[ ص: 2083 ] بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29785_32450_34225_34226_34237_34513_31781_30532_29687_28890_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=6وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=8وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=11قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من .عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=12وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا [ ص: 2084 ] أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=20وما ذلك على الله بعزيز (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص (21)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم (22)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=23وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام (23)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم .تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (24)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون (25)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار (26)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء (27)
[ ص: 2085 ] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر. كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وويل للكافرين من عذاب شديد. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا. على الآخرة، ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، أولئك في ضلال بعيد. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم، فيضل الله من يشاء، ويهدي من يشاء، وهو العزيز الحكيم ..
ألف لام. را..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب أنزلناه إليك ..
هذا الكتاب المؤلف من جنس هذه الأحرف كتاب أنزلناه إليك. لم تنشئه أنت. أنزلناه إليك لغاية:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ..
لتخرج هذه البشرية من الظلمات. ظلمات الوهم والخرافة. وظلمات الأوضاع والتقاليد. وظلمات الحيرة في تيه الأرباب المتفرقة، وفي اضطراب التصورات والقيم والموازين.. لتخرج البشرية من هذه الظلمات كلها إلى النور. النور الذي يكشف هذه الظلمات. يكشفها في عالم الضمير وفي دنيا التفكير. ثم يكشفها في واقع الحياة والقيم والأوضاع والتقاليد.
والإيمان بالله نور يشرق في القلب، فيشرق به هذا الكيان البشري، المركب من الطينة الغليظة ومن نفخة روح الله. فإذا ما خلا من إشراق هذه النفخة، وإذا ما طمست فيه هذه الإشراقة استحال طينة معتمة. طينة من لحم ودم كالبهيمة، فاللحم والدم وحدهما من جنس طينة الأرض ومادتها. لولا تلك الإشراقة التي تنتفض فيه من روح الله، يرقرقها الإيمان ويجلوها، ويطلقها تشف في هذا الكيان المعتم، ويشف بها هذا الكيان المعتم.
والإيمان بالله نور تشرق به النفس، فترى الطريق. ترى الطريق واضحة إلى الله، لا يشوبها غبش ولا يحجبها ضباب. غبش الأوهام وضباب الخرافات. أو غبش الشهوات وضباب الأطماع. ومتى رأت الطريق سارت على هدى لا تتعثر ولا تضطرب ولا تتردد ولا تحتار.
والإيمان بالله نور تشرق به الحياة. فإذا الناس كلهم عباد متساوون. تربط بينهم آصرتهم في الله وتتمحض دينونتهم له دون سواه، فلا ينقسمون إلى عبيد وطغاة. وتربطهم بالكون كله رابطة المعرفة. معرفة الناموس المسير لهذا الكون وما فيه ومن فيه. فإذا هم في سلام مع الكون وما فيه ومن فيه.
والإيمان بالله نور. نور العدل. ونور الحرية. ونور المعرفة. ونور الأنس بجوار الله، والاطمئنان إلى عدله ورحمته وحكمته في السراء والضراء. ذلك الاطمئنان الذي يستتبع الصبر في الضراء والشكر في السراء على نور من إدراك الحكمة في البلاء.
والإيمان بالله وحده إلها وربا، منهج حياة كامل لا مجرد عقيدة تغمر الضمير وتسكب فيه النور.. منهج حياة يقوم على قاعدة العبودية لله وحده، والدينونة لربوبيته وحده، والتخلص من ربوبيات العبيد، والاستعلاء على حاكمية العبيد..
وفي هذا المنهج من المواءمة مع الفطرة البشرية، ومع الحاجات الحقيقية لهذه الفطرة، ما يملأ الحياة سعادة ونورا وطمأنينة وراحة. كما أن فيه من الاستقرار والثبات عاصما من التقلبات والتخبطات التي تتعرض لها المجتمعات التي تخضع لربوبية العبيد، وحاكمية العبيد، ومناهج العبيد في السياسة والحكم وفي الاقتصاد والاجتماع، وفي الخلق والسلوك، وفي العادات والتقاليد.. وذلك فوق صيانة هذا المنهج للطاقة البشرية أن تبذل في تأليه العبيد، والطبل والزمر للطواغيت!!!
[ ص: 2086 ] وإن وراء هذا التعبير القصير:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور.. لآفاق بعيدة لحقائق ضخمة عميقة في عالم العقل والقلب. وفي عالم الحياة والواقع، لا يبلغها التعبير البشري ولكنه يشير!
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور.. بإذن ربهم ..
فليس في قدرة الرسول إلا البلاغ، وليس من وظيفته إلا البيان. أما إخراج الناس من الظلمات إلى النور، فإنما يتحقق بإذن الله، وفق سنته التي ارتضتها مشيئته، وما الرسول إلا رسول!
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إلى صراط العزيز الحميد ..
فالصراط بدل من النور. وصراط الله: طريقه، وسنته، وناموسه الذي يحكم الوجود وشريعته التي تحكم الحياة. والنور يهدي إلى هذا الصراط، أو النور هو الصراط. وهو أقوى في المعنى. فالنور المشرق في ذات النفس هو المشرق في ذات الكون. هو السنة. هو الناموس. هو الشريعة. والنفس التي تعيش في هذا النور لا تخطئ الإدراك ولا تخطئ التصور ولا تخطئ السلوك. فهي على صراط مستقيم..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1صراط العزيز الحميد .. مالك القوة القاهر المسيطر المحمود المشكور.
والقوة تبرز هنا لتهديد من يكفرون، والحمد يبرز لتذكير من يشكرون.. ثم يعقبها التعريف بالله سبحانه. إنه مالك ما في السماوات وما في الأرض، الغني عن الناس، المسيطر على الكون وما فيه ومن فيه:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ..
فمن خرج واهتدى فذاك. ولا يذكر عنه شيئا هنا، إنما يمضي السياق إلى تهديد الكافرين ينذرهم بالويل من عذاب شديد. جزاء كفرهم هذه النعمة. نعمة إرسال الرسول بالكتاب ليخرجهم من الظلمات إلى النور.
وهي النعمة الكبرى التي لا يقوم لها شكر إنسان. فكيف بالكفران:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وويل للكافرين من عذاب شديد ..
ثم يكشف عن صفة تحمل معنى العلة لكفر الكافرين بنعمة الله التي يحملها رسوله الكريم:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3ويصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجا، أولئك في ضلال بعيد ..
فاستحباب الحياة الدنيا على الآخرة يصطدم بتكاليف الإيمان ويتعارض مع الاستقامة على الصراط. وليس الأمر كذلك حين تستحب الآخرة، لأنه عندئذ تصلح الدنيا، ويصبح المتاع بها معتدلا، ويراعى فيه وجه الله. فلا يقع التعارض بين استحباب الآخرة ومتاع هذه الحياة.
إن الذين يوجهون قلوبهم للآخرة، لا يخسرون متاع الحياة الدنيا - كما يقوم في الأخيلة المنحرفة - فصلاح الآخرة في الإسلام يقتضي صلاح هذه الدنيا. والإيمان بالله يقتضي حسن الخلافة في الأرض. وحسن الخلافة في الأرض هو استعمارها والتمتع بطيباتها. إنه لا تعطيل للحياة في الإسلام انتظارا للآخرة، ولكن تعمير للحياة بالحق والعدل والاستقامة ابتغاء رضوان الله، وتمهيدا للآخرة.. هذا هو الإسلام.
فأما الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة، فلا يملكون أن يصلوا إلى غاياتهم من الاستئثار بخيرات الأرض، و من الكسب الحرام، ومن استغلال الناس وغشهم واستعبادهم.. لا يملكون أن يصلوا إلى غاياتهم هذه في نور الإيمان بالله، وفي ظل الاستقامة على هداه. ومن ثم يصدون عن سبيل الله. يصدون أنفسهم ويصدون الناس، ويبغونها عوجا لا استقامة فيها ولا عدالة. وحين يفلحون في صد أنفسهم وصد غيرهم عن سبيل الله، وحين يتخلصون من استقامة سبيله وعدالتها، فعندئذ فقط يملكون أن يظلموا وأن يطغوا وأن
[ ص: 2087 ] يغشوا وأن يخدعوا وأن يغروا الناس بالفساد، فيتم لهم الحصول على ما يبغونه من الاستئثار بخيرات الأرض، والكسب الحرام، والمتاع المرذول، والكبرياء في الأرض، وتعبيد الناس بلا مقاومة ولا استنكار.
إن منهج الإيمان ضمانة للحياة وضمانة للأحياء من أثرة الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة، واستئثارهم بخيرات هذه الحياة.
[ ص: 2083 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29785_32450_34225_34226_34237_34513_31781_30532_29687_28890_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مِنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مِنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=5وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=6وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=8وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=9أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=11قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مَنْ .عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهَ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=12وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=13وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا [ ص: 2084 ] أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=14وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=16مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=17يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=20وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=21وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهِ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=23وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ (23)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ .تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةً أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26)
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)
[ ص: 2085 ] nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. عَلَى الآخِرَةِ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا، أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ، فَيُضِلُّ اللَّهُ مِنْ يَشَاءُ، وَيَهْدِي مِنْ يَشَاءُ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ..
أَلِفْ لَامْ. رَا..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ..
هَذَا الْكِتَابُ الْمُؤَلَّفُ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْأَحْرُفِ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ. لَمْ تُنْشِئْهُ أَنْتَ. أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِغَايَةٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ..
لِتُخْرِجَ هَذِهِ الْبَشَرِيَّةَ مِنَ الظُّلُمَاتِ. ظُلُمَاتِ الْوَهْمِ وَالْخُرَافَةِ. وَظُلُمَاتِ الْأَوْضَاعِ وَالتَّقَالِيدِ. وَظُلُمَاتِ الْحَيْرَةِ فِي تِيهِ الْأَرْبَابِ الْمُتَفَرِّقَةِ، وَفِي اضْطِرَابِ التَّصَوُّرَاتِ وَالْقِيَمِ وَالْمَوَازِينِ.. لِتُخْرِجَ الْبَشَرِيَّةَ مِنْ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ كُلِّهَا إِلَى النُّورِ. النُّورِ الَّذِي يَكْشِفُ هَذِهِ الظُّلُمَاتِ. يَكْشِفُهَا فِي عَالَمِ الضَّمِيرِ وَفِي دُنْيَا التَّفْكِيرِ. ثُمَّ يَكْشِفُهَا فِي وَاقِعِ الْحَيَاةِ وَالْقِيَمِ وَالْأَوْضَاعِ وَالتَّقَالِيدِ.
وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ نُورٌ يُشْرِقُ فِي الْقَلْبِ، فَيُشْرِقُ بِهِ هَذَا الْكِيَانُ الْبَشَرِيُّ، الْمُرَكَّبُ مِنَ الطِّينَةِ الْغَلِيظَةِ وَمِنْ نَفْخَةِ رُوحِ اللَّهِ. فَإِذَا مَا خَلَا مِنْ إِشْرَاقِ هَذِهِ النَّفْخَةِ، وَإِذَا مَا طُمِسَتْ فِيهِ هَذِهِ الْإِشْرَاقَةُ اسْتَحَالَ طِينَةً مُعْتِمَةً. طِينَةً مِنْ لَحْمٍ وَدَمٍ كَالْبَهِيمَةِ، فَاللَّحْمُ وَالدَّمُ وَحْدُهُمَا مِنْ جِنْسِ طِينَةِ الْأَرْضِ وَمَادَّتِهَا. لَوْلَا تِلْكَ الْإِشْرَاقَةُ الَّتِي تَنْتَفِضُ فِيهِ مِنْ رُوحِ اللَّهِ، يُرَقْرِقُهَا الْإِيمَانُ وَيَجْلُوهَا، وَيُطْلِقُهَا تَشِفُّ فِي هَذَا الْكِيَانِ الْمُعْتِمِ، وَيَشِفُّ بِهَا هَذَا الْكِيَانُ الْمُعْتِمُ.
وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ نُورٌ تُشْرِقُ بِهِ النَّفْسُ، فَتَرَى الطَّرِيقَ. تَرَى الطَّرِيقَ وَاضِحَةً إِلَى اللَّهِ، لَا يَشُوبُهَا غَبَشٌ وَلَا يَحْجُبُهَا ضَبَابٌ. غَبَشُ الْأَوْهَامِ وَضَبَابُ الْخُرَافَاتِ. أَوْ غَبَشُ الشَّهَوَاتِ وَضَبَابُ الْأَطْمَاعِ. وَمَتَى رَأَتِ الطَّرِيقَ سَارَتْ عَلَى هُدًى لَا تَتَعَثَّرُ وَلَا تَضْطَرِبُ وَلَا تَتَرَدَّدُ وَلَا تَحْتَارُ.
وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ نُورٌ تُشْرِقُ بِهِ الْحَيَاةُ. فَإِذَا النَّاسُ كُلُّهُمْ عِبَادٌ مُتَسَاوُونَ. تَرْبُطُ بَيْنَهُمْ آصِرَتُهُمْ فِي اللَّهِ وَتَتَمَحَّضُ دَيْنُونَتُهُمْ لَهُ دُونَ سِوَاهُ، فَلَا يَنْقَسِمُونَ إِلَى عَبِيدٍ وَطُغَاةٍ. وَتَرْبُطُهُمْ بِالْكَوْنِ كُلِّهِ رَابِطَةُ الْمَعْرِفَةِ. مَعْرِفَةِ النَّامُوسِ الْمُسَيِّرِ لِهَذَا الْكَوْنِ وَمَا فِيهِ وَمَنْ فِيهِ. فَإِذَا هُمْ فِي سَلَامٍ مَعَ الْكَوْنِ وَمَا فِيهِ وَمَنْ فِيهِ.
وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ نُورٌ. نُورُ الْعَدْلِ. وَنُورُ الْحُرِّيَّةِ. وَنُورُ الْمَعْرِفَةِ. وَنُورُ الْأُنْسِ بِجِوَارِ اللَّهِ، وَالِاطْمِئْنَانِ إِلَى عَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. ذَلِكَ الِاطْمِئْنَانُ الَّذِي يَسْتَتْبِعُ الصَّبْرَ فِي الضَّرَّاءِ وَالشُّكْرِ فِي السَّرَّاءِ عَلَى نُورٍ مِنْ إِدْرَاكِ الْحِكْمَةِ فِي الْبَلَاءِ.
وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلهًا وَرَبًّا، مَنْهَجُ حَيَاةٍ كَامِلٍ لَا مُجَرَّدَ عَقِيدَةٍ تَغْمُرُ الضَّمِيرَ وَتَسْكُبُ فِيهِ النُّورَ.. مَنْهَجُ حَيَاةٍ يَقُومُ عَلَى قَاعِدَةِ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالدَّيْنُونَةِ لِرُبُوبِيَّتِهِ وَحْدَهُ، وَالتَّخَلُّصِ مِنْ رُبُوبِيَّاتِ الْعَبِيدِ، وَالِاسْتِعْلَاءِ عَلَى حَاكِمِيَّةِ الْعَبِيدِ..
وَفِي هَذَا الْمَنْهَجِ مِنَ الْمُوَاءَمَةِ مَعَ الْفِطْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَمَعَ الْحَاجَاتِ الْحَقِيقِيَّةِ لِهَذِهِ الْفِطْرَةِ، مَا يَمْلَأُ الْحَيَاةَ سَعَادَةً وَنُورًا وَطُمَأْنِينَةً وَرَاحَةً. كَمَا أَنَّ فِيهِ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ وَالثَّبَاتِ عَاصِمًا مِنَ التَّقَلُّبَاتِ وَالتَّخَبُّطَاتِ الَّتِي تَتَعَرَّضُ لَهَا الْمُجْتَمَعَاتُ الَّتِي تَخْضَعُ لِرُبُوبِيَّةِ الْعَبِيدِ، وَحَاكِمِيَّةِ الْعَبِيدِ، وَمَنَاهِجِ الْعَبِيدِ فِي السِّيَاسَةِ وَالْحُكْمِ وَفِي الِاقْتِصَادِ وَالِاجْتِمَاعِ، وَفِي الْخُلُقِ وَالسُّلُوكِ، وَفِي الْعَادَاتِ وَالتَّقَالِيدِ.. وَذَلِكَ فَوْقَ صِيَانَةِ هَذَا الْمَنْهَجِ لِلطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ أَنْ تُبْذَلَ فِي تَأْلِيهِ الْعَبِيدِ، وَالطَّبْلِ وَالزَّمْرِ لِلطَّوَاغِيتِ!!!
[ ص: 2086 ] وَإِنَّ وَرَاءَ هَذَا التَّعْبِيرِ الْقَصِيرِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.. لِآفَاقٍ بَعِيدَةٍ لِحَقَائِقَ ضَخْمَةٍ عَمِيقَةٍ فِي عَالَمِ الْعَقْلِ وَالْقَلْبِ. وَفِي عَالَمِ الْحَيَاةِ وَالْوَاقِعِ، لَا يَبْلُغُهَا التَّعْبِيرُ الْبَشَرِيُّ وَلَكِنَّهُ يُشِيرُ!
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.. بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ..
فَلَيْسَ فِي قُدْرَةِ الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ، وَلَيْسَ مِنْ وَظِيفَتِهِ إِلَّا الْبَيَانُ. أَمَّا إِخْرَاجُ النَّاسِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، فَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَفْقَ سُنَّتِهِ الَّتِي ارْتَضَتْهَا مَشِيئَتُهُ، وَمَا الرَّسُولُ إِلَّا رَسُولٌ!
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ..
فَالصِّرَاطُ بَدَلٌ مِنَ النُّورِ. وَصِرَاطُ اللَّهِ: طَرِيقُهُ، وَسُنَّتُهُ، وَنَامُوسُهُ الَّذِي يَحْكُمُ الْوُجُودَ وَشَرِيعَتُهُ الَّتِي تَحْكُمُ الْحَيَاةَ. وَالنُّورُ يَهْدِي إِلَى هَذَا الصِّرَاطِ، أَوِ النُّورُ هُوَ الصِّرَاطُ. وَهُوَ أَقْوَى فِي الْمَعْنَى. فَالنُّورُ الْمُشْرِقُ فِي ذَاتِ النَّفْسِ هُوَ الْمَشْرِقُ فِي ذَاتِ الْكَوْنِ. هُوَ السُّنَّةُ. هُوَ النَّامُوسُ. هُوَ الشَّرِيعَةُ. وَالنَّفْسُ الَّتِي تَعِيشُ فِي هَذَا النُّورِ لَا تُخْطِئُ الْإِدْرَاكَ وَلَا تُخْطِئُ التَّصَوُّرَ وَلَا تُخْطِئُ السُّلُوكَ. فَهِيَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ .. مَالِكِ الْقُوَّةِ الْقَاهِرِ الْمُسَيْطِرِ الْمَحْمُودِ الْمَشْكُورِ.
وَالْقُوَّةُ تَبْرُزُ هُنَا لِتَهْدِيدِ مَنْ يَكْفُرُونَ، وَالْحَمْدُ يَبْرُزُ لِتَذْكِيرِ مَنْ يَشْكُرُونَ.. ثُمَّ يَعْقُبُهَا التَّعْرِيفُ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ. إِنَّهُ مَالِكُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، الْغَنِيُّ عَنِ النَّاسِ، الْمُسَيْطِرُ عَلَى الْكَوْنِ وَمَا فِيهِ وَمَنْ فِيهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ..
فَمَنْ خَرَجَ وَاهْتَدَى فَذَاكَ. وَلَا يَذْكُرُ عَنْهُ شَيْئًا هُنَا، إِنَّمَا يَمْضِي السِّيَاقُ إِلَى تَهْدِيدِ الْكَافِرِينَ يُنْذِرُهُمْ بِالْوَيْلِ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. جَزَاءَ كُفْرِهِمْ هَذِهِ النِّعْمَةَ. نِعْمَةَ إِرْسَالِ الرَّسُولِ بِالْكِتَابِ لِيُخْرِجَهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ.
وَهِيَ النِّعْمَةُ الْكُبْرَى الَّتِي لَا يَقُومُ لَهَا شُكْرُ إِنْسَانٍ. فَكَيْفَ بِالْكُفْرَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ..
ثُمَّ يَكْشِفُ عَنْ صِفَةِ تَحَمُّلِ مَعْنَى الْعِلَّةِ لِكُفْرِ الْكَافِرِينَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي يَحْمِلُهَا رَسُولُهُ الْكَرِيمُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا، أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ..
فَاسْتِحْبَابُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ يَصْطَدِمُ بِتَكَالِيفِ الْإِيمَانِ وَيَتَعَارَضُ مَعَ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حِينَ تُسْتَحَبُّ الْآخِرَةُ، لِأَنَّهُ عِنْدَئِذٍ تَصْلُحُ الدُّنْيَا، وَيُصْبِحُ الْمَتَاعُ بِهَا مُعْتَدِلًا، وَيُرَاعَى فِيهِ وَجْهُ اللَّهِ. فَلَا يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ اسْتِحْبَابِ الْآخِرَةِ وَمَتَاعِ هَذِهِ الْحَيَاةِ.
إِنَّ الَّذِينَ يُوَجِّهُونَ قُلُوبَهُمْ لِلْآخِرَةِ، لَا يَخْسَرُونَ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا - كَمَا يَقُومُ فِي الْأَخْيِلَةِ الْمُنْحَرِفَةِ - فَصَلَاحُ الْآخِرَةِ فِي الْإِسْلَامِ يَقْتَضِي صَلَاحَ هَذِهِ الدُّنْيَا. وَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ يَقْتَضِي حَسَنَ الْخِلَافَةِ فِي الْأَرْضِ. وَحُسْنُ الْخِلَافَةِ فِي الْأَرْضِ هُوَ اسْتِعْمَارُهَا وَالتَّمَتُّعُ بِطَيِّبَاتِهَا. إِنَّهُ لَا تَعْطِيلَ لِلْحَيَاةِ فِي الْإِسْلَامِ انْتِظَارًا لِلْآخِرَةِ، وَلَكِنْ تَعْمِيرٌ لِلْحَيَاةِ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالِاسْتِقَامَةِ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَتَمْهِيدًا لِلْآخِرَةِ.. هَذَا هُوَ الْإِسْلَامُ.
فَأَمَّا الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، فَلَا يَمْلِكُونَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى غَايَاتِهِمْ مِنَ الِاسْتِئْثَارِ بِخَيْرَاتِ الْأَرْضِ، وَ مِنَ الْكَسْبِ الْحَرَامِ، وَمِنَ اسْتِغْلَالِ النَّاسِ وَغِشِّهِمْ وَاسْتِعْبَادِهِمْ.. لَا يَمْلِكُونَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى غَايَاتِهِمْ هَذِهِ فِي نُورِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَفِي ظِلِّ الِاسْتِقَامَةِ عَلَى هُدَاهُ. وَمِنْ ثَمَّ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. يَصُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ وَيَصُدُّونَ النَّاسَ، وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا لَا اسْتِقَامَةَ فِيهَا وَلَا عَدَالَةَ. وَحِينَ يُفْلِحُونَ فِي صَدِّ أَنْفُسِهِمْ وَصَدِّ غَيْرِهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَحِينَ يَتَخَلَّصُونَ مِنَ اسْتِقَامَةِ سَبِيلِهِ وَعَدَالَتِهَا، فَعِنْدَئِذٍ فَقَطْ يَمْلِكُونَ أَنْ يَظْلِمُوا وَأَنْ يَطْغَوْا وَأَنْ
[ ص: 2087 ] يَغُشُّوا وَأَنْ يَخْدَعُوا وَأَنْ يُغْرُوا النَّاسَ بِالْفَسَادِ، فَيَتِمُّ لَهُمُ الْحُصُولُ عَلَى مَا يَبْغُونَهُ مِنَ الِاسْتِئْثَارِ بِخَيْرَاتِ الْأَرْضِ، وَالْكَسْبِ الْحَرَامِ، وَالْمَتَاعِ الْمَرْذُولِ، وَالْكِبْرِيَاءِ فِي الْأَرْضِ، وَتَعْبِيدِ النَّاسِ بِلَا مُقَاوَمَةٍ وَلَا اسْتِنْكَارٍ.
إِنَّ مَنْهَجَ الْإِيمَانِ ضَمَانَةٌ لِلْحَيَاةِ وَضَمَانَةٌ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ أَثَرَةِ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، وَاسْتِئْثَارِهِمْ بِخَيْرَاتِ هَذِهِ الْحَيَاةِ.