[ ص: 3443 ] (55)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ الرَّحْمَنِ مَدَنِيَّةٌ
وَآيَاتُهَا ثَمَانٍ وَسَبْعُونَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30349_28766_32872_32412_33679_19788_19830_31756_31759_31760_32200_29026nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1الرَّحْمَنُ (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الإِنْسَانَ (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=4عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=8أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=16فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=18فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20
بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=21فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=23فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ (24)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=25فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (27)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=28فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=30فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30)
[ ص: 3444 ] nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (31)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=32فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=33يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ (33)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=34فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=35يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ (35)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=36فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=37فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=38فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ .ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=40فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ (41)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=42فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=43هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=45فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=46وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=47فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=48ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=49فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=50فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=51فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=52فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=53فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=55فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=56فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=57فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=58كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=59فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانِ (60)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=61فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=62وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=63فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=64مُدْهَامَّتَانِ (64)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=65فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=66فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=67فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=68فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=69فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=70فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=71فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=72حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=73فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=74لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (74)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=75فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=77فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77)
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=78تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ (78)
[ ص: 3445 ] هَذِهِ السُّورَةُ الْمَكِّيَّةُ ذَاتُ نَسَقٍ خَاصٍّ مَلْحُوظٍ. إِنَّهَا إِعْلَانٌ عَامٌّ فِي سَاحَةِ الْوُجُودِ الْكَبِيرِ، وَإِعْلَامٌ بِآلَاءِ اللَّهِ الْبَاهِرَةِ الظَّاهِرَةِ، فِي جَمِيلِ صُنْعِهِ، وَإِبْدَاعِ خَلْقِهِ; وَفِي فَيْضِ نَعْمَائِهِ; وَفِي تَدْبِيرِهِ لِلْوُجُودِ وَمَا فِيهِ; وَتُوَجِّهُ الْخَلَائِقَ كُلَّهَا إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ.. وَهِيَ إِشْهَادٌ عَامٌّ لِلْوُجُودِ كُلِّهِ عَلَى الثَّقَلَيْنِ: الْإِنْسِ وَالْجِنِّ الْمُخَاطَبَيْنِ بِالسُّورَةِ عَلَى السَّوَاءِ، فِي سَاحَةِ الْوُجُودِ، عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ كُلِّ مَوْجُودٍ، مَعَ تَحَدِّيهِمَا إِنْ كَانَا يَمْلِكَانِ التَّكْذِيبَ بِآلَاءِ اللَّهِ، تَحَدِّيًا يَتَكَرَّرُ عَقِبَ بَيَانِ كُلِّ نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِهِ الَّتِي يُعَدِّدُهَا وَيُفَصِّلُهَا، وَيَجْعَلُ الْكَوْنَ كُلَّهُ مَعْرِضًا لَهَا، وَسَاحَةَ الْآخِرَةِ كَذَلِكَ.
وَرَنَّةُ الْإِعْلَانِ تَتَجَلَّى فِي بِنَاءِ السُّورَةِ كُلِّهِ، وَفِي إِيقَاعِ فَوَاصَلِهَا.. تَتَجَلَّى فِي إِطْلَاقِ الصَّوْتِ إِلَى أَعْلَى، وَامْتِدَادِ التَّصْوِيتِ إِلَى بَعِيدٍ; كَمَا تَتَجَلَّى فِي الْمَطْلَعِ الْمُوقِظِ الَّذِي يَسْتَثِيرُ التَّرَقُّبَ وَالِانْتِظَارَ لِمَا يَأْتِي بَعْدَ الْمَطْلَعِ مِنْ أَخْبَارٍ.. الرَّحْمَنُ.. كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ. مُبْتَدَأٌ مُفْرَدٌ.. الرَّحْمَنُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ فِي مَعْنَاهَا الرَّحْمَةُ، وَفِي رَنَّتِهَا الْإِعْلَانُ، وَالسُّورَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيَانٌ لِلَمَسَاتِ الرَّحْمَةِ وَمَعْرِضٌ لِآلَاءِ الرَّحْمَنِ.
وَيَبْدَأُ مَعْرِضُ الْآلَاءِ بِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ بِوَصْفِهِ الْمِنَّةَ الْكُبْرَى عَلَى الْإِنْسَانِ. تَسْبِقُ فِي الذِّكْرِ خَلْقَ الْإِنْسَانِ ذَاتِهِ وَتَعْلِيمَهُ الْبَيَانَ.
