[ ص: 2204 ] [ ص: 2205 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإسراء
وقسم من سورة الكهف
الجزء الخامس عشر
[ ص: 2206 ] [ ص: 2207 ] (17)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة الإسراء مكية
وآياتها إحدى عشرة ومائة
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30621_33143_34084_34161_34304_34370_32516_32416_30221_29291_28753_34026_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=10وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=11ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا . [ ص: 2208 ] عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=14اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=16وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=17وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا (21)
هذه السورة - سورة الإسراء - مكية، وهي تبدأ بتسبيح الله وتنتهي بحمده; وتضم موضوعات شتى معظمها عن العقيدة; وبعضها عن قواعد السلوك الفردي والجماعي وآدابه القائمة على العقيدة; إلى شيء من القصص عن بني إسرائيل يتعلق
بالمسجد الأقصى الذي كان إليه الإسراء. وطرف من قصة
آدم وإبليس وتكريم الله للإنسان.
ولكن العنصر البارز في كيان السورة ومحور موضوعاتها الأصيل هو شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - وموقف القوم منه في
مكة . هو والقرآن الذي جاء به، وطبيعة هذا القرآن، وما يهدي إليه، واستقبال القوم له. واستطراد بهذه المناسبة إلى طبيعة الرسالة والرسل، وإلى امتياز الرسالة المحمدية بطابع غير طابع الخوارق الحسية وما يتبعها من هلاك المكذبين بها. وإلى تقرير التبعة الفردية في الهدى والضلال الاعتقادي، والتبعة الجماعية في السلوك العملي في محيط المجتمع.. كل ذلك بعد أن يعذر الله - سبحانه - إلى الناس، فيرسل إليهم الرسل بالتبشير والتحذير والبيان والتفصيل
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وكل شيء فصلناه تفصيلا .
ويتكرر في سياق السورة تنزيه الله وتسبيحه وحمده وشكر آلائه. ففي مطلعها:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ... وفي أمر بني إسرائيل بتوحيد الله يذكرهم بأنهم من ذرية المؤمنين مع نوح
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3إنه كان عبدا شكورا .. وعند ذكر دعاوى المشركين عن الآلهة يعقب بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=43سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم .. وفي حكاية قول بعض أهل الكتاب حين يتلى عليهم القرآن:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=108ويقولون: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا .. وتختم السورة بالآية
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=111وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له [ ص: 2209 ] شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيرا .
في تلك الموضوعات المنوعة حول ذلك المحور الواحد الذي بينا، يمضي سياق السورة في أشواط متتابعة.
يبدأ الشوط الأول بالإشارة إلى الإسراء:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله مع الكشف عن حكمة الإسراء
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1لنريه من آياتنا .. وبمناسبة
المسجد الأقصى يذكر كتاب
موسى وما قضى فيه لبني إسرائيل، من نكبة وهلاك وتشريد مرتين، بسبب طغيانهم وإفسادهم مع إنذارهم بثالثة ورابعة
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8وإن عدتم عدنا .. ثم يقرر أن الكتاب الأخير - القرآن - يهدي للتي هي أقوم، بينما الإنسان عجول مندفع لا يملك زمام انفعالاته. ويقرر قاعدة التبعة الفردية في الهدى والضلال، وقاعدة التبعة الجماعية في التصرفات والسلوك.
ويبدأ الشوط الثاني بقاعدة التوحيد، ليقيم عليها البناء الاجتماعي كله وآداب العمل والسلوك فيه، ويشدها إلى هذا المحور الذي لا يقوم بناء الحياة إلا مستندا إليه.
ويتحدث في الشوط الثالث عن أوهام الوثنية الجاهلية حول نسبة البنات والشركاء إلى الله، وعن البعث واستبعادهم لوقوعه، وعن استقبالهم للقرآن وتقولاتهم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويأمر المؤمنين أن يقولوا قولا آخر، ويتكلموا بالتي هي أحسن.
