nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28901_31880_31881_31882_33955_28998ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون (54)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=55أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون (55)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=56فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون (56)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=57فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين (57)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=58وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين (58)
[ ص: 2647 ] هذه الحلقة القصيرة من قصة
لوط تجيء مختصرة، تبرز هم قوم
لوط بإخراجه، لأنه أنكر عليهم الفاحشة الشاذة التي كانوا يأتونها عن إجماع واتفاق وتعارف وعلانية، فاحشة الشذوذ الجنسي بإتيان الرجال، وترك النساء، على غير الفطرة التي فطر الله الناس عليها، بل عامة الأحياء.
وهي ظاهرة غريبة في تاريخ الجماعات البشرية، فقد يشذ أفراد، لأسباب مرضية نفسية أو لملابسات وقتية; فيميل الذكور; لإتيان الذكور; وأكثر ما يكون هذا في معسكرات الجنود حيث لا يوجد النساء، أو في السجون التي يقيم فيها المسجونون فترات طويلة معرضين لضغط الميل الجنسي، محرومين من الاتصال بالنساء، أما أن يشيع هذا الشذوذ فيصبح هو القاعدة في بلد بأسره، مع وجود النساء وتيسر الزواج، فهذا هو الحادث الغريب حقا في تاريخ الجماعات البشرية!.
لقد جعل الله من الفطرة ميل الجنس إلى الجنس الآخر، لأنه جعل الحياة كلها تقوم على قاعدة التزاوج. فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=36سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض، ومن أنفسهم ومما لا يعلمون . فجعل الأحياء كلها أزواجا سواء نبات الأرض والأنفس وما لا يعلمه الناس في شتى المخلوقات، والتزاوج يبدو أصيلا في بناء الكون كله - فضلا على الأحياء - فالذرة ذاتها مؤلفة من كهارب والكترونات، أي من كهربائية إيجابية وأخرى سلبية؛ وهي وحدة الكائنات المكرورة فيها جميعا كما يبدو حتى الآن.
وعلى أية حال فالحقيقة المضمونة أن الأحياء كلها تقوم على قاعدة التزاوج؛ حتى التي لا يوجد لها من جنسها ذكر وأنثى تجتمع خلايا التذكير والتأنيث في آحادها، وتتكاثر بهذا الاجتماع.
ولما كان التزاوج هو قاعدة الحياة في ناموس الخلق، فقد جعل الله التجاذب بين الزوجين هو الفطرة التي لا تحتاج إلى تعليم، ولا تتوقف على تفكير؛ وذلك كي تسير الحياة في طريقها بدافع الفطرة الأصيل، والأحياء يجدون لذتهم في تحقيق مطالب الفطرة، والقدرة المدبرة تحقق ما تشاؤه من وراء لذتهم المودعة في كيانهم بلا وعي منهم ولا توجيه من غيرهم. وقد جعل الله تركيب أعضاء الأنثى وأعضاء الذكر، وميول هذا وتلك بحيث تحقق اللذة الفطرية من اجتماعهما، ولم يجعل هذا في أعضاء الذكرين وميولهما.
ومن ثم يكون عجيبا أن تنحرف الفطرة انحرافا جماعيا كما حدث في قوم لوط، بدون ضرورة دافعة إلى عكس اتجاه الفطرة المستقيم.
وهكذا واجه
لوط قومه بالاستنكار والعجب مما يفعلون!
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28901_31880_31881_31882_33955_28998وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=55أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=56فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=57فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=58وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)
[ ص: 2647 ] هَذِهِ الْحَلْقَةُ الْقَصِيرَةُ مِنْ قِصَّةِ
لُوطٍ تَجِيءُ مُخْتَصَرَةٌ، تَبْرُزُ هَمَّ قَوْمِ
لُوطٍ بِإِخْرَاجِهِ، لِأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الْفَاحِشَةَ الشَّاذَّةَ الَّتِي كَانُوا يَأْتُونَهَا عَنْ إِجْمَاعٍ وَاتِّفَاقٍ وَتَعَارُفٍ وَعَلَانِيَةٍ، فَاحِشَةِ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ بِإِتْيَانِ الرِّجَالِ، وَتَرْكِ النِّسَاءِ، عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا، بَلْ عَامَّةُ الْأَحْيَاءِ.
وَهِيَ ظَاهِرَةٌ غَرِيبَةٌ فِي تَارِيخِ الْجَمَاعَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، فَقَدْ يَشِذُّ أَفْرَادٌ، لِأَسْبَابٍ مَرْضِيَّةٍ نَفْسِيَّةٍ أَوْ لِمُلَابَسَاتٍ وَقْتِيَّةٍ; فَيَمِيلُ الذُّكُورُ; لِإِتْيَانِ الذُّكُورِ; وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ هَذَا فِي مُعَسْكَرَاتِ الْجُنُودِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ النِّسَاءُ، أَوْ فِي السُّجُونِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الْمَسْجُونُونَ فَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ مُعَرَّضِينَ لِضَغْطِ الْمَيْلِ الْجِنْسِيِّ، مَحْرُومِينَ مِنَ الِاتِّصَالِ بِالنِّسَاءِ، أَمَّا أَنْ يَشِيعَ هَذَا الشُّذُوذُ فَيُصْبِحُ هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي بَلَدٍ بِأَسْرِهِ، مَعَ وُجُودِ النِّسَاءِ وَتَيَسُّرِ الزَّوَاجِ، فَهَذَا هُوَ الْحَادِثُ الْغَرِيبُ حَقًّا فِي تَارِيخِ الْجَمَاعَاتِ الْبَشَرِيَّةِ!.
لِقَدْ جَعَلَ اللَّهُ مِنَ الْفِطْرَةِ مَيْلَ الْجِنْسِ إِلَى الْجِنْسِ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْحَيَاةَ كُلَّهَا تَقُومُ عَلَى قَاعِدَةِ التَّزَاوُجِ. فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=36سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ، وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ . فَجُعِلَ الْأَحْيَاءُ كُلُّهَا أَزْوَاجًا سَوَاءٌ نَبَاتُ الْأَرْضِ وَالْأَنْفُسِ وَمَا لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ فِي شَتَّى الْمَخْلُوقَاتِ، وَالتَّزَاوُجُ يَبْدُو أَصِيلًا فِي بِنَاءِ الْكَوْنِ كُلِّهِ - فَضْلًا عَلَى الْأَحْيَاءِ - فَالذَّرَّةُ ذَاتِهَا مُؤَلِّفَةٌ مَنْ كَهَارِبَ وَالْكْتُرُونَاتٍ، أَيٌّ مِنْ كَهْرَبَائِيَّةٍ إِيجَابِيَّةٍ وَأُخْرَى سَلْبِيَّةٍ؛ وَهِيَ وِحْدَةُ الْكَائِنَاتِ الْمَكْرُورَةُ فِيهَا جَمِيعًا كَمَا يَبْدُو حَتَّى الْآنَ.
وَعَلَى أَيَّةِ حَالٍ فَالْحَقِيقَةُ الْمَضْمُونَةُ أَنَّ الْأَحْيَاءَ كُلَّهَا تَقُومُ عَلَى قَاعِدَةِ التَّزَاوُجُ؛ حَتَّى الَّتِي لَا يُوجَدُ لَهَا مِنْ جِنْسِهَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى تَجْتَمِعُ خَلَايَا التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ فِي آحَادِهَا، وَتَتَكَاثَرُ بِهَذَا الِاجْتِمَاعِ.
وَلَمَّا كَانَ التَّزَاوُجُ هُوَ قَاعِدَةُ الْحَيَاةِ فِي نَامُوسِ الْخَلْقِ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ التَّجَاذُبَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ هُوَ الْفِطْرَةُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْلِيمٍ، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَفْكِيرٍ؛ وَذَلِكَ كَيْ تَسِيرَ الْحَيَاةُ فِي طَرِيقِهَا بِدَافِعِ الْفِطْرَةِ الْأَصِيلُ، وَالْأَحْيَاءُ يَجِدُونَ لَذَّتَهُمْ فِي تَحْقِيقِ مَطَالِبِ الْفِطْرَةِ، وَالْقُدْرَةُ الْمُدَبِّرَةُ تُحَقِّقُ مَا تَشَاؤُهُ مِنْ وَرَاءِ لَذَّتِهِمُ الْمُودَعَةُ فِي كِيَانِهِمْ بِلَا وَعْيٍ مِنْهُمْ وَلَا تَوْجِيهٍ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَرْكِيبَ أَعْضَاءِ الْأُنْثَى وَأَعْضَاءِ الذَّكَرِ، وَمُيُولَ هَذَا وَتِلْكَ بِحَيْثُ تُحَقِّقُ اللَّذَّةَ الْفِطْرِيَّةَ مِنَ اجْتِمَاعِهِمَا، وَلَمْ يَجْعَلْ هَذَا فِي أَعْضَاءِ الذَّكَرَيْنِ وَمُيُولِهِمَا.
وَمِنْ ثَمَّ يَكُونُ عَجِيبًا أَنْ تَنْحَرِفَ الْفِطْرَةُ انْحِرَافًا جَمَاعِيًّا كَمَا حَدَثَ فِي قَوْمِ لُوطٍ، بِدُونِ ضَرُورَةٍ دَافِعَةٍ إِلَى عَكْسِ اتِّجَاهِ الْفِطْرَةِ الْمُسْتَقِيمِ.
وَهَكَذَا وَاجَهَ
لُوطٌ قَوْمَهُ بِالِاسْتِنْكَارِ وَالْعَجَبِ مِمَّا يَفْعَلُونَ!