ثُمَّ يَذْكُرُ خَلْقَ الْإِنْسَانِ، وَمَنْحَهُ الصِّفَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ الْكُبْرَى.. الْبَيَانَ..
وَمِنْ ثَمَّ يَفْتَحُ صَحَائِفَ الْوُجُودِ النَّاطِقَةَ بِآلَاءِ اللَّهِ.. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ وَالسَّمَاءُ الْمَرْفُوعَةُ. وَالْمِيزَانُ الْمَوْضُوعُ. وَالْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ فَاكِهَةٍ وَنَخْلٍ وَحَبٍّ وَرَيْحَانٍ. وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ. وَالْمَشْرِقَانِ وَالْمَغْرِبَانِ. وَالْبَحْرَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا وَمَا يَجْرِي فِيهِمَا.
فَإِذَا تَمَّ عَرْضُ هَذِهِ الصَّحَائِفِ الْكِبَارِ. عَرَضَ مَشْهَدَ فَنَائِهَا جَمِيعًا. مَشْهَدَ الْفَنَاءِ الْمُطْلَقِ لِلْخَلَائِقِ، فِي ظِلِّ الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ لِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ الْبَاقِي. الَّذِي إِلَيْهِ تَتَوَّجَهُ الْخَلَائِقُ جَمِيعًا، لِيَتَصَرَّفَ فِي أَمْرِهَا بِمَا يَشَاءُ.
وَفِي ظِلِّ الْفَنَاءِ الْمُطْلِقِ وَالْبَقَاءِ الْمُطْلَقِ يَجِيءُ التَّهْدِيدُ الْمُرَوِّعُ وَالتَّحَدِّي الْكَوْنِيُّ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=32فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=33يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا. لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=34فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=35يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=34فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ؟ ..
وَمِنْ ثَمَّ يَعْرِضُ مَشْهَدَ النِّهَايَةِ. مَشْهَدَ الْقِيَامَةِ. يُعْرَضُ فِي صُورَةٍ كَوْنِيَّةٍ. يَرْتَسِمُ فِيهَا مَشْهَدُ السَّمَاءِ حَمْرَاءَ سَائِلَةً، وَمَشْهَدَ الْعَذَابِ لِلْمُجْرِمِينَ، وَالثَّوَابِ لِلْمُتَّقِينَ فِي تَطْوِيلٍ وَتَفْصِيلٍ.
ثُمَّ يَجِيءُ الْخِتَامُ الْمُنَاسِبُ لِمَعْرِضِ الْآلَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=78تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ..
إِنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا إِعْلَانٌ عَامٌّ فِي سَاحَةِ الْوُجُودِ الْكَبِيرِ. إِعْلَانٌ يَنْطَلِقُ مِنَ الْمَلَإِ الْأَعْلَى، فَتَتَجَاوَبُ بِهِ أَرْجَاءُ الْوُجُوِدِ.
وَيَشْهَدُهُ كُلُّ مَنْ فِي الْوُجُودِ وَكُلُّ مَا فِي الْوُجُودِ..
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1 "الرَّحْمَنُ"
هَذَا الْمَطْلَعُ الْمَقْصُودُ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، وَإِيقَاعِهِ وَمُوسِيقَاهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1 "الرَّحْمَنُ" [ ص: 3446 ] بِهَذَا الرَّنِينِ الَّذِي تَتَجَاوَبُ أَصْدَاؤُهُ الطَّلِيقَةُ الْمَدِيدَةُ الْمُدَوِّيَةُ فِي أَرْجَاءِ هَذَا الْكَوْنِ، وَفِي جَنَبَاتِ هَذَا الْوُجُودِ.
"الرَّحْمَنُ" بِهَذَا الْإِيقَاعِ الصَّاعِدِ الذَّاهِبِ إِلَى بَعِيدٍ، يُجَلْجِلُ فِي طِبَاقِ الْوُجُودِ، وَيُخَاطِبُ كُلَّ مَوْجُودٍ وَيَتَلَفَّتُ عَلَى رَنَّتِهِ كُلُّ كَائِنٍ، وَهُوَ يَمْلَأُ فَضَاءَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَيَبْلُغُ إِلَى كُلِّ سَمْعٍ وَكُلِّ قَلْبٍ..
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=1 "الرَّحْمَنُ" وَيَسْكُتُ. وَتَنْتَهِي الْآيَةُ. وَيَصْمُتُ الْوُجُودُ كُلُّهُ وَيُنْصِتُ، فِي ارْتِقَابِ الْخَبَرِ الْعَظِيمِ. بَعْدَ الْمَطْلَعِ الْعَظِيمِ. ثُمَّ يَجِيءُ الْخَبَرُ الْمُتَرَقَّبُ، الَّذِي يَخْفِقُ لَهُ ضَمِيرُ الْوُجُودِ ...
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2عَلَّمَ الْقُرْآنَ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الإِنْسَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=4عَلَّمَهُ الْبَيَانَ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=8أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ. nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=13فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ؟ .
هَذَا هُوَ الْمَقْطَعُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ آلَاءِ الرَّحْمَنِ. وَهَذَا هُوَ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِعْلَانِ..
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=2 "عَلَّمَ الْقُرْآنَ"..
هَذِهِ النِّعْمَةُ الْكُبْرَى الَّتِي تَتَجَلَّى فِيهَا رَحْمَةُ الرَّحْمَنِ بِالْإِنْسَانِ.. الْقُرْآنُ.. التَّرْجَمَةُ الصَّادِقَةُ الْكَامِلَةُ لِنَوَامِيسِ هَذَا الْوُجُودِ. وَمَنْهَجُ السَّمَاءِ لِلْأَرْضِ. الَّذِي يَصِلُ أَهْلَهَا بِنَامُوسِ الْوُجُودِ; وَيُقِيمُ عَقِيدَتَهُمْ وَتَصَوُّرَاتِهِمْ وَمَوَازِينَهُمْ وَقِيَمَهُمْ وَنُظُمَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ عَلَى الْأَسَاسِ الثَّابِتِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الْوُجُودُ. فَيَمْنَحُهُمُ الْيُسْرَ وَالطُّمَأْنِينَةَ وَالتَّفَاهُمَ وَالتَّجَاوُبَ مَعَ النَّامُوسِ.
الْقُرْآنُ الَّذِي يَفْتَحُ حَوَاسَّهُمْ وَمَشَاعِرَهُمْ عَلَى هَذَا الْكَوْنِ الْجَمِيلِ، كَأَنَّمَا يُطَالِعُهُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَيُجَدِّدُ إِحْسَاسَهُمْ بِوُجُودِهِمُ الذَّاتِيِّ، كَمَا يُجَدِّدُ إِحْسَاسَهُمْ بِالْكَوْنِ مِنْ حَوْلِهِمْ. وَيَزِيدُ فَيَمْنَحُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ حَوْلِهِمْ حَيَاةً نَابِضَةً تَتَجَاوَبُ وَتَتَعَاطَفُ مَعَ الْبَشَرِ; فَإِذَا هُمْ بَيْنَ أَصْدِقَاءَ، وَرِفَاقٍ أَحِبَّاءَ، حَيْثُمَا سَارُوا أَوْ أَقَامُوا، طَوَالَ رِحْلَتِهِمْ عَلَى هَذَا الْكَوْكَبِ!
الْقُرْآنُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَخْلَادِهِمْ أَنَّهُمْ خُلَفَاءُ فِي الْأَرْضِ، أَنَّهُمْ كِرَامٌ عَلَى اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ حَمْلَةُ الْأَمَانَةِ الَّتِي أَشْفَقَتْ مِنْهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ. فَيُشْعِرُهُمْ بِقِيمَتِهِمُ الَّتِي يَسْتَمِدُّونَهَا مِنْ تَحْقِيقِ إِنْسَانِيَّتِهِمُ الْعُلْيَا، بِوَسِيلَتِهَا الْوَحِيدَةِ.. الْإِيمَانُ.. الَّذِي يُحْيِي فِي أَرْوَاحِهِمْ نَفْخَةَ اللَّهِ. وَيُحَقِّقُ نِعْمَتَهُ الْكُبْرَى عَلَى الْإِنْسَانِ.
وَمِنْ ثَمَّ قَدَّمَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ عَلَى خَلْقِ الْإِنْسَانِ. فَبِهِ يَتَحَقَّقُ فِي هَذَا الْكَائِنِ مَعْنَى الْإِنْسَانِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=3خَلَقَ الإِنْسَانَ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=4عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ..
وَنَدَعُ - مُؤَقَّتًا - خَلْقَ الْإِنْسَانِ ابْتِدَاءً، فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي مَكَانِهِ مِنَ السُّورَةِ بَعْدَ قَلِيلٍ. إِذِ الْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا هُوَ مَا تَلَاهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ الْبَيَانَ.
إِنَّنَا نَرَى الْإِنْسَانَ يَنْطِقُ وَيُعَبِّرُ وَيُبَيِّنُ، وَيَتَفَاهَمُ، وَيَتَجَاوَبُ مَعَ الْآخَرِينَ.. فَنَنْسَى بِطُولِ الْأُلْفَةِ عَظَمَةَ هَذِهِ الْهِبَةِ، وَضَخَامَةَ هَذِهِ الْخَارِقَةِ، فَيَرُدُّنَا الْقُرْآنُ إِلَيْهَا، وَيُوقِظُنَا لِتَدَبُّرِهَا، فِي مَوَاضِعَ شَتَّى.
فَمَا الْإِنْسَانُ؟ مَا أَصْلُهُ؟ كَيْفَ يَبْدَأُ؟ وَكَيْفَ يَعْلَمُ الْبَيَانَ؟
إِنَّهُ هَذِهِ الْخَلِيَّةُ الْوَاحِدَةُ الَّتِي تَبْدَأُ حَيَاتَهَا فِي الرَّحِمِ. خَلِيَّةً سَاذَجَةً صَغِيرَةً، ضَئِيلَةً، مَهِينَةً. تُرَى بِالْمِجْهَرِ، وَلَا تَكَادُ تَبِينُ. وَهِيَ لَا تُبِينُ!!!
[ ص: 3447 ] وَلَكِنَّ هَذِهِ الْخَلِيَّةَ مَا تَلْبَثُ أَنْ تَكُونَ الْجَنِينَ. الْجَنِينَ الْمُكَوَّنَ مِنْ مَلَايِينِ الْخَلَايَا الْمُنَوَّعَةِ.. عَظِيمَةً. وَغُضْرُوفِيَّةً. وَعَضَلِيَّةً. وَعَصَبِيَّةً. وَجِلْدِيَّةً.. وَمِنْهَا كَذَلِكَ تَتَكَوَّنُ الْجَوَارِحُ وَالْحَوَاسُّ وَوَظَائِفُهَا الْمُدْهِشَةُ: السَّمْعُ. الْبَصَرُ. الذَّوْقُ. الشَّمُّ. اللَّمْسُ. ثُمَّ.. ثُمَّ الْخَارِقَةُ الْكُبْرَى وَالسِّرُّ الْأَعْظَمُ: الْإِدْرَاكُ وَالْبَيَانُ، وَالشُّعُورُ وَالْإِلْهَامُ.. كُلُّهُ مِنْ تِلْكَ الْخَلِيَّةِ الْوَاحِدَةِ السَّاذَجَةِ الصَّغِيرَةِ الضَّئِيلَةِ الْمَهِينَةِ، الَّتِي لَا تَكَادُ تَبِينُ، وَالَّتِي لَا تُبِينُ!
كَيْفَ؟ وَمِنْ أَيْنَ؟ مِنَ الرَّحْمَنِ، وَبِصُنْعِ الرَّحْمَنِ.
فَلْنَنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ الْبَيَانُ؟:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=78وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ..
إِنَّ تَكْوِينَ جِهَازِ النُّطْقِ وَحْدَهُ عَجِيبَةٌ لَا يَنْقَضِي مِنْهَا الْعَجَبُ.. اللِّسَانُ وَالشَّفَتَانِ وَالْفَكُّ وَالْأَسْنَانُ. وَالْحَنْجَرَةُ وَالْقَصَبَةُ الْهَوَائِيَّةُ وَالشُّعَبُ وَالرِّئَتَانِ.. إِنَّهَا كُلَّهَا تَشْتَرِكُ فِي عَمَلِيَّةِ التَّصْوِيتِ الْآلِيَّةِ وَهِيَ حَلْقَةٌ فِي سِلْسِلَةِ الْبَيَانِ. وَهِيَ عَلَى ضَخَامَتِهَا لَا تُمَثِّلُ إِلَّا الْجَانِبَ الْمِيكَانِيكِيَّ الْآلِيَّ فِي هَذِهِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُعَقَّدَةِ، الْمُتَعَلِّقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسَّمْعِ وَالْمُخِّ وَالْأَعْصَابِ. ثُمَّ بِالْعَقْلِ الَّذِي لَا نَعْرِفُ عَنْهُ إِلَّا اسْمَهُ. وَلَا نَدْرِي شَيْئًا عَنْ مَاهِيَّتِهِ وَحَقِيقَتِهِ. بَلْ لَا نَكَادُ نَدْرِي شَيْئًا عَنْ عَمَلِهِ وَطَرِيقَتِهِ!
