ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون   
ويوم نحشرهم جميعا  منصوب على الظرفية بمضمر مؤخر ، قد حذف إيذانا بضيق العبارة عن شرحه وبيانه ، وإيماء إلى عدم استطاعة السامعين لسماعه ، لكمال فظاعة ما يقع فيه من الطامة والداهية التامة ، كأنه قيل : ويوم نحشرهم جميعا . 
ثم نقول  لهم ما نقول كان من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به دائرة المقال ، وتقدير صيغة الماضي للدلالة على التحقق ، ولحسن موقع عطف قوله تعالى : ثم لم تكن ...  إلخ عليه . 
وقيل : منصوب على المفعولية بمضمر مقدم ; أي : واذكر لهم للتخويف والتحذير ويوم نحشرهم ... إلخ . وقيل : وليتقوا ، أو ليحذروا يوم نحشرهم ... إلخ . 
والضمير للكل ، وجميعا حال منه ، وقرئ : ( يحشرهم جميعا ثم يقول ) بالياء فيهما . 
للذين أشركوا   ; أي : نقول لهم خاصة ، للتوبيخ والتقريع على رءوس الأشهاد . 
أين شركاؤكم   ; أي : آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله سبحانه ، وإضافتها إليهم لما أن شركتها ليست إلا بتسميتهم وتقولهم الكاذب . 
كما ينبئ عنه قوله تعالى : الذين كنتم تزعمون   ; أي : تزعمونها شركاء ، فحذف المفعولان معا ، وهذا السؤال المنبئ عن غيبة الشركاء مع عموم الحشر لها ; لقوله تعالى : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون  من دون الله  ، وغير ذلك من النصوص إنما يقع بعد ما جرى بينها وبينهم من التبرؤ من الجانبين ، وتقطع ما بينهم من الأسباب والعلائق ، حسبما يحكيه قوله تعالى : فزيلنا بينهم ...  إلخ ، ونحو ذلك من الآيات الكريمة ، إما بعدم حضورها حينئذ في الحقيقة بإبعادها من ذلك الموقف ، وإما بتنزيل  [ ص: 120 ] عدم حضورها بعنوان الشركة والشفاعة منزلة عدم حضورها في الحقيقة ; إذ ليس السؤال عنها من حيث ذواتها ، بل إنما هو من حيث إنها شركاء ، كما يعرب عنه الوصف بالموصول ، ولا ريب في أن عدم الوصف يوجب عدم الموصوف من حيث هو موصوف ، فهي من حيث هي شركاء غائبة لا محالة ، وإن كانت حاضرة من حيث ذواتها ، أصناما كانت أو غيرها . 
وأما ما يقال من أنه يحال بينها وبينهم في وقت التوبيخ ، ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيها ، فيروا مكان خزيهم وحسرتهم ، فربما يشعر بعدم شعورهم بحقيقة الحال ، وعدم انقطاع حبال رجائهم عنها بعد ، وقد عرفت أنهم شاهدوها قبل ذلك ، وانصرمت عروة أطماعهم عنها بالكلية على أنها معلومة لهم ، من حين الموت والابتلاء بالعذاب في البرزخ ، وإنما الذي يحصل يوم الحشر الانكشاف الجلي ، واليقين القوي المترتب على المحاضرة والمحاورة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					