وفي الشوط الرابع يبين لماذا لم يرسل الله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالخوارق؛ فقد كذب بها الأولون، فحق عليهم الهلاك اتباعا لسنة الله; كما يتناول موقف المشركين من إنذار الله لهم في رؤيا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتكذيبهم وطغيانهم. ويجيء في هذا السياق طرف من قصة إبليس، وإعلانه أنه سيكون حربا على ذرية
آدم . يجيء هذا الطرف من القصة كأنه كشف لعوامل الضلال الذي يبدو من المشركين. ويعقب عليه بتخويف البشر من عذاب الله، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم في تكريم الإنسان، وما ينتظر الطائعين والعصاة يوم ندعو كل أناس بإمامهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا. nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا .
ويستعرض الشوط الأخير كيد المشركين للرسول - صلى الله عليه وسلم - ومحاولة فتنته عن بعض ما أنزل إليه، ومحاولة إخراجه من
مكة . ولو أخرجوه قسرا - ولم يخرج هو مهاجرا بأمر الله - لحل بهم الهلاك الذي حل بالقرى من قبلهم حين أخرجت رسلها أو قتلتهم. ويأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يمضي في طريقه يقرأ قرآنه ويصلي صلاته، ويدعو الله أن يحسن مدخله ومخرجه ويعلن مجيء الحق وزهوق الباطل، ويعقب بأن هذا القرآن الذي أرادوا فتنته عن بعضه فيه شفاء وهدى للمؤمنين، بينما الإنسان قليل العلم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
ويستمر في الحديث عن القرآن وإعجازه. بينما هم يطلبون خوارق مادية، ويطلبون نزول الملائكة، ويقترحون أن يكون للرسول بيت من زخرف، أو جنة من نخيل وعنب، يفجر الأنهار خلالها تفجيرا! أو أن يفجر لهم من الأرض ينبوعا. أو أن يرقى هو في السماء ثم يأتيهم بكتاب مادي معه يقرأونه ... إلى آخر هذه المقترحات التي يمليها العنت والمكابرة، لا طلب الهدى والاقتناع. ويرد على هذا كله بأنه خارج عن وظيفة الرسول وطبيعة الرسالة، ويكل الأمر إلى الله. ويتهكم على أولئك الذين يقترحون هذه الاقتراحات كلها بأنهم لو كانوا يملكون خزائن رحمة الله - على سعتها وعدم نفادها - لأمسكوا خوفا من الإنفاق! وقد كان حسبهم أن يستشعروا أن الكون وما فيه يسبح لله، وأن الآيات الخارقة قد جاء بها
موسى من قبل فلم تؤد إلى
[ ص: 2210 ] إيمان المتعنتين الذين استفزوه من الأرض، فأخذهم الله بالعذاب والنكال.
وتنتهي السورة بالحديث عن القرآن والحق الأصيل فيه. القرآن الذي نزل مفرقا؛ ليقرأه الرسول على القوم زمنا طويلا بمناسباته ومقتضياته، وليتأثروا به ويستجيبوا له استجابة حية واقعية عملية. والذي يتلقاه الذين أوتوا العلم من قبله بالخشوع والتأثر إلى حد البكاء والسجود. ويختم السورة بحمد الله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل. كما بدأها بتسبيحه وتنزيهه.
[ ص: 2204 ] [ ص: 2205 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْإِسْرَاءِ
وَقِسْمٌ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ
الْجُزْءُ الْخَامِسَ عَشَرَ
[ ص: 2206 ] [ ص: 2207 ] (17)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ الْإِسْرَاءِ مَكِّيَّةٌ
وَآيَاتُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_30621_33143_34084_34161_34304_34370_32516_32416_30221_29291_28753_34026_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنَ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=4وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=5فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=6ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=9إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=10وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=11وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلَ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا . [ ص: 2208 ] عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=14اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=16وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=17وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنَ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءِ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا (21)
هَذِهِ السُّورَةُ - سُورَةُ الْإِسْرَاءِ - مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ تَبْدَأُ بِتَسْبِيحِ اللَّهِ وَتَنْتَهِي بِحَمْدِهِ; وَتَضُمُّ مَوْضُوعَاتٍ شَتَّى مُعْظَمَهَا عَنِ الْعَقِيدَةِ; وَبَعْضَهَا عَنْ قَوَاعِدِ السُّلُوكِ الْفَرْدِيِّ وَالْجَمَاعِيِّ وَآدَابِهِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْعَقِيدَةِ; إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْقِصَصِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَعَلَّقُ
بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي كَانَ إِلَيْهِ الْإِسْرَاءُ. وَطَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ
آدَمَ وَإِبْلِيسَ وَتَكْرِيمِ اللَّهِ لِلْإِنْسَانِ.
وَلَكِنَّ الْعُنْصُرَ الْبَارِزَ فِي كِيَانِ السُّورَةِ وَمِحْوَرَ مَوْضُوعَاتِهَا الْأَصِيلَ هُوَ شَخْصُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَوْقِفُ الْقَوْمِ مِنْهُ فِي
مَكَّةَ . هُوَ وَالْقُرْآنِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَطَبِيعَةِ هَذَا الْقُرْآنِ، وَمَا يَهْدِي إِلَيْهِ، وَاسْتِقْبَالُ الْقَوْمِ لَهُ. وَاسْتِطْرَادٌ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ إِلَى طَبِيعَةِ الرِّسَالَةِ وَالرُّسُلِ، وَإِلَى امْتِيَازِ الرِّسَالَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِطَابِعٍ غَيْرِ طَابِعِ الْخَوَارِقِ الْحِسِّيَّةِ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ هَلَاكِ الْمُكَذِّبِينَ بِهَا. وَإِلَى تَقْرِيرِ التَّبِعَةِ الْفَرْدِيَّةِ فِي الْهُدَى وَالضَّلَالِ الِاعْتِقَادِيِّ، وَالتَّبِعَةِ الْجَمَاعِيَّةِ فِي السُّلُوكِ الْعَمَلِيِّ فِي مُحِيطِ الْمُجْتَمَعِ.. كُلُّ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَعْذُرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - إِلَى النَّاسِ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ الرُّسُلَ بِالتَّبْشِيرِ وَالتَّحْذِيرِ وَالْبَيَانِ وَالتَّفْصِيلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا .
وَيَتَكَرَّرُ فِي سِيَاقِ السُّورَةِ تَنْزِيهُ اللَّهِ وَتَسْبِيحُهُ وَحَمْدُهُ وَشُكْرُ آلَائِهِ. فَفِي مَطْلَعِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ... وَفِي أَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ يَذْكُرُهُمْ بِأَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ نُوحٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا .. وَعِنْدَ ذِكْرِ دَعَاوَى الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْآلِهَةِ يُعَقِّبُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=43سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ .. وَفِي حِكَايَةِ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ حِينَ يُتْلَى عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=108وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا .. وَتَخْتِمُ السُّورَةُ بِالْآيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=111وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ [ ص: 2209 ] شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا .
فِي تِلْكَ الْمَوْضُوعَاتِ الْمُنَوَّعَةِ حَوْلَ ذَلِكَ الْمِحْوَرِ الْوَاحِدِ الَّذِي بَيَّنَا، يَمْضِي سِيَاقُ السُّورَةِ فِي أَشْوَاطٍ مُتَتَابِعَةٍ.
يَبْدَأُ الشَّوْطُ الْأَوَّلُ بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْإِسْرَاءِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ مَعَ الْكَشْفِ عَنْ حِكْمَةِ الْإِسْرَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا .. وَبِمُنَاسَبَةِ
الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى يَذْكُرُ كِتَابَ
مُوسَى وَمَا قَضَى فِيهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنْ نَكْبَةٍ وَهَلَاكٍ وَتَشْرِيدٍ مَرَّتَيْنِ، بِسَبَبِ طُغْيَانِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ مَعَ إِنْذَارِهِمْ بِثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=8وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا .. ثُمَّ يُقَرِّرُ أَنَّ الْكِتَابَ الْأَخِيرَ - الْقُرْآنَ - يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، بَيْنَمَا الْإِنْسَانُ عُجُولٌ مُنْدَفِعٌ لَا يَمْلِكُ زِمَامَ انْفِعَالَاتِهِ. وَيُقَرِّرُ قَاعِدَةَ التَّبِعَةِ الْفَرْدِيَّةِ فِي الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَقَاعِدَةَ التَّبِعَةِ الْجَمَاعِيَّةِ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالسُّلُوكِ.
وَيَبْدَأُ الشَّوْطُ الثَّانِي بِقَاعِدَةِ التَّوْحِيدِ، لِيُقِيمَ عَلَيْهَا الْبِنَاءَ الِاجْتِمَاعِيَّ كُلَّهُ وَآدَابَ الْعَمَلِ وَالسُّلُوكِ فِيهِ، وَيَشُدُّهَا إِلَى هَذَا الْمِحْوَرِ الَّذِي لَا يَقُومُ بِنَاءُ الْحَيَاةِ إِلَّا مُسْتَنِدًا إِلَيْهِ.
وَيَتَحَدَّثُ فِي الشَّوْطِ الثَّالِثِ عَنْ أَوْهَامِ الْوَثَنِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ حَوْلَ نِسْبَةِ الْبَنَاتِ وَالشُّرَكَاءِ إِلَى اللَّهِ، وَعَنِ الْبَعْثِ وَاسْتِبْعَادِهِمْ لِوُقُوعِهِ، وَعَنِ اسْتِقْبَالِهِمْ لِلْقُرْآنِ وَتَقَوُّلَاتِهِمْ عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا قَوْلًا آخَرَ، وَيَتَكَلَّمُوا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.
وَفِي الشَّوْطِ الرَّابِعِ يُبَيِّنُ لِمَاذَا لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخَوَارِقِ؛ فَقَدْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ، فَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْهَلَاكُ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ اللَّهِ; كَمَا يَتَنَاوَلُ مَوْقِفَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ إِنْذَارِ اللَّهِ لَهُمْ فِي رُؤْيَا الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَكْذِيبِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ. وَيَجِيءُ فِي هَذَا السِّيَاقِ طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ إِبْلِيسَ، وَإِعْلَانِهِ أَنَّهُ سَيَكُونُ حَرْبًا عَلَى ذُرِّيَّةِ
آدَمَ . يَجِيءُ هَذَا الطَّرَفُ مِنَ الْقِصَّةِ كَأَنَّهُ كَشْفٌ لِعَوَامِلِ الضَّلَالِ الَّذِي يَبْدُو مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وَيُعَقِّبُ عَلَيْهِ بِتَخْوِيفِ الْبَشَرِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَتَذْكِيرِهِمْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي تَكْرِيمِ الْإِنْسَانِ، وَمَا يُنْتَظَرُ الطَّائِعِينَ وَالْعُصَاةَ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=71فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا. nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=72وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا .
وَيَسْتَعْرِضُ الشَّوْطُ الْأَخِيرُ كَيْدَ الْمُشْرِكِينَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُحَاوَلَةَ فِتْنَتِهِ عَنْ بَعْضِ مَا أُنْزِلُ إِلَيْهِ، وَمُحَاوَلَةَ إِخْرَاجِهِ مِنْ
مَكَّةَ . وَلَوْ أَخْرَجُوهُ قَسْرًا - وَلَمْ يَخْرُجْ هُوَ مُهَاجِرًا بِأَمْرِ اللَّهِ - لِحَلَّ بِهِمُ الْهَلَاكُ الَّذِي حَلَّ بِالْقُرَى مِنْ قَبْلِهِمْ حِينَ أَخْرَجَتْ رُسُلَهَا أَوْ قَتَلَتْهُمْ. وَيَأْمُرُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُمْضِيَ فِي طَرِيقِهِ يَقْرَأُ قُرْآنَهُ وَيُصَلِّي صَلَاتَهُ، وَيَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُحْسِنَ مُدْخَلَهُ وَمُخْرَجَهُ وَيُعْلِنَ مَجِيءَ الْحَقِّ وَزُهُوقَ الْبَاطِلِ، وَيُعَقِّبَ بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَرَادُوا فِتْنَتَهُ عَنْ بَعْضِهِ فِيهِ شِفَاءٌ وَهُدًى لِلْمُؤْمِنِينَ، بَيْنَمَا الْإِنْسَانُ قَلِيلُ الْعِلْمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا .
وَيَسْتَمِرُّ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الْقُرْآنِ وَإِعْجَازِهِ. بَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ خَوَارِقَ مَادِّيَّةً، وَيَطْلُبُونَ نُزُولَ الْمَلَائِكَةِ، وَيَقْتَرِحُونَ أَنْ يَكُونَ لِلرَّسُولِ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ، أَوْ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ، يُفَجِّرُ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا! أَوْ أَنْ يُفَجِّرَ لَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا. أَوْ أَنْ يَرْقَى هُوَ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ يَأْتِيهِمْ بِكِتَابٍ مَادِّيٍّ مَعَهُ يَقْرَأُونَهُ ... إِلَى آخَرِ هَذِهِ الْمُقْتَرَحَاتِ الَّتِي يُمْلِيهَا الْعَنَتُ وَالْمُكَابَرَةُ، لَا طَلَبَ الْهُدَى وَالِاقْتِنَاعِ. وَيَرُدُّ عَلَى هَذَا كُلِّهِ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ وَظِيفَةِ الرَّسُولِ وَطَبِيعَةِ الرِّسَالَةِ، وَيَكِلُ الْأَمْرَ إِلَى اللَّهِ. وَيَتَهَكَّمُ عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يَقْتَرِحُونَ هَذِهِ الِاقْتِرَاحَاتِ كُلَّهَا بِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا يَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ اللَّهِ - عَلَى سِعَتِهَا وَعَدَمِ نَفَادِهَا - لَأَمْسَكُوا خَوْفًا مِنَ الْإِنْفَاقِ! وَقَدْ كَانَ حَسْبَهُمْ أَنْ يَسْتَشْعِرُوا أَنَّ الْكَوْنَ وَمَا فِيهِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ، وَأَنَّ الْآيَاتِ الْخَارِقَةَ قَدْ جَاءَ بِهَا
مُوسَى مِنْ قَبْلُ فَلَمْ تُؤَدِّ إِلَى
[ ص: 2210 ] إِيمَانِ الْمُتَعَنِّتِينَ الَّذِينَ اسْتَفَزُّوهُ مِنَ الْأَرْضِ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ وَالنَّكَالِ.
وَتَنْتَهِي السُّورَةُ بِالْحَدِيثِ عَنِ الْقُرْآنِ وَالْحَقِّ الْأَصِيلِ فِيهِ. الْقُرْآنُ الَّذِي نَزَلَ مُفَرَّقًا؛ لِيَقْرَأَهُ الرَّسُولُ عَلَى الْقَوْمِ زَمَنًا طَوِيلًا بِمُنَاسَبَاتِهِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ، وَلِيَتَأَثَّرُوا بِهِ وَيَسْتَجِيبُوا لَهُ اسْتِجَابَةً حَيَّةً وَاقِعِيَّةً عَمَلِيَّةً. وَالَّذِي يَتَلَقَّاهُ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ بِالْخُشُوعِ وَالتَّأَثُّرِ إِلَى حَدِّ الْبُكَاءِ وَالسُّجُودِ. وَيَخْتِمُ السُّورَةَ بِحَمْدِ اللَّهِ الَّذِي لَمَّ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمِلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ. كَمَا بَدَأَهَا بِتَسْبِيحِهِ وَتَنْزِيهِهِ.