه أشد من الشيطان غواية ، أو أتبعه خطواته . 
فكان من الغاوين  فصار من زمرة الضالين الراسخين في الغواية ، بعد أن كان من المهتدين ، وروي أن قومه طلبوا إليه أن يدعوا على موسى  عليه السلام ، فقال : كيف أدعو على من معه الملائكة ، فلم يزالوا به حتى فعل ; فبقوا في التيه ، ويرده أن التيه كان لموسى  عليه السلام روحا وراحة ، وإنما عذب به بنو إسرائيل ، وقد كان ذلك بدعائه عليه السلام عليهم ، كما مر في سورة المائدة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					