كَيْفَ يَنْطِقُ النَّاطِقُ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ؟
إِنَّهَا عَمَلِيَّةٌ مُعَقَّدَةٌ كَثِيرَةُ الْمَرَاحِلِ وَالْخُطُوَاتِ وَالْأَجْهِزَةِ. مَجْهُولَةٌ فِي بَعْضِ الْمَرَاحِلِ خَافِيَةٌ حَتَّى الْآنَ.
إِنَّهَا تَبْدَأُ شُعُورًا بِالْحَاجَةِ إِلَى النُّطْقِ بِهَذَا اللَّفْظِ لِأَدَاءِ غَرَضٍ مُعَيَّنٍ. هَذَا الشُّعُورُ يَنْتَقِلُ - لَا نَدْرِي كَيْفَ - مِنَ الْإِدْرَاكِ أَوِ الْعَقْلِ أَوِ الرُّوحِ إِلَى أَدَاةِ الْعَمَلِ الْحِسِّيَّةِ.. الْمُخِّ.. وَيُقَالُ: إِنَّ الْمُخَّ يُصْدِرُ أَمْرَهُ عَنْ طَرِيقِ الْأَعْصَابِ بِالنُّطْقِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمَطْلُوبِ. وَاللَّفْظُ ذَاتُهُ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ لِلْإِنْسَانِ وَعَرَّفَهُ مَعْنَاهُ. وَهُنَا تَطْرُدُ الرِّئَةُ قَدْرًا مِنَ الْهَوَاءِ الْمُخْتَزَنِ فِيهَا، لِيَمُرَّ مِنَ الشُّعَبِ إِلَى الْقَصَبَةِ الْهَوَائِيَّةِ إِلَى الْحَنْجَرَةِ وَحِبَالِهَا الصَّوْتِيَّةِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي لَا تُقَاسُ إِلَيْهَا أَوْتَارُ أَيَّةِ آلَةٍ صَوْتِيَّةٍ صَنَعَهَا الْإِنْسَانُ، وَلَا جَمِيعُ الْآلَاتِ الصَّوْتِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَنْغَامِ! فَيُصَوِّتُ الْهَوَاءُ فِي الْحَنْجَرَةِ صَوْتًا تُشَكِّلُهُ حَسَبَمَا يُرِيدُ الْعَقْلُ.. عَالِيًا أَوْ خَافِتًا. سَرِيعًا أَوْ بَطِيئًا. خَشِنًا أَوْ نَاعِمًا. ضَخْمًا أَوْ رَفِيعًا.. إِلَى آخِرِ أَشْكَالِ الصَّوْتِ وَصِفَاتِهِ. وَمَعَ الْحَنْجَرَةِ اللِّسَانُ وَالشَّفَتَانِ وَالْفَكُّ وَالْأَسْنَانُ، يَمُرُّ بِهَا هَذَا الصَّوْتُ فَيَتَشَكَّلُ بِضُغُوطٍ خَاصَّةٍ فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَفِي اللِّسَانِ خَاصَّةً يَمُرُّ كُلُّ حَرْفٍ بِمِنْطَقَةٍ مِنْهُ ذَاتِ إِيقَاعٍ مُعَيَّنٍ، يَتِمُّ فِيهِ الضَّغْطُ الْمُعَيَّنُ، لِيُصَوِّتَ الْحَرْفُ بِجَرْسٍ مُعَيَّنٍ..
وَذَلِكَ كُلُّهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ.. وَوَرَاءَهُ الْعِبَارَةُ. وَالْمَوْضُوعُ. وَالْفِكْرَةُ. وَالْمَشَاعِرُ السَّابِقَةُ وَاللَّاحِقَةُ. وَكُلٌّ مِنْهَا عَالَمٌ عَجِيبٌ غَرِيبٌ، يَنْشَأُ فِي هَذَا الْكِيَانِ الْإِنْسَانِيِّ الْعَجِيبِ الْغَرِيبِ، بِصَنْعَةِ الرَّحْمَنِ، وَفَضْلِ الرَّحْمَنِ.