إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب
إن كل إلا كذب الرسل استئناف جيء به تقريرا لتكذيبهم، وبيانا لكيفيته، وتمهيدا لما يعقبه، أي : ما كل أحد من آحاد أولئك الأحزاب، أو الأحزاب، أو ما كل حزب منهم إلا كذب الرسل; لأن تكذيب واحد منهم تكذيب لهم جميعا لاتفاق الكل على الحق . وقيل : ما كل حزب إلا كذب رسوله على نهج مقابلة الجمع بالجمع، وأيا ما كان فالاستثناء مفرغ من أعم العلل في خبر المبتدأ، أي : ما كل أحد منهم محكوما عليه بحكم إلا محكوم عليه بأنه كذب الرسل، وقيل : ما كل واحد منهم مخبرا عنه بخبر إلا مخبر عنه بأنه كذب الرسل . وفي إسناد التكذيب إلى الطوائف المذكورة على وجه الإبهام أولا، والإيذان بأن كلا منهم حزب على حياله تحزب على رسوله ثانيا، وتبيين كيفية تكذيبهم بالجملة الاستثنائية ثالثا . فنون من المبالغة مسجلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأفظعه، ولذلك رتب عليه قوله تعالى : فحق عقاب أي : ثبت ووقع على كل منهم عقابي الذي كانت توجبه جناياتهم من أصناف العقوبات المفصلة في مواقعها، وإما بالمبتدأ . وقوله تعالى : إن كل إلا كذب الرسل خبره بحذف العائد، أي : إن كل منهم . . . إلخ . والجملة استئناف مقرر لما قبله مؤكد لمضمونه مع ما فيه من بيان كيفية تكذيبهم، والتنبيه على أنهم الذين جعل الجند المهزوم منهم كما ذكر . وقيل : هو مبتدأ وخبر . والمعنى أن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم، وأنهم الذين وجد منهم التكذيب فتدبر . وأما ما قيل من أنه خبر والمبتدأ قوله تعالى : وعاد . . . إلخ . أو قوله : وقوم لوط . . . إلخ . فما يجب تنزيه ساحة التنزيل عن أمثاله .