nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب. حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق. فإما منا بعد وإما فداء. حتى تضع الحرب أوزارها ..
واللقاء المقصود في الآية هنا هو اللقاء للحرب والقتال لا مجرد اللقاء. فحتى نزول هذه السورة كان المشركون في الجزيرة منهم المحارب ومنهم المعاهد; ولم تكن بعد قد نزلت سورة "براءة" التي تنهي عهود المشركين المحددة
[ ص: 3282 ] الأجل إلى أجلها، والمطلقة الأجل إلى أربعة أشهر; وتأمر بقتل المشركين بعد ذلك أنى وجدوا في أنحاء
الجزيرة - قاعدة الإسلام - أو يسلموا. كي تخلص القاعدة للإسلام .
وضرب الرقاب المأمور به عند اللقاء يجيء بعد عرض الإسلام عليهم وإبائهم له طبعا. وهو تصوير لعملية القتل بصورتها الحسية المباشرة، وبالحركة التي تمثلها، تمشيا مع جو السورة وظلالها.
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق ..
والإثخان شدة التقتيل، حتى تتحطم قوة العدو وتتهاوى، فلا تعود به قدرة على هجوم أو دفاع. وعندئذ - لا قبله - يؤسر من استأسر ويشد وثاقه. فأما والعدو ما يزال قويا فالإثخان والتقتيل يكون الهدف لتحطيم ذلك الخطر.
وعلى هذا لا يكون هناك اختلاف - كما رأى معظم المفسرين - بين مدلول هذه الآية، ومدلول آية الأنفال التي عاتب الله فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين لاستكثارهم من الأسرى في غزوة
بدر. والتقتيل كان أولى. وذلك حيث يقول تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة، والله عزيز حكيم. nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم .. فالإثخان أولا لتحطيم قوة العدو وكسر شوكته; وبعد ذلك يكون الأسر. والحكمة ظاهرة، لأن إزالة القوة المعتدية المعادية للإسلام هي الهدف الأول من القتال. وبخاصة حين كانت القوة العددية للأمة المسلمة قليلة محدودة. وكانت الكثرة للمشركين. وكان قتل محارب يساوي شيئا كبيرا في ميزان القوى حينذاك. والحكم ما يزال ساريا في عمومه في كل زمان بالصورة التي تكفل تحطيم قوة العدو، وتعجيزه عن الهجوم والدفاع.
فأما الحكم في الأسرى بعد ذلك، فتحدده هذه الآية. وهي النص القرآني الوحيد المتضمن حكم الأسرى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء ..
أي: إما أن يطلق سراحهم بعد ذلك بلا مقابل من مال أو من فداء لأسرى المسلمين. وإما أن يطلق مقابل فدية من مال أو عمل أو في نظير إطلاق سراح المسلمين المأسورين.
وليس في الآية حالة ثالثة. كالاسترقاق أو القتل. بالنسبة لأسرى المشركين.
ولكن الذي حدث فعلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء من بعده استرقوا بعض الأسرى - وهو الغالب - وقتلوا بعضهم في حالات معينة.
ونحن ننقل هنا ما ورد حول هذه الآية في كتاب (أحكام القرآن للإمام الجصاص الحنفي) ونعلق على ما نرى التعليق عليه في ثناياه. قبل أن نقرر الحكم الذي نراه:
قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر قد اقتضى ظاهره وجوب القتل لا غير إلا بعد الإثخان. وهو نظير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض .. (وهذا صحيح فليس بين النصين خلاف) .
حدثنا
محمد بن جعفر بن محمد بن الحكم قال: حدثنا
جعفر بن محمد بن اليمان. قال: حدثنا
أبو عبيد. [ ص: 3283 ] قال: حدثنا
عبد الله بن صالح، عن
معاوية بن صالح، عن
علي بن أبي طلحة. عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض . قال: ذلك يوم
بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله تعالى بعد هذا في الأسارى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء .. فجعل الله النبي والمؤمنين في الأسارى بالخيار. إن شاءوا قتلوهم، وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادوهم. شك
أبو عبيد في.. وإن شاءوا استعبدوهم.. (والاستعباد مشكوك في صدور القول به عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فنتركه. وأما جواز القتل فلا نرى له سندا في الآية وإنما نصها المن أو الفداء).
وحدثنا
جعفر بن محمد قال: حدثنا
أبو عبيد، قال: حدثنا
أبو مهدي وحجاج، كلاهما عن
سفيان. قال: سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي يقول في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء .. قال: هي منسوخة، نسخها قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم : قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر: أما قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب .. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض .. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم .. فإنه جائز أن يكون حكما ثابتا غير منسوخ. وذلك لأن الله تعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالإثخان في القتل وحظر عليه الأسر - إلا بعد إذلال المشركين وقمعهم - وكان ذلك وقت قلة عدد المسلمين وكثرة عدد عدوهم من المشركين، فمتى أثخن المشركون وأذلوا بالقتل والتشريد جاز الاستبقاء. فالواجب أن يكون هذا حكما ثابتا إذا وجد مثل الحال التي كان عليها المسلمون في أول الإسلام. (ونقول: إن الأمر بقتل المشركين حيث وجدوا خاص بمشركي
الجزيرة. بينما النص في سورة محمد عام. فمتى تحقق الإثخان في الأرض جاز أخذ الأسارى. وهذا ما جرى عليه الخلفاء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد نزول سورة براءة بطبيعة الحال، ولم يقتلوهم إلا في حالات معينة سيأتي بيانها)..
وأما قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء .. ظاهره يقتضي أحد شيئين: من أو فداء. وذلك ينفي جواز القتل. وقد اختلف السلف في ذلك. حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه كره قتل الأسير، وقال: من عليه أو فاده. وحدثنا
جعفر قال: حدثنا
أبو عبيد قال: أخبرنا
هشيم. قال: أخبرنا
أشعث قال:
سألت nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن قتل الأسير فقال: من عليه أو فاده قال: وسألت nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن. قال: يصنع به ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأسارى بدر، يمن عليه أو يفادي به. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه دفع إليه عظيم من عظماء إصطخر ليقتله، فأبى أن يقتله، وتلا قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء .. وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين كراهة قتل الأسير. وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء منسوخ بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج. حدثنا
جعفر قال: حدثنا
أبو عبيد قال: حدثنا
حجاج، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج.، قال: هي منسوخة. وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=104956قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقبة بن أبي معيط يوم بدر صبرا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر: اتفق فقهاء الأمصار على جواز قتل الأسير لا نعلم بينهم خلافا فيه، وقد تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتله الأسير، منها قتله
عقبة بن أبي معيط ،
والنضر بن الحارث بعد الأسر يوم
بدر. وقتل يوم
أحد أبا عزة الشاعر بعد ما أسر. وقتل
بني قريظة بعد نزولهم على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ، فحكم فيهم بالقتل وسبي الذرية. ومن على
الزبير بن باطا من بينهم، وفتح
خيبر بعضها صلحا وبعضها عنوة، وشرط على
ابن أبي الحقيق ألا يكتم شيئا، فلما ظهر على خيانته وكتمانه قتله. وفتح
مكة وأمر بقتل
هلال بن خطل، ومقيس بن حبابة، وعبد الله بن أبي سرح، وآخرين، وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=33343 "اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة". ومن على أهل
مكة ولم يغنم أموالهم. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح بن [ ص: 3284 ] كيسان عن
محمد بن عبد الرحمن عن أبيه
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق يقول: "وددت أني يوم أتيت بالفجاءة لم أكن أحرقته، وكنت قتلته سريحا، أو أطلقته نجيحا". وعن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى أنه قتل
دهقان السوس بعد ما أعطاه الأمان على قوم سماهم ونسي نفسه فلم يدخلها في الأمان فقتله. فهذه آثار متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة في جواز قتل الأسير وفي استبقائه. واتفق فقهاء الأمصار على ذلك. (وجواز القتل لا يؤخذ من الآية، ولكن يؤخذ من عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعض الصحابة. وتتبع الحالات التي وقع فيها القتل يعطي أنها حالات خاصة، وراءها أسباب معينة غير مجرد التعرض للقتال والأسر.
فالنضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط كلاهما كان له موقف خاص في إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيذاء دعوته. وكذلك
أبو عزة الشاعر، ولبني قريظة كذلك موقف خاص بارتضائهم حكم
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ سلفا. وهكذا نجد في جميع الحالات أسبابا معينة تفرد هذه الحالات من الحكم العام للأسرى الذي تقرره الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء ) ..
وإنما اختلفوا في فدائه، فقال أصحابنا جميعا (يعني الحنفية): لا يفادى الأسير بالمال، ولا يباع السبي من أهل الحرب فيردوا حربا. وقال
أبو حنيفة: لا يفادون بأسرى المسلمين أيضا، ولا يردون حربا أبدا. وقال
أبو يوسف ومحمد: لا بأس أن يفادى أسرى المسلمين بأسرى المشركين. وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: لا بأس ببيع السبي من أهل الحرب، ولا يباع الرجال إلا أن يفادى بهم المسلمون. وقال
المزني عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: للإمام أن يمن على الرجال الذين ظهر عليهم أو يفادي بهم، فأما المجيزون للفداء بأسرى المسلمين وبالمال فإنهم احتجوا بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء وظاهره يقتضي جوازه بالمال وبالمسلمين;
وبأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى أسارى بدر بالمال. ويحتجون للفداء بالمسلمين بما روى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر، عن
أيوب، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة، عن
أبي المهلب، عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران ابن حصين. قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660107أسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من بني عامر ابن صعصعة فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو موثق، فناداه، فأقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: علام أحبس؟ قال: "بجريرة حلفائك". فقال الأسير: إني مسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كل الفلاح". ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فناداه أيضا، فأقبل، فقال: إني جائع فأطعمني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "هذه حاجتك". ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - فداه بالرجلين اللذين كانت ثقيف أسرتهما.. (وحجة القائلين بالفداء أرجح في تقديرنا من حجة أصحاب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11943الجصاص على الاختلاف في
nindex.php?page=treesubj&link=9625_8400_8399_24006الفداء بالمال أو بأسرى المسلمين).
وقد ختم الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11943الجصاص القول في المسألة بترجيح رأي أصحابه الحنفية قال: وأما ما في الآية من ذكر المن والفداء، وما روي في أسارى
بدر فإن ذلك منسوخ بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم .. وقد روينا ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون . فتضمنت الآيتان وجوب القتال للكفار حتى يسلموا أو يؤدوا
nindex.php?page=treesubj&link=8760الجزية. والفداء بالمال أو بغيره ينافي ذلك. ولم يختلف أهل التفسير ونقلة الآثار أن سورة "براءة" بعد سورة "محمد" - صلى الله عليه وسلم - فوجب أن يكون الحكم المذكور فيها ناسخا للفداء المذكور في غيرها..(وقد سبق القول بأن هذا القتل للمشركين - أو الإسلام - مقصود به مشركو
الجزيرة فهو حكم خاص بهم. أما غيرهم خارجها
[ ص: 3285 ] فتقبل منهم الجزية كما تقبل من أهل الكتاب. وقبول الجزية عند التسليم لا ينفي أن يقع الأسرى في أيدي المسلمين قبل التسليم. فهؤلاء الأسرى ما الحكم فيهم؟ نقول: إنه يجوز المن عليهم إذا رأى الإمام المصلحة، أو الفداء بهم بالمال أو بالمسلمين، إذا ظل قومهم قوة لم تستسلم بعد ولم تقبل الجزية. فأما عند الاستسلام للجزية فالأمر منته بطبيعته وهذه حالة أخرى، فحكم الأسرى يظل ساريا في الحالة التي لم تنته بالجزية).
والخلاصة التي ننتهي إليها أن هذا النص هو الوحيد المتضمن
nindex.php?page=treesubj&link=8381حكم الأسرى. وسائر النصوص تتضمن حالات أخرى غير حالة الأسر. وأنه هو الأصل الدائم للمسألة. وما وقع بالفعل خارجا عنه كان لمواجهة حالات خاصة وأوضاع وقتية. فقتل بعض الأسرى كان في حالات فردية يمكن أن يكون لها دائما نظائر; وقد أخذوا بأعمال سابقة على الأسر، لا بمجرد خروجهم للقتال. ومثال ذلك أن يقع جاسوس أسيرا فيحاكم على الجاسوسية لا على أنه أسير. وإنما كان الأسر مجرد وسيلة للقبض عليه.
ويبقى الاسترقاق. وقد سبق لنا في مواضع مختلفة من هذه الظلال القول بأنه كان لمواجهة أوضاع عالمية قائمة، وتقاليد في الحرب عامة. ولم يكن ممكنا أن يطبق الإسلام في جميع الحالات النص العام:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ. حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ. فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً. حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ..
وَاللِّقَاءُ الْمَقْصُودُ فِي الْآيَةِ هُنَا هُوَ اللِّقَاءُ لِلْحَرْبِ وَالْقِتَالِ لَا مُجَرَّدُ اللِّقَاءِ. فَحَتَّى نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْجَزِيرَةِ مِنْهُمُ الْمُحَارِبُ وَمِنْهُمُ الْمَعَاهِدُ; وَلَمْ تَكُنْ بَعْدُ قَدْ نَزَلَتْ سُورَةُ "بَرَاءَةٍ" الَّتِي تُنْهِي عُهُودَ الْمُشْرِكِينَ الْمُحَدَّدَةَ
[ ص: 3282 ] الْأَجَلِ إِلَى أَجَلِهَا، وَالْمُطْلَقَةَ الْأَجَلِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ; وَتَأْمُرُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّى وُجِدُوا فِي أَنْحَاءِ
الْجَزِيرَةِ - قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ - أَوْ يُسْلِمُوا. كَيْ تَخْلُصَ الْقَاعِدَةُ لِلْإِسْلَامِ .
وَضَرْبُ الرِّقَابِ الْمَأْمُورُ بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ يَجِيءُ بَعْدَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ وَإِبَائِهِمْ لَهُ طَبْعًا. وَهُوَ تَصْوِيرٌ لِعَمَلِيَّةِ الْقَتْلِ بِصُورَتِهَا الْحِسِّيَّةِ الْمُبَاشِرَةِ، وَبِالْحَرَكَةِ الَّتِي تُمَثِّلُهَا، تَمَشِّيًّا مَعَ جَوِّ السُّورَةِ وَظِلَالِهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ ..
وَالْإِثْخَانُ شِدَّةُ التَّقْتِيلِ، حَتَّى تَتَحَطَّمَ قُوَّةُ الْعَدُوِّ وَتَتَهَاوَىَ، فَلَا تَعُودُ بِهِ قُدْرَةٌ عَلَى هُجُومٍ أَوْ دِفَاعٍ. وَعِنْدَئِذٍ - لَا قَبْلَهُ - يُؤْسَرُ مَنِ اسْتَأْسَرَ وَيُشَدُّ وَثَاقُهُ. فَأَمَّا وَالْعَدُوُّ مَا يَزَالُ قَوِيًّا فَالْإِثْخَانُ وَالتَّقْتِيلُ يَكُونُ الْهَدَفَ لِتَحْطِيمِ ذَلِكَ الْخَطَرِ.
وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ هُنَاكَ اخْتِلَافٌ - كَمَا رَأَى مُعْظَمُ الْمُفَسِّرِينَ - بَيْنَ مَدْلُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَدْلُولِ آيَةِ الْأَنْفَالِ الَّتِي عَاتَبَ اللَّهُ فِيهَا الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ لِاسْتِكْثَارِهِمْ مِنَ الْأَسْرَى فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ. وَالتَّقْتِيلُ كَانَ أَوْلَى. وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ، تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ، وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=68لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ .. فَالْإِثْخَانُ أَوَّلًا لِتَحْطِيمِ قُوَّةِ الْعَدُوِّ وَكَسْرِ شَوْكَتِهِ; وَبَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الْأَسْرُ. وَالْحِكْمَةُ ظَاهِرَةٌ، لِأَنَّ إِزَالَةَ الْقُوَّةِ الْمُعْتَدِيَةِ الْمُعَادِيَةِ لِلْإِسْلَامِ هِيَ الْهَدَفُ الْأَوَّلُ مِنَ الْقِتَالِ. وَبِخَاصَّةٍ حِينَ كَانَتِ الْقُوَّةُ الْعَدَدِيَّةُ لِلْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ قَلِيلَةً مَحْدُودَةً. وَكَانَتِ الْكَثْرَةُ لِلْمُشْرِكِينَ. وَكَانَ قَتْلُ مُحَارِبٍ يُسَاوِي شَيْئًا كَبِيرًا فِي مِيزَانِ الْقُوَى حِينَذَاكَ. وَالْحُكْمُ مَا يَزَالُ سَارِيًا فِي عُمُومِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ بِالصُّورَةِ الَّتِي تَكْفُلُ تَحْطِيمَ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَتَعْجِيزَهُ عَنِ الْهُجُومِ وَالدِّفَاعِ.
فَأَمَّا الْحُكْمُ فِي الْأَسْرَى بَعْدَ ذَلِكَ، فَتُحَدِّدُهُ هَذِهِ الْآيَةُ. وَهِيَ النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ الْوَحِيدُ الْمُتَضَمِّنُ حُكْمَ الْأَسْرَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ..
أَيْ: إِمَّا أَنْ يُطْلَقَ سَرَاحُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا مُقَابِلٍ مِنَ مَالٍ أَوْ مِنْ فِدَاءٍ لِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ. وَإِمَّا أَنْ يُطْلَقَ مُقَابِلَ فِدْيَةٍ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ فِي نَظِيرِ إِطْلَاقِ سَرَاحِ الْمُسْلِمِينَ الْمَأْسُورِينَ.
وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ حَالَةٌ ثَالِثَةٌ. كَالِاسْتِرْقَاقِ أَوِ الْقَتْلِ. بِالنِّسْبَةِ لِأَسْرَى الْمُشْرِكِينَ.
وَلَكِنَّ الَّذِي حَدَثَ فِعْلًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ اسْتَرَقُّوا بَعْضَ الْأَسْرَى - وَهُوَ الْغَالِبُ - وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ فِي حَالَاتٍ مُعَيَّنَةٍ.
وَنَحْنُ نَنْقُلُ هُنَا مَا وَرَدَ حَوْلَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ (أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِلْإِمَامِ الْجَصَّاصِ الْحَنَفِيِّ) وَنُعَلِّقُ عَلَى مَا نَرَى التَّعْلِيقَ عَلَيْهِ فِي ثَنَايَاهُ. قَبْلَ أَنْ نُقَرِّرَ الْحُكْمَ الَّذِي نَرَاهُ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ قَدِ اقْتَضَى ظَاهِرُهُ وُجُوبَ الْقَتْلِ لَا غَيْرُ إِلَّا بَعْدَ الْإِثْخَانِ. وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ .. (وَهَذَا صَحِيحٌ فَلَيْسَ بَيْنَ النَّصَّيْنِ خِلَافٌ) .
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَمَانِ. قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ. [ ص: 3283 ] قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ . قَالَ: ذَلِكَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَالْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سُلْطَانُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا فِي الْأُسَارَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً .. فَجَعَلَ اللَّهُ النَّبِيَّ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ. إِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا فَادَوْهُمْ. شَكَّ
أَبُو عُبَيْدٍ فِي.. وَإِنْ شَاءُوا اسْتَعْبَدُوهُمْ.. (وَالِاسْتِعْبَادُ مَشْكُوكٌ فِي صُدُورِ الْقَوْلِ بِهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فَنَتْرُكُهُ. وَأَمَّا جَوَازُ الْقَتْلِ فَلَا نَرَى لَهُ سَنَدًا فِي الْآيَةِ وَإِنَّمَا نَصُّهَا الْمَنُّ أَوِ الْفِدَاءُ).
وَحَدَّثَنَا
جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو مَهْدِيٍّ وَحَجَّاجٌ، كِلَاهُمَا عَنْ
سُفْيَانَ. قَالَ: سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيَّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً .. قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، نَسَخَهَا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ .. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ .. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ .. فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا ثَابِتًا غَيْرَ مَنْسُوخٍ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِثْخَانِ فِي الْقَتْلِ وَحَظَرَ عَلَيْهِ الْأَسْرَ - إِلَّا بَعْدَ إِذْلَالِ الْمُشْرِكِينَ وَقَمْعِهِمْ - وَكَانَ ذَلِكَ وَقْتَ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ عَدَدِ عَدُوِّهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَمَتَى أُثْخِنَ الْمُشْرِكُونَ وَأُذِلُّوا بِالْقَتْلِ وَالتَّشْرِيدِ جَازَ الِاسْتِبْقَاءُ. فَالْوَاجِبُ أَنَّ يَكُونَ هَذَا حُكْمًا ثَابِتًا إِذَا وُجِدَ مِثْلُ الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ. (وَنَقُولُ: إِنَّ الْأَمْرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وُجِدُوا خَاصٌّ بِمُشْرِكِي
الْجَزِيرَةِ. بَيْنَمَا النَّصُّ فِي سُورَةِ مُحَمَّدٍ عَامٌّ. فَمَتَى تَحَقَّقَ الْإِثْخَانُ فِي الْأَرْضِ جَازَ أَخْذُ الْأُسَارَى. وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ بَرَاءَةٍ بِطَبِيعَةِ الْحَالِ، وَلَمْ يَقْتُلُوهُمْ إِلَّا فِي حَالَاتٍ مُعَيَّنَةٍ سَيَأْتِي بَيَانُهَا)..
وَأَمَّا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً .. ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَحَدَ شَيْئَيْنِ: مَنٌّ أَوْ فِدَاءٌ. وَذَلِكَ يَنْفِي جَوَازَ الْقَتْلِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ. حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16874مُبَارَكِ بْنِ فُضَالَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ قَتْلَ الْأَسِيرِ، وَقَالَ: مُنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادِهِ. وَحَدَّثَنَا
جَعْفَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا
هُشَيْمٌ. قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَشْعَثُ قَالَ:
سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءً عَنْ قَتْلِ الْأَسِيرِ فَقَالَ: مُنَّ عَلَيْهِ أَوْ فَادِهِ قَالَ: وَسَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنَ. قَالَ: يُصْنَعُ بِهِ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُسَارَى بَدْرٍ، يَمُنُّ عَلَيْهِ أَوْ يُفَادِي بِهِ. وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دُفِعَ إِلَيْهِ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ إِصْطَخْرَ لِيَقْتُلَهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْتُلَهُ، وَتَلَا قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً .. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَرَاهَةُ قَتْلِ الْأَسِيرِ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ أَنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ . وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ. حَدَّثَنَا
جَعْفَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ.، قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ. وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=104956قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ: اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْأَسِيرِ لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ خِلَافًا فِيهِ، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَتْلِهِ الْأَسِيرَ، مِنْهَا قَتْلُهُ
عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ ،
وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ بَعْدَ الْأَسْرِ يَوْمَ
بَدْرٍ. وَقَتَلَ يَوْمَ
أُحُدٍ أَبَا عَزَّةَ الشَّاعِرَ بَعْدَ مَا أُسِرَ. وَقَتَلَ
بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ نُزُولِهِمْ عَلَى حُكْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ فِيهِمْ بِالْقَتْلِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ. وَمَنَّ عَلَى
الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا مِنْ بَيْنِهِمْ، وَفَتَحَ
خَيْبَرَ بَعْضُهَا صُلْحًا وَبَعْضُهَا عَنْوَةً، وَشَرَطَ عَلَى
ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ أَلَّا يَكْتُمَ شَيْئًا، فَلَمَّا ظَهَرَ عَلَى خِيَانَتِهِ وَكِتْمَانِهِ قَتَلَهُ. وَفَتَحَ
مَكَّةَ وَأَمَرَ بِقَتْلِ
هِلَالِ بْنِ خَطَلٍ، وَمَقِيسِ بْنِ حُبَابَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَآخَرِينَ، وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=33343 "اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ". وَمَنَّ عَلَى أَهْلِ
مَكَّةَ وَلَمْ يَغْنَمْ أَمْوَالَهُمْ. وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16214صَالِحِ بْنِ [ ص: 3284 ] كَيْسَانَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَقُولُ: "وَدِدْتُ أَنِّي يَوْمَ أَتَيْتُ بِالْفُجَاءَةِ لَمْ أَكُنْ أَحْرَقْتُهُ، وَكُنْتُ قَتَلْتُهُ سَرِيحًا، أَوْ أَطْلَقْتُهُ نَجِيحًا". وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى أَنَّهُ قَتْلَ
دِهْقَانَ السُّوسِ بَعْدَ مَا أَعْطَاهُ الْأَمَانَ عَلَى قَوْمٍ سَمَّاهُمْ وَنَسِيَ نَفْسَهُ فَلَمْ يُدْخِلْهَا فِي الْأَمَانِ فَقَتَلَهُ. فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنِ الصَّحَابَةِ فِي جَوَازِ قَتْلِ الْأَسِيرِ وَفِي اسْتِبْقَائِهِ. وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ. (وَجَوَازُ الْقَتْلِ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْآيَةِ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْضِ الصَّحَابَةِ. وَتَتَبُّعُ الْحَالَاتِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقَتْلُ يُعْطِي أَنَّهَا حَالَاتٌ خَاصَّةٌ، وَرَاءَهَا أَسْبَابٌ مُعَيَّنَةٌ غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّعَرُّضِ لِلْقِتَالِ وَالْأَسْرِ.
فَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ كِلَاهُمَا كَانَ لَهُ مَوْقِفٌ خَاصٌّ فِي إِيذَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِيذَاءِ دَعَوْتِهِ. وَكَذَلِكَ
أَبُو عَزَّةَ الشَّاعِرُ، وَلِبَنِي قُرَيْظَةَ كَذَلِكَ مَوْقِفٌ خَاصٌّ بِارْتِضَائِهِمْ حُكْمَ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ سَلَفًا. وَهَكَذَا نَجِدُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ أَسْبَابًا مُعَيَّنَةً تُفْرِدُ هَذِهِ الْحَالَاتِ مِنَ الْحُكْمِ الْعَامِّ لِلْأَسْرَى الَّذِي تُقَرِّرُهُ الْآيَةُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ) ..
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي فِدَائِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا (يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ): لَا يُفَادَى الْأَسِيرُ بِالْمَالِ، وَلَا يُبَاعُ السَّبْيُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَيَرِدُوا حَرْبًا. وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُفَادَوْنَ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا، وَلَا يَرِدُونَ حَرْبًا أَبَدًا. وَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَادَى أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ بِأَسْرَى الْمُشْرِكِينَ. وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13760وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ السَّبْيِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا يُبَاعُ الرِّجَال إِلَّا أَنْ يُفَادَى بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ. وَقَالَ
الْمُزَنِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ: لِلْإِمَامِ أَنَّ يَمُنَّ عَلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُفَادِي بِهِمْ، فَأَمَّا الْمُجِيزُونَ لِلْفِدَاءِ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ وَبِالْمَالِ فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَهُ بِالْمَالِ وَبِالْمُسْلِمِينَ;
وَبِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَى أُسَارَى بَدْرٍ بِالْمَالِ. وَيَحْتَجُّونَ لِلْفِدَاءِ بِالْمُسْلِمِينَ بِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ، عَنْ
أَيُّوبَ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12134أَبِي قُلَابَةَ، عَنْ
أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=40عِمْرَانَ ابْنِ حُصَيْنِ. قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=660107أَسَرَتْ ثَقِيفٌ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ ابْنِ صَعْصَعَةَ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُوثَقٌ، فَنَادَاهُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: عَلَامٌ أُحْبِسَ؟ قَالَ: "بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ". فَقَالَ الْأَسِيرُ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ لَأَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ". ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَادَاهُ أَيْضًا، فَأَقْبَلَ، فَقَالَ: إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "هَذِهِ حَاجَتُكَ". ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَتْ ثَقِيفٌ أَسَرَتْهُمَا.. (وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِالْفِدَاءِ أَرْجَحُ فِي تَقْدِيرِنَا مِنْ حُجَّةِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=11943الْجَصَّاصِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=9625_8400_8399_24006الْفِدَاءِ بِالْمَالِ أَوْ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ).
