الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز

                                                                                                                                                                                                                                      لقد أرسلنا رسلنا أي: الملائكة إلى الأنبياء أو الأنبياء إلى الأمم وهو الأظهر. بالبينات أي: الحجج والمعجزات. وأنزلنا معهم الكتاب أي: جنس الكتاب الشامل للكل. والميزان ليقوم الناس بالقسط أي: بالعدل، روي أن جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح عليه السلام وقال: مر قومك يزنوا به، وقيل: أريد به العدل ليقام به السياسة ويدفع به العدوان. وأنزلنا الحديد قيل: نزل آدم عليه السلام من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة والإبرة، وروي ومعه المر والمسحات، وعن الحسن وأنزلنا الحديد: خلقناه كقوله تعالى: وأنزل لكم من الأنعام وذلك أن أوامره تعالى وقضاياه وأحكامه تنزل من السماء، وقوله تعالى: فيه بأس شديد لأن آلات الحرب إنما تتخذ منه. ومنافع للناس إذ ما من صنعة إلا والحديد أو ما يعمل بالحديد آلتها، والجملة حال من الحديد، وقوله تعالى: وليعلم الله من ينصره ورسله عطف على محذوف يدل عليه ما قبله فإنه حال متضمنة للتعليل كأنه قيل: ليستعملوه وليعلم الله علما يتعلق به الجزاء من ينصره ورسوله باستعمال السيوف والرماح وسائر الأسلحة في مجاهدة أعدائه أو متعلق بمحذوف مؤخر والواو اعتراضية أي: وليعلم الله من ينصره ورسله أنزله، وقيل: عطف على قوله تعالى: ليقوم الناس بالقسط وقوله تعالى: بالغيب حال من فاعل "ينصر" أو مفعوله أي: غائبا عنهم أو غائبين عنه وقوله تعالى: إن الله قوي عزيز اعتراض تذييلي جيء به تحقيقا للحق وتنبيها على أن تكليفهم الجهاد وتعريضهم للقتال ليس لحاجته في إعلاء كلمته وإظهار دينه إلى نصرتهم بل إنما هو لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب وإلا فهو غني بقدرته وعزته عنهم في كل ما يريده.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية