nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104nindex.php?page=treesubj&link=19580_30614_31780_29689_33679_10016_28678_29705_19696_28981قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين (104)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين (105)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين (106)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (107)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل (108)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين (109)
هذه خاتمة السورة، وخاتمة المطاف لتلك الجولات في شتى الآفاق، تلك الجولات التي نحس أننا عائدون منها بعد سياحات طويلة في آفاق الكون، وجوانب النفس، وعوالم الفكر والشعور والتأملات. عائدون منها في مثل الإجهاد من طول التطواف، وضخامة الجني، وامتلاء الوطاب!
هذه خاتمة السورة التي تضمنت تلك الجولات حول العقيدة في مسائلها الرئيسية الكبيرة: توحيد الربوبية والقوامة والحاكمية، ونفي الشركاء والشفعاء، ورجعة الأمر كله إلى الله، وسننه المقدرة التي لا يملك أحد
[ ص: 1825 ] تحويلها ولا تبديلها. والوحي وصدقه، والحق الخالص الذي جاء به. والبعث واليوم الآخر والقسط في الجزاء..
هذه القواعد الرئيسية للعقيدة التي دار حولها سياق السورة كله، وسيقت القصص لإيضاحها، وضربت الأمثال لبيانها..
ها هي ذي كلها تلخص في هذه الخاتمة، ويكلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعلنها للناس إعلانا عاما، وأن يلقي إليهم بالكلمة الأخيرة الحاسمة: أنه ماض في خطته، مستقيم على طريقته حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قل: يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله، ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم، وأمرت أن أكون من المؤمنين ..
قل: يا أيها الناس جميعا، وإن كان الذين يتلقون الخطاب إذ ذاك هم مشركي
قريش، إن كنتم في شك من أن ديني الذي أدعوكم إليه هو الحق، فإن هذا لا يحولني عن يقيني، ولا يجعلني أعبد آلهتكم التي تعبدونها من دون الله..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم ..
أعبد الله الذي يملك آجالكم وأعماركم. وإبراز هذه الصفة لله هنا له قيمته وله دلالته، فهو تذكير لهم بقهر الله فوقهم، وانتهاء آجالهم إليه، فهو أولى بالعبادة من تلك الآلهة التي لا تحيي ولا تميت..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104وأمرت أن أكون من المؤمنين ..
فأنا عند الأمر لا أتعداه.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ..
وهنا يتحول السياق من الحكاية إلى الأمر المباشر، كأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتلقاه في مشهد حاضر للجميع. وهذا أقوى وأعمق تأثيرا.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105أقم وجهك للدين حنيفا متوجها إليه خالصا له، موقوفا عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105ولا تكونن من المشركين زيادة في توكيد معنى الاستقامة للدين، ولمعنى أن يكون من المؤمنين، عن طريق النهي المباشر عن الشرك بعد الأمر المباشر بالإيمان.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك. فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين ..
لا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك من هؤلاء الشركاء والشفعاء، الذين يدعوهم المشركون لجلب النفع ودفع الضر. فإن فعلت فإنك إذن من هؤلاء المشركين! فميزان الله لا يحابي وعدله لا يلين..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله، يصيب به من يشاء من عباده، وهو الغفور الرحيم ..
فالضر نتيجة لازمة لسنة الله الجارية حين يتعرض الإنسان لأسبابه، والخير كذلك..
فإن مسك الله بضر عن طريق جريان سنته فلن يكشفه عنك إنسان، إنما يكشف باتباع سنته، وترك الأسباب المؤدية إلى الضر إن كانت معلومة، أو الالتجاء إلى الله ليهديك إلى تركها إن كانت مجهولة. وإن أراد بك الخير ثمرة لعملك وفق سنته فلن يرد هذا الفضل عنك أحد من خلقه. فهذا الفضل يصيب من عباده من
[ ص: 1826 ] يتصلون بأسبابه وفق مشيئته العامة وسنته الماضية.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وهو الغفور الرحيم الذي يغفر ما مضى متى وقعت التوبة، ويرحم عباده فيكفر عنهم سيئاتهم بتوبتهم وعملهم الصالح وعودتهم إلى الصراط المستقيم.