وَقَدِ خَتَمَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=11943الْجَصَّاصُ الْقَوْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِتَرْجِيحِ رَأْيِ أَصْحَابِهِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: وَأَمَّا مَا فِي الْآيَةِ مِنْ ذِكْرِ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ، وَمَا رُوِيَ فِي أُسَارَى
بَدْرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ .. وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ . فَتَضَمَّنَتِ الْآيَتَانِ وُجُوبَ الْقِتَالِ لِلْكُفَّارِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُؤَدُّوا
nindex.php?page=treesubj&link=8760الْجِزْيَةَ. وَالْفِدَاءُ بِالْمَالِ أَوْ بِغَيْرِهِ يُنَافِي ذَلِكَ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَنَقَلَةُ الْآثَارِ أَنَّ سُورَةَ "بَرَاءَةٍ" بَعْدَ سُورَةِ "مُحَمَّدٍ" - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِيهَا نَاسِخًا لِلْفِدَاءِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِهَا..(وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا الْقَتْلَ لِلْمُشْرِكِينَ - أَوِ الْإِسْلَامُ - مَقْصُودٌ بِهِ مُشْرِكُو
الْجَزِيرَةِ فَهُوَ حُكْمٌ خَاصٌّ بِهِمْ. أَمَّا غَيْرُهُمْ خَارِجَهَا
[ ص: 3285 ] فَتُقْبَلُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ كَمَا تُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَبُولُ الْجِزْيَةِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لَا يَنْفِي أَنْ يَقَعَ الْأَسْرَى فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. فَهَؤُلَاءِ الْأَسْرَى مَا الْحُكْمُ فِيهِمْ؟ نَقُولُ: إِنَّهُ يَجُوزُ الْمَنُّ عَلَيْهِمْ إِذَا رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ، أَوِ الْفِدَاءُ بِهِمْ بِالْمَالِ أَوْ بِالْمُسْلِمِينَ، إِذَا ظَلَّ قَوْمُهُمْ قُوَّةً لَمْ تَسْتَسْلِمْ بَعْدُ وَلَمْ تَقْبَلِ الْجِزْيَةَ. فَأَمَّا عِنْدَ الِاسْتِسْلَامِ لِلْجِزْيَةِ فَالْأَمْرُ مُنْتَهٍ بِطَبِيعَتِهِ وَهَذِهِ حَالَةٌ أُخْرَى، فَحُكْمُ الْأَسْرَى يَظَلُّ سَارِيًا فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَمْ تَنْتَهِ بِالْجِزْيَةِ).
وَالْخُلَاصَةُ الَّتِي نَنْتَهِي إِلَيْهَا أَنَّ هَذَا النَّصَّ هُوَ الْوَحِيدُ الْمُتَضَمِّنُ
nindex.php?page=treesubj&link=8381حُكْمَ الْأَسْرَى. وَسَائِرُ النُّصُوصِ تَتَضَمَّنُ حَالَاتٍ أُخْرَى غَيْرَ حَالَةِ الْأَسْرِ. وَأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ الدَّائِمُ لِلْمَسْأَلَةِ. وَمَا وَقَعَ بِالْفِعْلِ خَارِجًا عَنْهُ كَانَ لِمُوَاجَهَةِ حَالَاتٍ خَاصَّةٍ وَأَوْضَاعٍ وَقْتِيَّةٍ. فَقَتْلُ بَعْضِ الْأَسْرَى كَانَ فِي حَالَاتٍ فَرْدِيَّةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا دَائِمًا نَظَائِرُ; وَقَدْ أُخِذُوا بِأَعْمَالٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْأَسْرِ، لَا بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِمْ لِلْقِتَالِ. وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ جَاسُوسٌ أَسِيرًا فَيُحَاكَمُ عَلَى الْجَاسُوسِيَّةِ لَا عَلَى أَنَّهُ أَسِيرٌ. وَإِنَّمَا كَانَ الْأَسْرُ مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ لِلْقَبْضِ عَلَيْهِ.
وَيَبْقَى الِاسْتِرْقَاقُ. وَقَدْ سَبَقَ لَنَا فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الظِّلَالِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَانَ لِمُوَاجَهَةِ أَوْضَاعٍ عَالَمِيَّةٍ قَائِمَةٍ، وَتَقَالِيدَ فِي الْحَرْبِ عَامَّةٍ. وَلَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُطَبِّقَ الْإِسْلَامُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ النَّصَّ الْعَامَّ: