[ ص: 2484 ] (24)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة النور مدنية
وآياتها أربع وستون
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28882_29785_32210_26107_10810_10811_10279_10378_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=7والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=9والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=10ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=13لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله [ ص: 2485 ] هم الكاذبون (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=14ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة .لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=17يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=18ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=19إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=20ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=21يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم (21)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (22)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=23إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم (23)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=24يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (24)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=25يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين (25)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم (26)
هذه سورة النور.. يذكر فيها النور بلفظه متصلا بذات الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35الله نور السماوات والأرض ويذكر فيها النور بآثاره ومظاهره في القلوب والأرواح; ممثلة هذه الآثار في الآداب والأخلاق التي يقوم عليها بناء هذه السورة. وهي آداب وأخلاق نفسية وعائلية وجماعية، تنير القلب، وتنير الحياة; ويربطها بذلك النور الكوني الشامل أنها نور في الأرواح، وإشراق في القلوب، وشفافية في الضمائر، مستمدة كلها من ذلك النور الكبير.
وهي تبدأ بإعلان قوي حاسم عن تقرير هذه السورة وفرضها بكل ما فيها من حدود وتكاليف، ومن آداب
[ ص: 2486 ] وأخلاق:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1سورة أنزلناها وفرضناها، وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون .. فيدل هذا البدء الفريد على مدى اهتمام القرآن بالعنصر الأخلاقي في الحياة; ومدى عمق هذا العنصر وأصالته في العقيدة الإسلامية، وفي فكرة الإسلام عن الحياة الإنسانية..
والمحور الذي تدور عليه السورة كلها هو محور التربية التي تشتد في وسائلها إلى درجة الحدود. وترق إلى درجة اللمسات الوجدانية الرفيقة، التي تصل القلب بنور الله وبآياته المبثوثة في تضاعيف الكون وثنايا الحياة. والهدف واحد في الشدة واللين. هو تربية الضمائر، واستجاشة المشاعر; ورفع المقاييس الأخلاقية للحياة، حتى تشف وترف، وتتصل بنور الله.. وتتداخل الآداب النفسية الفردية، وآداب البيت والأسرة، وآداب الجماعة والقيادة. بوصفها نابعة كلها من معين واحد هو العقيدة في الله، متصلة كلها بنور واحد هو نور الله. وهي في صميمها نور وشفافية، وإشراق وطهارة. تربية عناصرها من مصدر النور الأول في السماوات والأرض. نور الله الذي أشرقت به الظلمات. في السماوات والأرض، والقلوب والضمائر، والنفوس والأرواح.
ويجري سياق السورة حول محورها الأصيل في خمسة أشواط:
الأول يتضمن الإعلان الحاسم الذي تبدأ به ويليه حد الزنا، وتفظيع هذه الفعلة، وتقطيع ما بين الزناة والجماعة المسلمة، فلا هي منهم ولا هم منها. ثم بيان حد القذف وعلة التشديد فيه; واستثناء الأزواج من هذا الحد مع التفريق بين الزوجين بالملاعنة. ثم حديث الإفك وقصته.. وينتهي هذا الشوط بتقرير مشاكلة الخبيثين للخبيثات، ومشاكلة الطيبين للطيبات. وبالعلاقة التي تربط بين هؤلاء وهؤلاء.
ويتناول الشوط الثاني وسائل الوقاية من الجريمة، وتجنيب النفوس أسباب الإغراء والغواية. فيبدأ بآداب البيوت والاستئذان على أهلها، والأمر بغض البصر والنهي عن إبداء الزينة للمحارم. والحض على إنكاح الأيامى. والتحذير من دفع الفتيات إلى البغاء.. وكلها أسباب وقائية لضمانة الطهر والتعفف في عالم الضمير والشعور، ودفع المؤثرات التي تهيج الميول الحيوانية، وترهق أعصاب المتحرجين المتطهرين، وهم يقاومون عوامل الإغراء والغواية.
والشوط الثالث يتوسط مجموعة الآداب التي تتضمنها السورة، فيربطها بنور الله. ويتحدث عن أطهر البيوت التي يعمرها وهي التي تعمر بيوت الله.. وفي الجانب المقابل الذين كفروا وأعمالهم كسراب من اللمعان الكاذب; أو كظلمات بعضها فوق بعض. ثم يكشف عن فيوض من نور الله في الآفاق: في تسبيح الخلائق كلها لله. وفي إزجاء السحاب. وفي تقليب الليل والنهار. وفي خلق كل دابة من ماء، ثم اختلاف أشكالها ووظائفها وأنواعها وأجناسها، مما هو معروض في صفحة الكون للبصائر والأبصار..
والشوط الرابع يتحدث عن مجافاة المنافقين للأدب الواجب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطاعة والتحاكم. ويصور أدب المؤمنين الخالص وطاعتهم. ويعدهم، على هذا، الاستخلاف في الأرض والتمكين في الدين، والنصر على الكافرين.
ثم يعود الشوط الخامس إلى آداب الاستئذان والضيافة في محيط البيوت بين الأقارب والأصدقاء. وإلى آداب الجماعة المسلمة كلها كأسرة واحدة، مع رئيسها ومربيها - رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 2487 ] وتتم السورة بإعلان ملكية الله لما في السماوات والأرض، وعلمه بواقع الناس، وما تنطوي عليه حناياهم، ورجعتهم إليه، وحسابهم على ما يعلمه من أمرهم. وهو بكل شيء عليم.
والآن نأخذ في التفصيل.
[ ص: 2484 ] (24)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ النُّورِ مَدَنِيَّةٌ
وَآيَاتُهَا أَرْبَعٌ وَسِتُّونَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28882_29785_32210_26107_10810_10811_10279_10378_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=7وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=9وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=10وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهِ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=13لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ [ ص: 2485 ] هُمُ الْكَاذِبُونَ (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=14وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=15إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=17يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=18وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=19إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=20وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهِ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=21يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهِ يُزَكِّي مِنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهِ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=23إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=24يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=25يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهُ هُوَ الْحَقَّ الْمُبِينُ (25)
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)
هَذِهِ سُورَةُ النُّورِ.. يُذْكَرُ فِيهَا النُّورُ بِلَفْظِهِ مُتَّصِلًا بِذَاتِ اللَّهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيُذْكَرُ فِيهَا النُّورُ بِآثَارِهِ وَمَظَاهِرِهِ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَرْوَاحِ; مُمَثَّلَةً هَذِهِ الْآثَارُ فِي الْآدَابِ وَالْأَخْلَاقِ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بِنَاءُ هَذِهِ السُّورَةِ. وَهِيَ آدَابٌ وَأَخْلَاقٌ نَفْسِيَّةٌ وَعَائِلِيَّةٌ وَجَمَاعِيَّةٌ، تُنِيرُ الْقَلْبَ، وَتُنِيرُ الْحَيَاةَ; وَيَرْبِطُهَا بِذَلِكَ النُّورِ الْكَوْنِيِّ الشَّامِلِ أَنَّهَا نُورٌ فِي الْأَرْوَاحِ، وَإِشْرَاقٌ فِي الْقُلُوبِ، وَشَفَافِيَّةٌ فِي الضَّمَائِرِ، مُسْتَمَدَّةٌ كُلُّهَا مِنْ ذَلِكَ النُّورِ الْكَبِيرِ.
وَهِيَ تَبْدَأُ بِإِعْلَانٍ قَوِيٍّ حَاسِمٍ عَنْ تَقْرِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ وَفَرْضِهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ حُدُودٍ وَتَكَالِيفَ، وَمِنْ آدَابٍ
[ ص: 2486 ] وَأَخْلَاقٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا، وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .. فَيَدُلُّ هَذَا الْبَدْءُ الْفَرِيدُ عَلَى مَدَى اهْتِمَامِ الْقُرْآنِ بِالْعُنْصُرِ الْأَخْلَاقِيِّ فِي الْحَيَاةِ; وَمَدَى عُمْقِ هَذَا الْعُنْصُرِ وَأَصَالَتِهِ فِي الْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَفِي فِكْرَةَ الْإِسْلَامِ عَنِ الْحَيَاةِ الْإِنْسَانِيَّةِ..
وَالْمِحْوَرُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ السُّورَةُ كُلُّهَا هُوَ مِحْوَرُ التَّرْبِيَةِ الَّتِي تَشْتَدُّ فِي وَسَائِلِهَا إِلَى دَرَجَةِ الْحُدُودِ. وَتَرِقُّ إِلَى دَرَجَةِ اللَّمَسَاتِ الْوِجْدَانِيَّةِ الرَّفِيقَةِ، الَّتِي تَصِلُ الْقَلْبَ بِنُورِ اللَّهِ وَبِآيَاتِهِ الْمَبْثُوثَةِ فِي تَضَاعِيفِ الْكَوْنِ وَثَنَايَا الْحَيَاةِ. وَالْهَدَفُ وَاحِدٌ فِي الشِّدَّةِ وَاللِّينِ. هُوَ تَرْبِيَةُ الضَّمَائِرِ، وَاسْتِجَاشَةُ الْمَشَاعِرِ; وَرَفْعُ الْمَقَايِيسِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِلْحَيَاةِ، حَتَّى تَشِفَّ وَتَرِفَّ، وَتَتَّصِلُ بِنُورِ اللَّهِ.. وَتَتَدَاخَلُ الْآدَابُ النَّفْسِيَّةُ الْفَرْدِيَّةُ، وَآدَابُ الْبَيْتِ وَالْأُسْرَةِ، وَآدَابُ الْجَمَاعَةِ وَالْقِيَادَةِ. بِوَصْفِهَا نَابِعَةٌ كُلُّهَا مِنْ مَعِينٍ وَاحِدٍ هُوَ الْعَقِيدَةُ فِي اللَّهِ، مُتَّصِلَةٌ كُلُّهَا بِنُورٍ وَاحِدٍ هُوَ نُورُ اللَّهِ. وَهِيَ فِي صَمِيمِهَا نُورٌ وَشَفَافِيَّةٌ، وَإِشْرَاقٌ وَطَهَارَةٌ. تَرْبِيَةُ عَنَاصِرِهَا مِنْ مَصْدَرِ النُّورِ الْأَوَّلِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ. نُورُ اللَّهِ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ الظُّلُمَاتُ. فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْقُلُوبِ وَالضَّمَائِرِ، وَالنُّفُوسِ وَالْأَرْوَاحِ.
وَيَجْرِي سِيَاقُ السُّورَةِ حَوْلَ مِحْوَرِهَا الْأَصِيلِ فِي خَمْسَةِ أَشْوَاطٍ:
الْأَوَّلُ يَتَضَمَّنُ الْإِعْلَانُ الْحَاسِمُ الَّذِي تَبْدَأُ بِهِ وَيَلِيهِ حَدُّ الزِّنَا، وَتَفْظِيعُ هَذِهِ الْفَعْلَةِ، وَتَقْطِيعُ مَا بَيْنَ الزُّنَاةِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ، فَلَا هِيَ مِنْهُمْ وَلَا هُمْ مِنْهَا. ثُمَّ بَيَانُ حَدِّ الْقَذْفِ وَعِلَّةُ التَّشْدِيدِ فِيهِ; وَاسْتِثْنَاءُ الْأَزْوَاجِ مِنْ هَذَا الْحَدِّ مَعَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُلَاعَنَةِ. ثُمَّ حَدِيثُ الْإِفْكِ وَقِصَّتِهِ.. وَيَنْتَهِي هَذَا الشَّوْطُ بِتَقْرِيرِ مُشَاكَلَةِ الْخَبِيثَيْنِ لِلْخَبِيثَاتِ، وَمُشَاكَلَةِ الطَّيِّبِينَ لِلطَّيِّبَاتِ. وَبِالْعَلَاقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.
وَيَتَنَاوَلُ الشَّوْطُ الثَّانِي وَسَائِلَ الْوِقَايَةِ مِنَ الْجَرِيمَةِ، وَتَجْنِيبَ النُّفُوسِ أَسْبَابَ الْإِغْرَاءِ وَالْغَوَايَةِ. فَيَبْدَأُ بِآدَابِ الْبُيُوتِ وَالِاسْتِئْذَانِ عَلَى أَهْلِهَا، وَالْأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ لِلْمَحَارِمِ. وَالْحَضِّ عَلَى إِنْكَاحِ الْأَيَامَى. وَالتَّحْذِيرِ مِنْ دَفْعِ الْفَتَيَاتِ إِلَى الْبِغَاءِ.. وَكُلُّهَا أَسْبَابٌ وِقَائِيَّةٌ لِضَمَانَةِ الطُّهْرِ وَالتَّعَفُّفِ فِي عَالَمِ الضَّمِيرِ وَالشُّعُورِ، وَدَفَعِ الْمُؤَثِّرَاتِ الَّتِي تُهَيِّجُ الْمُيُولَ الْحَيَوَانِيَّةَ، وَتُرْهِقُ أَعْصَابَ الْمُتَحَرِّجِينَ الْمُتَطَهِّرِينَ، وَهُمْ يُقَاوِمُونَ عَوَامِلَ الْإِغْرَاءِ وَالْغَوَايَةِ.
وَالشَّوْطُ الثَّالِثُ يَتَوَسَّطُ مَجْمُوعَةَ الْآدَابِ الَّتِي تَتَضَمَّنُهَا السُّورَةُ، فَيَرْبِطُهَا بِنُورِ اللَّهِ. وَيَتَحَدَّثُ عَنْ أَطْهَرِ الْبُيُوتِ الَّتِي يُعَمِّرُهَا وَهِيَ الَّتِي تُعَمِّرُ بُيُوتَ اللَّهِ.. وَفِي الْجَانِبِ الْمُقَابِلِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَأَعْمَالَهُمْ كَسَرَابٍ مِنَ اللَّمَعَانِ الْكَاذِبِ; أَوْ كَظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. ثُمَّ يَكْشِفُ عَنْ فُيُوضٍ مِنْ نُورِ اللَّهِ فِي الْآفَاقِ: فِي تَسْبِيحِ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا لِلَّهِ. وَفِي إِزْجَاءِ السَّحَابِ. وَفِي تَقْلِيبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَفِي خَلْقِ كُلِّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ اخْتِلَافِ أَشْكَالِهَا وَوَظَائِفِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَأَجْنَاسِهَا، مِمَّا هُوَ مَعْرُوضٌ فِي صَفْحَةِ الْكَوْنِ لِلْبَصَائِرِ وَالْأَبْصَارِ..
وَالشَّوْطُ الرَّابِعُ يَتَحَدَّثُ عَنْ مُجَافَاةِ الْمُنَافِقِينَ لِلْأَدَبِ الْوَاجِبِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الطَّاعَةِ وَالتَّحَاكُمِ. وَيُصَوِّرُ أَدَبَ الْمُؤْمِنِينَ الْخَالِصِ وَطَاعَتَهُمْ. وَيَعِدُهُمْ، عَلَى هَذَا، الِاسْتِخْلَافَ فِي الْأَرْضِ وَالتَّمْكِينَ فِي الدِّينِ، وَالنَّصْرَ عَلَى الْكَافِرِينَ.
ثُمَّ يَعُودُ الشَّوْطُ الْخَامِسُ إِلَى آدَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَالضِّيَافَةِ فِي مُحِيطِ الْبُيُوتِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ. وَإِلَى آدَابِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ كُلِّهَا كَأُسْرَةٍ وَاحِدَةٍ، مَعَ رَئِيسِهَا وَمُرَبِّيهَا - رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[ ص: 2487 ] وَتَتِمُّ السُّورَةُ بِإِعْلَانِ مِلْكِيَّةِ اللَّهِ لِمَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَعِلْمِهِ بِوَاقِعِ النَّاسِ، وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِ حَنَايَاهُمْ، وَرَجْعَتُهُمْ إِلَيْهِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ مِنْ أَمْرِهِمْ. وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
وَالْآنَ نَأْخُذُ فِي التَّفْصِيلِ.