هذه خلاصة العقيدة كلها، مما تضمنته السورة، يكلف الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعلنهما للناس، ويوجه إليه الخطاب بها كأنما على مشهد منهم. وهم هم المقصودون بها. إنما هو أسلوب من التوجيه الموحي المؤثر في النفوس. ويقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها في وجه القوة والكثرة; ووجه الرواسب الجاهلية، ووجه التاريخ الموغل بالمشركين في الشرك.. يعلنها في قوة وفي صراحة وهو في عدد قليل من المؤمنين في
مكة، والقوة الظاهرة كلها للمشركين..
ولكنها الدعوة وتكاليفها، والحق وما ينبغي له من قوة ومن يقين.
ومن ثم يكون الإعلان الأخير للناس:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قل: يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، وما أنا عليكم بوكيل .
فهو الإعلان الأخير، والكلمة الفاصلة، والمفاصلة الكاملة، ولكل أن يختار لنفسه. فهذا هو الحق قد جاءهم من ربهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها ..
وليس الرسول موكلا بالناس يسوقهم إلى الهدى سوقا، إنما هو مبلغ، وهم موكولون إلى إرادتهم وإلى اختيارهم وإلى تبعاتهم، وإلى قدر الله بهم في النهاية.
والختام خطاب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - باتباع ما أمر به، والصبر على ما يلقاه حتى يحكم الله بما قدره وقضاه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ..
وهو الختام المناسب الذي يلتقي مع مطلع السورة، ويتناسق مع محتوياتها بجملتها على طريقة القرآن في التصوير والتنسيق..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104nindex.php?page=treesubj&link=19580_30614_31780_29689_33679_10016_28678_29705_19696_28981قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهِ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (104)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ (106)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مَنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)
هَذِهِ خَاتِمَةُ السُّورَةِ، وَخَاتِمَةُ الْمَطَافِ لِتِلْكَ الْجَوْلَاتِ فِي شَتَّى الْآفَاقِ، تِلْكَ الْجَوْلَاتِ الَّتِي نُحِسُّ أَنَّنَا عَائِدُونَ مِنْهَا بَعْدَ سِيَاحَاتٍ طَوِيلَةٍ فِي آفَاقِ الْكَوْنِ، وَجَوَانِبِ النَّفْسِ، وَعَوَالِمِ الْفِكْرِ وَالشُّعُورِ وَالتَّأَمُّلَاتِ. عَائِدُونَ مِنْهَا فِي مِثْلِ الْإِجْهَادِ مِنْ طُولِ التَّطْوَافِ، وَضَخَامَةِ الْجَنْيِ، وَامْتِلَاءِ الْوِطَابِ!
هَذِهِ خَاتِمَةُ السُّورَةِ الَّتِي تَضَمَّنَتْ تِلْكَ الْجَوْلَاتُ حَوْلَ الْعَقِيدَةِ فِي مَسَائِلِهَا الرَّئِيسِيَّةِ الْكَبِيرَةِ: تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْقَوَامَةِ وَالْحَاكِمِيَّةِ، وَنَفْيِ الشُّرَكَاءِ وَالشُّفَعَاءِ، وَرَجْعَةِ الْأَمْرِ كُلِّهِ إِلَى اللَّهِ، وَسُنَنِهِ الْمُقَدَّرَةِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ
[ ص: 1825 ] تَحْوِيلَهَا وَلَا تَبْدِيلَهَا. وَالْوَحْيُ وَصِدْقُهُ، وَالْحَقُّ الْخَالِصُ الَّذِي جَاءَ بِهِ. وَالْبَعْثُ وَالْيَوْمُ الْآخِرُ وَالْقِسْطُ فِي الْجَزَاءِ..
هَذِهِ الْقَوَاعِدُ الرَّئِيسِيَّةُ لِلْعَقِيدَةِ الَّتِي دَارَ حَوْلَهَا سِيَاقُ السُّورَةِ كُلُّهُ، وَسِيقَتِ الْقِصَصُ لِإِيضَاحِهَا، وَضُرِبَتِ الْأَمْثَالُ لِبَيَانِهَا..
هَا هِيَ ذِي كُلُّهَا تُلَخَّصُ فِي هَذِهِ الْخَاتِمَةِ، وَيُكَلِّفُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْلِنَهَا لِلنَّاسِ إِعْلَانًا عَامًّا، وَأَنْ يُلْقِيَ إِلَيْهِمْ بِالْكَلِمَةِ الْأَخِيرَةِ الْحَاسِمَةِ: أَنَّهُ مَاضٍ فِي خُطَّتِهِ، مُسْتَقِيمٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104قُلْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهِ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ..
قُلْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَ الْخِطَابَ إِذْ ذَاكَ هُمْ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ، إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ أَنَّ دِينِي الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُحَوِّلُنِي عَنْ يَقِينِي، وَلَا يَجْعَلُنِي أَعْبُدُ آلِهَتَكُمُ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ..
أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَمْلِكُ آجَالَكُمْ وَأَعْمَارَكُمْ. وَإِبْرَازُ هَذِهِ الصِّفَةِ لِلَّهِ هُنَا لَهُ قِيمَتُهُ وَلَهُ دَلَالَتُهُ، فَهُوَ تَذْكِيرٌ لَهُمْ بِقَهْرِ اللَّهِ فَوْقَهُمْ، وَانْتِهَاءِ آجَالِهِمْ إِلَيْهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِالْعِبَادَةِ مِنْ تِلْكَ الْآلِهَةِ الَّتِي لَا تُحْيِي وَلَا تُمِيتُ..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ..
فَأَنَا عِنْدَ الْأَمْرِ لَا أَتَعَدَّاهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ..
وَهُنَا يَتَحَوَّلُ السِّيَاقُ مِنَ الْحِكَايَةِ إِلَى الْأَمْرِ الْمُبَاشِرِ، كَأَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَلَقَّاهُ فِي مَشْهَدٍ حَاضِرٍ لِلْجَمِيعِ. وَهَذَا أَقْوَى وَأَعْمَقُ تَأْثِيرًا.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِ خَالِصًا لَهُ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ زِيَادَةً فِي تَوْكِيدِ مَعْنَى الِاسْتِقَامَةِ لِلدِّينِ، وَلِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، عَنْ طَرِيقِ النَّهْيِ الْمُبَاشِرِ عَنِ الشِّرْكِ بَعْدَ الْأَمْرِ الْمُبَاشِرِ بِالْإِيمَانِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ. فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ ..
لَا تَدَعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاءِ وَالشُّفَعَاءِ، الَّذِينَ يَدْعُوهُمُ الْمُشْرِكُونَ لِجَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ. فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذَنْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ! فَمِيزَانُ اللَّهِ لَا يُحَابِي وَعَدْلُهُ لَا يَلِينُ..
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مَنْ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ..
فَالضُّرُّ نَتِيجَةٌ لَازِمَةٌ لِسُنَّةِ اللَّهِ الْجَارِيَةِ حِينَ يَتَعَرَّضُ الْإِنْسَانُ لِأَسْبَابِهِ، وَالْخَيْرِ كَذَلِكَ..
فَإِنَّ مَسَّكَ اللَّهُ بِضُرٍّ عَنْ طَرِيقِ جَرَيَانِ سُنَّتِهِ فَلَنْ يَكْشِفَهُ عَنْكَ إِنْسَانٌ، إِنَّمَا يَكْشِفُ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَتَرْكِ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الضُّرِّ إِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، أَوِ الِالْتِجَاءِ إِلَى اللَّهِ لِيَهْدِيَكَ إِلَى تَرْكِهَا إِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً. وَإِنْ أَرَادَ بِكَ الْخَيْرُ ثَمَرَةً لِعَمَلِكَ وَفْقَ سُنَّتِهِ فَلَنْ يَرُدَّ هَذَا الْفَضْلَ عَنْكَ أَحَدٌ مِنْ خُلُقِهِ. فَهَذَا الْفَضْلُ يُصِيبُ مِنْ عِبَادِهِ مَنْ
[ ص: 1826 ] يَتَّصِلُونَ بِأَسْبَابِهِ وَفْقَ مَشِيئَتِهِ الْعَامَّةِ وَسُنَّتِهِ الْمَاضِيَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَغْفِرُ مَا مَضَى مَتَى وَقَعَتِ التَّوْبَةُ، وَيَرْحَمُ عِبَادَهُ فَيُكَفِّرُ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ بِتَوْبَتِهِمْ وَعَمَلِهِمُ الصَّالِحِ وَعَوْدَتِهِمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
هَذِهِ خُلَاصَةُ الْعَقِيدَةِ كُلِّهَا، مِمَّا تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ، يُكَلِّفُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْلِنَهُمَا لِلنَّاسِ، وَيُوَجِّهَ إِلَيْهِ الْخِطَابَ بِهَا كَأَنَّمَا عَلَى مَشْهَدٍ مِنْهُمْ. وَهُمْ هُمُ الْمَقْصُودُونَ بِهَا. إِنَّمَا هُوَ أُسْلُوبٌ مِنَ التَّوْجِيهِ الْمُوحِي الْمُؤَثِّرِ فِي النُّفُوسِ. وَيَقِفُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا فِي وَجْهِ الْقُوَّةِ وَالْكَثْرَةِ; وُوجْهِ الرَّوَاسِبِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَوَجْهِ التَّارِيخِ الْمُوغِلِ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الشِّرْكِ.. يُعْلِنُهَا فِي قُوَّةٍ وَفِي صَرَاحَةٍ وَهُوَ فِي عَدَدٍ قَلِيلٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي
مَكَّةَ، وَالْقُوَّةِ الظَّاهِرَةِ كُلِّهَا لِلْمُشْرِكِينَ..
وَلَكِنَّهَا الدَّعْوَةُ وَتَكَالِيفُهَا، وَالْحَقُّ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ يَقِينٍ.
وَمِنْ ثَمَّ يَكُونُ الْإِعْلَانُ الْأَخِيرُ لِلنَّاسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108قُلْ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ، فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا، وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ .
فَهُوَ الْإِعْلَانُ الْأَخِيرُ، وَالْكَلِمَةُ الْفَاصِلَةُ، وَالْمُفَاصَلَةُ الْكَامِلَةُ، وَلِكُلٍّ أَنْ يَخْتَارَ لِنَفْسِهِ. فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ قَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=108فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ..
وَلَيْسَ الرَّسُولُ مَوَكَّلًا بِالنَّاسِ يَسُوقُهُمْ إِلَى الْهُدَى سُوقًا، إِنَّمَا هُوَ مُبَلِّغٌ، وَهُمْ مَوْكُولُونَ إِلَى إِرَادَتِهِمْ وَإِلَى اخْتِيَارِهِمْ وَإِلَى تِبْعَاتِهِمْ، وَإِلَى قَدَرِ اللَّهِ بِهِمْ فِي النِّهَايَةِ.
وَالْخِتَامُ خِطَابٌ إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يَلْقَاهُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بِمَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=109وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ..
وَهُوَ الْخِتَامُ الْمُنَاسِبُ الَّذِي يَلْتَقِي مَعَ مَطْلَعِ السُّورَةِ، وَيَتَنَاسَقُ مَعَ مُحْتَوَيَاتِهَا بِجُمْلَتِهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْقُرْآنِ فِي التَّصْوِيرِ وَالتَّنْسِيقِ..