قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين
(108) أي: قل يا أيها الرسول، لما تبين البرهان يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم أي: الخبر الصادق المؤيد بالبراهين، الذي لا شك فيه بوجه من الوجوه، وهو واصل إليكم من ربكم الذي من أعظم تربيته لكم، أن أنزل إليكم هذا القرآن الذي فيه تبيان لكل شيء، وفيه من أنواع الأحكام والمطالب الإلهية والأخلاق المرضية، ما فيه أعظم تربية لكم، وإحسان منه إليكم، فقد تبين الرشد من الغي، ولم يبق لأحد شبهة.
فمن اهتدى بهدى الله بأن علم الحق وتفهمه، وآثره على غيره فلنفسه. والله تعالى غني عن عباده، وإنما ثمرة أعمالهم راجعة إليهم.
ومن ضل عن الهدى بأن أعرض عن العلم بالحق، أو عن العمل به، فإنما يضل عليها ولا يضر الله شيئا، فلا يضر إلا نفسه.
وما أنا عليكم بوكيل فأحفظ أعمالكم وأحاسبكم عليها، وإنما أنا لكم نذير مبين، والله عليكم وكيل. فانظروا لأنفسكم، ما دمتم في مدة الإمهال.
(109) واتبع أيها الرسول ما يوحى إليك علما، وعملا وحالا ودعوة إليه، واصبر على ذلك، فإن هذا أعلى أنواع الصبر، وإن عاقبته حميدة، فلا تكسل، ولا تضجر، بل دم على ذلك، واثبت، حتى يحكم الله بينك وبين من كذبك وهو خير الحاكمين فإن حكمه، مشتمل على العدل التام، والقسط الذي يحمد عليه.
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه، وثبت على الصراط المستقيم، حتى أظهر الله دينه على سائر الأديان، ونصره على أعدائه بالسيف والسنان، بعدما نصره الله عليهم بالحجة والبرهان، فلله الحمد، والثناء الحسن، كما ينبغي لجلاله، وعظمته، وكماله وسعة إحسانه.
تم تفسير سورة يونس
والحمد لله رب العالمين.
[ ص: 737 ]