الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا أإنك لأنت يوسف استفهام تقرير، ولذلك أكدوه بأن واللام قالوه استغرابا وتعجبا، وقرئ (إنك) بالإيجاب، قيل: عرفوه بروائه وشمائله حين كلمهم به، وقيل: تبسم فعرفوه بثناياه، وقيل: رفع التاج عن رأسه فرأوا علامة بقرنه تشبه الشامة البيضاء، وكان لسارة ويعقوب مثلها، وقرئ (أئنك) أو أنت يوسف على معنى أئنك يوسف، أو أنت يوسف فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، وفيه زيادة استغراب.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أنا يوسف جوابا عن مسألتهم، وقد زاد عليه قوله: وهذا أخي أي: من أبوي مبالغة في تعريف نفسه، وتفخيما لشأن أخيه، وتكملة لما أفاده قوله: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه " حسبما يفيده قوله: قد من الله علينا فكأنه قال: هل علمتم ما فعلتم بنا من التفريق والإذلال، فأنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا بالخلاص عما ابتلينا به، والاجتماع بعد الفرقة، والعزة بعد الذلة، والأنس بعد الوحشة، ولا يبعد أن يكون فيه إشارة إلى الجواب عن طلبهم لرد بنيامين بأنه أخي لا أخوكم فلا وجه لطلبكم، ثم علل ذلك بطريق الاستئناف التعليلي بقوله: إنه من يتق أي: يفعل التقوى في جميع أحواله أو يق نفسه عما يوجب سخط الله تعالى وعذابه ويصبر على المحن، أو على مشقة الطاعات، أو عن المعاصي التي تستلذها النفس فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أي: أجرهم، وإنما وضع المظهر موضع المضمر تنبيها على أن المنعوتين بالتقوى والصبر موصوفون بالإحسان.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية