الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون

                                                                                                                                                                                                                                      سيحلفون بالله لكم تأكيد لمعاذيرهم الكاذبة، وتقريرا لها، والسين للتأكيد، والمحلوف عليه محذوف، يدل عليه الكلام، وهو ما اعتذروا به من الأكاذيب، والجملة بدل من (يعتذرون) أو بيان له إذا انقلبتم أي: انصرفتم من الغزو إليهم ومعنى الانقلاب هو الرجوع والانصراف مع زيادة معنى الوصول والاستيلاء، وفائدة تقييد حلفهم به الإيذان بأنه ليس لدفع ما خاطبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - به من قوله تعالى: "لا تعتذروا" ... إلخ، بل هو أمر مبتدأ.

                                                                                                                                                                                                                                      لتعرضوا وتصفحوا عنهم صفح رضا فلا توبخوهم ولا تعاتبوهم، كما يفصح عنه قوله تعالى: لترضوا عنهم ، فأعرضوا عنهم لكن لا إعراض رضا كما هو طلبتهم، بل إعراض اجتناب ومقت، كما يعرب عنه قوله عز وجل إنهم رجس فإنه صريح في أن المراد بـ"الإعراض عنهم" إما الاجتناب عنهم لما فيهم من الرجس الروحاني، وإما ترك استصلاحهم بترك المعاتبة؛ لأن المقصود بها التطهير بالحمل على الإنابة، وهؤلاء أرجاس لا تقبل التطهير فلا يتعرض لهم بها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله عز وعلا: ومأواهم جهنم إما من تمام التعليل فإن كونهم من أهل النار من دواعي الاجتناب عنهم وموجبات ترك استصلاحهم باللوم والعتاب، وإما تعليل مستقل، أي: وكفتهم النار عتابا وتوبيخا فلا تتكلفوا أنتم في ذلك جزاء نصب على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر من لفظه وقع حالا، أي: يجزون جزاء، أو لمضمون الجملة السابقة فإنها مفيدة لمعنى المجازاة قطعا، كأنه قيل: مجزيون جزاء بما كانوا يكسبون في الدنيا من فنون السيئات، أو على أنه مفعول له.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية