[ ص: 2077 ] (14)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة إبراهيم مكية
وآياتها ثنتان وخمسون
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه السورة - سورة إبراهيم - مكية، موضوعها الأساسي هو موضوع السور المكية الغالب: العقيدة في أصولها الكبيرة: الوحي والرسالة والتوحيد والبعث والحساب والجزاء.
ولكن السياق في السورة يسلك نهجا خاصا بها في عرض هذا الموضوع وحقائقه الأصيلة؛ نهجا مفردا يميزها - كالشأن في كل سورة قرآنية - عن السور غيرها، يميزها بجوها وطريقة أدائها، والأضواء والظلال الخاصة التي تعرض فيها حقائقها الكبرى، ولون هذه الحقائق التي قد لا تفترق موضوعيا عن مثيلاتها في السور الأخرى; ولكنها تعرض من زاوية خاصة، في أضواء خاصة فتوحي إيحاءات خاصة، كما تختلف مساحتها في رقعة السورة وجوها، فتزيد أطرافا وتنقص أطرافا، فيحسها القارئ جديدة بما وقع فيها من تجديد في "اللقطات الفنية".ونحن نستعمل هذا التعبير "اللقطات الفنية" لأنه يلاحظ في صورته المعجزة في طريقة الأداء القرآنية!
ويبدو أنه كان لجو السورة من اسمها نصيب..
إبراهيم .. أبو الأنبياء.. المبارك، الشاكر الأواه المنيب، وكل الظلال التي تخلعها هذه الصفات ملحوظة في جو السورة، وفي الحقائق التي تبرزها، وفي طريقة الأداء، وفي التعبير والإيقاع.
ولقد تضمنت السورة عدة حقائق رئيسية في العقيدة، ولكن حقيقتين كبيرتين تظللان جو السورة كلها، وهما الحقيقتان المتناسقتان مع ظل
إبراهيم في جو السورة؛ حقيقة وحدة الرسالة والرسل، ووحدة دعوتهم، ووقفتهم أمة واحدة في مواجهة الجاهلية المكذبة بدين الله على اختلاف الأمكنة والأزمان.وحقيقة نعمة الله على البشر وزيادتها بالشكر; ومقابلة أكثر الناس لها بالجحود والكفران.
وبروز هاتين الحقيقتين، أو هذين الظلين، لا ينفي أن هناك حقائق أخرى في سياق السورة، ولكن هاتين الحقيقتين تظللان جو السورة، وهذا ما أردنا الإشارة إليه:
تبدأ السورة ببيان وظيفة الرسول وما أوتيه من كتاب؛ فهي إخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد .
وتختم بهذا المعنى وبالحقيقة الكبرى التي تتضمنها الرسالة، حقيقة التوحيد:
[ ص: 2078 ] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=52هذا بلاغ للناس ولينذروا به، وليعلموا أنما هو إله واحد، وليذكر أولو الألباب .
وفي أثنائها يذكر أن
موسى قد أرسل بمثل ما أرسل به
محمد - صلى الله عليه وسلم - ولمثل ما أرسل به، حتى في ألفاظ التعبير:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ..
ويذكر كذلك أن وظيفة الرسل عامة؛ كانت هي البيان:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ..
وتتضمن إلى جانب وظيفة الرسول بيان حقيقته البشرية، وهي التي تحدد وظيفته؛ فهو مبلغ ومنذر وناصح ومبين، ولكنه لا يملك أن يأتي بخارقة إلا بإذن الله، وحين يشاء الله، لا حين يشاء هو أو قومه; ولا يملك كذلك أن يهدي قومه أو يضلهم، فالهدى والضلال متعلقان بسنة الله التي اقتضتها مشيئته المطلقة.
ولقد كانت بشرية الرسل هي موضع الاعتراض من جميع الأقوام في جاهليتهم، والسورة هنا تحكي قولهم مجتمعين:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10قالوا: إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا، فأتونا بسلطان مبين .
وتحكي رد رسلهم كذلك مجتمعين:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=11قالت لهم رسلهم: إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده. وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله. وعلى الله فليتوكل المؤمنون .
ويتضمن السياق كذلك أن إخراج الناس من الظلمات إلى النور إنما يتم
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بإذن ربهم .. وكل رسول يبين لقومه
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء، وهو العزيز الحكيم .
وبهذا وذلك تتحدد حقيقة الرسول، فتتحدد وظيفته في حدود هذه الحقيقة، ولا تشتبه حقيقة الرسل البشرية وصفاتهم، بشيء من حقيقة الذات الإلهية وصفاتها، وكذلك يتجرد توحيد الله بلا ظل من مماثلة أو مشابهة.
كذلك تتضمن السورة تحقق وعد الله للرسل والمؤمنين بهم إيمانا حقا، تحقق ذلك الوعد في الدنيا بالنصر والاستخلاف، وفي الآخرة بعذاب المكذبين ونعيم المؤمنين.
يصور السياق هذه الحقيقة الكبيرة في نهاية المعركة بين الرسل مجتمعين وقومهم مجتمعين في الدنيا:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وقال الذين كفروا لرسلهم: لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ولنسكننكم الأرض من بعدهم. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد.. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد.. .
ويصورها في مشاهد القيامة في الآخرة:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=23وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=49وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد، nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=50سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ..
ويصورها في الأمثال التي يضربها لهؤلاء وهؤلاء:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت [ ص: 2079 ] من فوق الأرض ما لها من قرار. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء
..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شيء. ذلك هو الضلال البعيد ..
[ ص: 2077 ] (14)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ مَكِّيَّةٌ
وَآيَاتُهَا ثَنَتَانِ وَخَمْسُونَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَذِهِ السُّورَةُ - سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ - مَكِّيَّةٌ، مَوْضُوعُهَا الْأَسَاسِيُّ هُوَ مَوْضُوعُ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ الْغَالِبُ: الْعَقِيدَةُ فِي أُصُولِهَا الْكَبِيرَةِ: الْوَحْيُ وَالرِّسَالَةُ وَالتَّوْحِيدُ وَالْبَعْثُ وَالْحِسَابُ وَالْجَزَاءُ.
وَلَكِنَّ السِّيَاقَ فِي السُّورَةِ يَسْلُكُ نَهْجًا خَاصًّا بِهَا فِي عَرْضِ هَذَا الْمَوْضُوعِ وَحَقَائِقِهِ الْأَصِيلَةِ؛ نَهْجًا مُفْرَدًا يُمَيِّزُهَا - كَالشَّأْنِ فِي كُلِّ سُورَةٍ قُرْآنِيَّةٍ - عَنِ السُّورِ غَيْرِهَا، يُمَيِّزُهَا بِجَوِّهَا وَطَرِيقَةِ أَدَائِهَا، وَالْأَضْوَاءِ وَالظِّلَالِ الْخَاصَّةِ الَّتِي تُعْرَضُ فِيهَا حَقَائِقُهَا الْكُبْرَى، وَلَوْنُ هَذِهِ الْحَقَائِقِ الَّتِي قَدْ لَا تَفْتَرِقُ مَوْضُوعِيًّا عَنْ مَثِيلَاتِهَا فِي السُّوَرِ الْأُخْرَى; وَلَكِنَّهَا تُعْرَضُ مِنْ زَاوِيَةٍ خَاصَّةٍ، فِي أَضْوَاءَ خَاصَّةٍ فُتُوحِي إِيحَاءَاتٍ خَاصَّةٍ، كَمَا تَخْتَلِفُ مِسَاحَتُهَا فِي رُقْعَةِ السُّورَةِ وَجَوِّهَا، فَتَزِيدُ أَطْرَافًا وَتَنْقُصُ أَطْرَافًا، فَيُحِسُّهَا الْقَارِئُ جَدِيدَةً بِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ تَجْدِيدٍ فِي "اللَّقَطَاتِ الْفَنِّيَّةِ".وَنَحْنُ نَسْتَعْمِلُ هَذَا التَّعْبِيرَ "اللَّقَطَاتِ الْفَنِّيَّةِ" لِأَنَّهُ يُلَاحَظُ فِي صُورَتِهِ الْمُعْجِزَةِ فِي طَرِيقَةِ الْأَدَاءِ الْقُرْآنِيَّةِ!
وَيَبْدُو أَنَّهُ كَانَ لِجَوِّ السُّورَةِ مِنَ اسْمِهَا نَصِيبٌ..
إِبْرَاهِيمُ .. أَبُو الْأَنْبِيَاءِ.. الْمُبَارَكُ، الشَّاكِرُ الْأَوَّاهُ الْمُنِيبُ، وَكُلُّ الظِّلَالِ الَّتِي تَخْلَعُهَا هَذِهِ الصِّفَاتُ مَلْحُوظَةٌ فِي جَوِّ السُّورَةِ، وَفِي الْحَقَائِقِ الَّتِي تُبْرِزُهَا، وَفِي طَرِيقَةِ الْأَدَاءِ، وَفِي التَّعْبِيرِ وَالْإِيقَاعِ.
وَلِقَدْ تَضَمَّنَتِ السُّورَةُ عِدَّةَ حَقَائِقَ رَئِيسِيَّةٍ فِي الْعَقِيدَةِ، وَلَكِنَّ حَقِيقَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ تُظَلِّلَانِ جَوَّ السُّورَةِ كُلِّهَا، وَهُمَا الْحَقِيقَتَانِ الْمُتَنَاسِقَتَانِ مَعَ ظِلِّ
إِبْرَاهِيمَ فِي جَوِّ السُّورَةِ؛ حَقِيقَةُ وَحْدَةُ الرِّسَالَةِ وَالرُّسُلِ، وَوَحْدَةُ دَعَوْتِهِمْ، وَوَقَّفْتِهِمْ أُمَّةً وَاحِدَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُكَذِّبَةِ بِدِينِ اللَّهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمَانِ.وَحَقِيقَةُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى الْبَشَرِ وَزِيَادَتِهَا بِالشُّكْرِ; وَمُقَابَلَةُ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهَا بِالْجُحُودِ وَالْكُفْرَانِ.
وَبُرُوزُ هَاتَيْنِ الْحَقِيقَتَيْنِ، أَوْ هَذَيْنَ الظِّلَّيْنِ، لَا يَنْفِي أَنَّ هُنَاكَ حَقَائِقَ أُخْرَى فِي سِيَاقِ السُّورَةِ، وَلَكِنَّ هَاتَيْنِ الْحَقِيقَتَيْنِ تُظَلِّلَانِ جَوَّ السُّورَةِ، وَهَذَا مَا أَرَدْنَا الْإِشَارَةَ إِلَيْهِ:
تَبْدَأُ السُّورَةُ بِبَيَانِ وَظِيفَةِ الرَّسُولِ وَمَا أُوتِيَهُ مِنْ كِتَابٍ؛ فَهِيَ إِخْرَاجُ النَّاسِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ اللَّهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ .
وَتُخْتَمُ بِهَذَا الْمَعْنَى وَبِالْحَقِيقَةِ الْكُبْرَى الَّتِي تَتَضَمَّنُهَا الرِّسَالَةُ، حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ:
[ ص: 2078 ] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=52هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ، وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ .
وَفِي أَثْنَائِهَا يُذْكَرُ أَنَّ
مُوسَى قَدْ أُرْسِلَ بِمِثْلِ مَا أُرْسِلَ بِهِ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمِثْلِ مَا أُرْسِلَ بِهِ، حَتَّى فِي أَلْفَاظِ التَّعْبِيرِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ..
وَيُذْكَرُ كَذَلِكَ أَنَّ وَظِيفَةَ الرُّسُلِ عَامَّةً؛ كَانَتْ هِيَ الْبَيَانَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ..
وَتَتَضَمَّنُ إِلَى جَانِبِ وَظِيفَةِ الرَّسُولِ بَيَانَ حَقِيقَتِهِ الْبَشَرِيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي تُحَدِّدُ وَظِيفَتَهُ؛ فَهُوَ مُبَلِّغٌ وَمُنْذِرٌ وَنَاصِحٌ وَمُبِينٌ، وَلَكِنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَأْتِيَ بِخَارِقَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَحِينَ يَشَاءُ اللَّهُ، لَا حِينَ يَشَاءُ هُوَ أَوْ قَوْمُهُ; وَلَا يَمْلِكُ كَذَلِكَ أَنْ يَهْدِيَ قَوْمَهُ أَوْ يُضِلَّهُمْ، فَالْهُدَى وَالضَّلَالُ مُتَعَلِّقَانِ بِسُنَّةِ اللَّهِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا مَشِيئَتُهُ الْمُطْلَقَةُ.
وَلِقَدْ كَانَتْ بَشَرِيَّةُ الرُّسُلِ هِيَ مَوْضِعُ الِاعْتِرَاضِ مِنْ جَمِيعِ الْأَقْوَامِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، وَالسُّورَةُ هُنَا تَحْكِي قَوْلَهُمْ مُجْتَمَعَيْنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10قَالُوا: إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا، فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ .
وَتَحْكِي رَدَّ رُسُلِهِمْ كَذَلِكَ مُجْتَمَعَيْنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=11قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ: إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مَنْ عِبَادِهِ. وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهَ. وَعَلَى اللَّهَ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ .
وَيَتَضَمَّنُ السِّيَاقُ كَذَلِكَ أَنَّ إِخْرَاجَ النَّاسِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ إِنَّمَا يَتِمُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بِإِذْنِ رَبِّهِمْ .. وَكُلُّ رَسُولٍ يُبَيِّنُ لِقَوْمِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
وَبِهَذَا وَذَلِكَ تَتَحَدَّدُ حَقِيقَةُ الرَّسُولِ، فَتَتَحَدَّدُ وَظِيفَتُهُ فِي حُدُودِ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَلَا تُشْتَبَهُ حَقِيقَةُ الرُّسُلِ الْبَشَرِيَّةِ وَصِفَاتِهِمُ، بِشَيْءٍ مِنْ حَقِيقَةِ الذَّاتِ الْإِلَهِيَّةِ وَصِفَاتِهَا، وَكَذَلِكَ يَتَجَرَّدُ تَوْحِيدُ اللَّهِ بِلَا ظِلٍّ مِنْ مُمَاثَلَةٍ أَوْ مُشَابَهَةٍ.
كَذَلِكَ تَتَضَمَّنُ السُّورَةُ تَحَقَّقَ وَعْدِ اللَّهِ لِلرُّسُلِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ إِيمَانًا حَقًّا، تَحَقَّقَ ذَلِكَ الْوَعْدُ فِي الدُّنْيَا بِالنَّصْرِ وَالِاسْتِخْلَافِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِعَذَابِ الْمُكَذِّبِينَ وَنَعِيمِ الْمُؤْمِنِينَ.
يُصَوِّرُ السِّيَاقُ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ الْكَبِيرَةَ فِي نِهَايَةِ الْمَعْرَكَةِ بَيْنَ الرُّسُلِ مُجْتَمَعَيْنِ وَقَوْمَهُمْ مُجْتَمَعَيْنِ فِي الدُّنْيَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ: لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ. ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ.. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ.. .
وَيُصَوِّرُهَا فِي مَشَاهِدِ الْقِيَامَةِ فِي الْآخِرَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=23وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=49وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ، nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=50سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ..
وَيُصَوِّرُهَا فِي الْأَمْثَالِ الَّتِي يَضْرِبُهَا لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةً أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ [ ص: 2079 ] مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ، وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ
..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ، لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ. ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ ..