nindex.php?page=treesubj&link=28999_31920_31952_32516nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم، يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، إنه كان من المفسدين. nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين. nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=6ونمكن لهم في الأرض، ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ..
وهكذا يرسم المسرح الذي تجري فيه الحوادث، وتنكشف اليد التي تجريها. وتنكشف معها الغاية التي تتوخاها. وانكشاف هذه اليد، وبروزها سافرة بلا ستار منذ اللحظة الأولى مقصود في سياق القصة كلها، متمش مع أبرز هدف لها. ومن ثم تبدأ القصة هذا البدء. وذلك من بدائع الأداء في هذا الكتاب العجيب. ولا يعرف على وجه التحديد من هو الفرعون الذي تجري حوادث القصة في عهده، فالتحديد التاريخي ليس هدفا من أهداف القصة القرآنية; ولا يزيد في دلالتها شيئا. ويكفي أن نعلم أن هذا كان بعد زمان
يوسف - عليه السلام - الذي استقدم أباه وإخوته. وأبوه
يعقوب هو "
إسرائيل " وهؤلاء كانوا ذريته. وقد تكاثروا في مصر وأصبحوا شعبا كبيرا.
فلما كان ذلك الفرعون الطاغية
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4علا في الأرض وتكبر وتجبر، وجعل أهل
مصر شيعا، كل طائفة في شأن من شئونه. ووقع أشد الاضطهاد والبغي على بني إسرائيل؛ لأن لهم عقيدة غير عقيدته هو وقومه; فهم يدينون بدين جدهم
إبراهيم وأبيهم
يعقوب; ومهما يكن قد وقع في عقيدتهم من فساد وانحراف، فقد بقي لها أصل الاعتقاد بإله واحد; وإنكار ألوهية
فرعون والوثنية الفرعونية جميعا.
وكذلك أحس الطاغية أن هناك خطرا على عرشه وملكه من وجود هذه الطائفة في
مصر; ولم يكن يستطيع أن يطردهم منها وهم جماعة كبيرة أصبحت تعد مئات الألوف، فقد يصبحون إلبا عليه مع جيرانه الذين كانت تقوم بينهم وبين الفراعنة الحروب، فابتكر عندئذ طريقة جهنمية خبيثة للقضاء على الخطر الذي يتوقعه من هذه الطائفة التي لا تعبده ولا تعتقد بألوهيته، تلك هي تسخيرهم في الشاق الخطر من الأعمال، واستذلالهم وتعذيبهم بشتى أنواع العذاب. وبعد ذلك كله تذبيح الذكور من أطفالهم عند ولادتهم، واستبقاء الإناث كي لا يتكاثر عدد الرجال فيهم. وبذلك يضعف قوتهم بنقص عدد الذكور وزيادة عدد الإناث، فوق ما يصبه عليهم من نكال وعذاب.
وروي أنه وكل بالحوامل من نسائهم قوابل مولدات يخبرنه بمواليد بني إسرائيل، ليبادر بذبح الذكور، فور ولادتهم حسب خطته الجهنمية الخبيثة، التي لا تستشعر رحمة بأطفال أبرياء لا ذنب لهم ولا خطيئة.
هذه هي الظروف التي تجري فيها قصة
موسى - عليه السلام - عند ولادته، كما وردت في هذه السورة:
[ ص: 2678 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا، يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم. إنه كان من المفسدين ..
ولكن الله يريد غير ما يريد فرعون ويقدر غير ما يقدر الطاغية. والطغاة البغاة تخدعهم قوتهم وسطوتهم وحيلتهم، فينسون إرادة الله وتقديره ويحسبون أنهم يختارون لأنفسهم ما يحبون، ويختارون لأعدائهم ما يشاءون. ويظنون أنهم على هذا وذاك قادرون.
والله يعلن هنا إرادته هو، ويكشف عن تقديره هو; ويتحدى
فرعون وهامان وجنودهما، بأن احتياطهم وحذرهم لن يجديهم فتيلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين، nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=6ونمكن لهم في الأرض، ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون .
فهؤلاء المستضعفون الذين يتصرف الطاغية في شأنهم كما يريد له هواه البشع النكير، فيذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، ويسومهم سوء العذاب والنكال. وهو مع ذلك يحذرهم ويخافهم على نفسه وملكه; فيبث عليهم العيون والأرصاد، ويتعقب نسلهم من الذكور فيسلمهم إلى الشفار كالجزار! هؤلاء المستضعفون يريد الله أن يمن عليهم بهباته من غير تحديد; وأن يجعلهم أئمة وقادة لا عبيدا ولا تابعين; وأن يورثهم الأرض المباركة (التي أعطاهم إياها عندما استحقوها بعد ذلك بالإيمان والصلاح) وأن يمكن لهم فيها فيجعلهم أقوياء راسخي الأقدام مطمئنين. وأن يحقق ما يحذره فرعون وهامان وجنودهما، وما يتخذون الحيطة دونه، وهم لا يشعرون!
هكذا يعلن السياق قبل أن يأخذ في عرض القصة ذاتها. يعلن واقع الحال، وما هو مقدر في المآل. ليقف القوتين وجها لوجه: قوة فرعون المنتفشة المنتفخة التي تبدو للناس قادرة على الكثير. وقوة الله الحقيقة الهائلة التي تتهاوى دونها القوى الظاهرية الهزيلة التي ترهب الناس!
nindex.php?page=treesubj&link=28999_31920_31952_32516nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا، يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ، يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ، وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ، إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً، وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ. nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=6وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ، وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ..
وَهَكَذَا يَرْسُمُ الْمَسْرَحَ الَّذِي تَجْرِي فِيهِ الْحَوَادِثُ، وَتَنْكَشِفُ الْيَدُ الَّتِي تُجْرِيهَا. وَتَنْكَشِفُ مَعَهَا الْغَايَةُ الَّتِي تَتَوَخَّاهَا. وَانْكِشَافُ هَذِهِ الْيَدِ، وَبُرُوزُهَا سَافِرَةً بِلَا سِتَارٍ مُنْذُ اللَّحْظَةِ الْأُولَى مَقْصُودٌ فِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ كُلِّهَا، مُتَمَشٍّ مَعَ أَبْرَزِ هَدَفٍ لَهَا. وَمِنْ ثَمَّ تَبْدَأُ الْقِصَّةُ هَذَا الْبَدْءِ. وَذَلِكَ مِنْ بَدَائِعِ الْأَدَاءِ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْعَجِيبِ. وَلَا يُعْرَفُ عَلَى وَجْهِ التَّحْدِيدِ مَنْ هُوَ الْفِرْعَوْنُ الَّذِي تَجْرِي حَوَادِثُ الْقِصَّةِ فِي عَهْدِهِ، فَالتَّحْدِيدُ التَّارِيخِيُّ لَيْسَ هَدَفًا مِنْ أَهْدَافِ الْقِصَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ; وَلَا يَزِيدُ فِي دَلَالَتِهَا شَيْئًا. وَيَكْفِي أَنَّ نَعْلَمَ أَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ زَمَانِ
يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الَّذِي اسْتَقْدَمَ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ. وَأَبُوهُ
يَعْقُوبُ هُوَ "
إِسْرَائِيلُ " وَهَؤُلَاءِ كَانُوا ذُرِّيَّتَهُ. وَقَدْ تَكَاثَرُوا فِي مِصْرَ وَأَصْبَحُوا شَعْبًا كَبِيرًا.
فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْفِرْعَوْنُ الطَّاغِيَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4عَلا فِي الأَرْضِ وَتَكَبُّرَ وَتَجَبَّرَ، وَجَعْلَ أَهْلَ
مِصْرَ شِيَعًا، كُلُّ طَائِفَةٍ فِي شَأْنٍ مِنْ شُئُونِهِ. وَوَقَعَ أَشَدُّ الِاضْطِهَادِ وَالْبَغْيِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ عَقِيدَةً غَيْرَ عَقِيدَتِهِ هُوَ وَقَوْمِهِ; فَهُمْ يَدِينُونَ بِدِينِ جَدِّهِمْ
إِبْرَاهِيمَ وَأَبِيهِمْ
يَعْقُوبَ; وَمَهْمَا يَكُنْ قَدْ وَقَعَ فِي عَقِيدَتِهِمْ مِنْ فَسَادٍ وَانْحِرَافٍ، فَقَدْ بَقِيَ لَهَا أَصْلُ الِاعْتِقَادِ بِإِلَهٍ وَاحِدٍ; وَإِنْكَارُ أُلُوهِيَّةِ
فِرْعَوْنَ وَالْوَثَنِيَّةِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ جَمِيعًا.
وَكَذَلِكَ أَحَسَّ الطَّاغِيَةُ أَنَّ هُنَاكَ خَطَرًا عَلَى عَرْشِهِ وَمُلْكِهِ مِنْ وُجُودِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ فِي
مِصْرَ; وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطْرُدَهُمْ مِنْهَا وَهُمْ جَمَاعَةٌ كَبِيرَةٌ أَصْبَحَتْ تُعَدُّ مِئَاتَ الْأُلُوفِ، فَقَدْ يُصْبِحُونَ إِلْبًا عَلَيْهِ مَعَ جِيرَانِهِ الَّذِينَ كَانَتْ تَقُومُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَرَاعِنَةِ الْحُرُوبُ، فَابْتَكَرَ عِنْدَئِذٍ طَرِيقَةً جَهَنَّمِيَّةً خَبِيثَةً لِلْقَضَاءِ عَلَى الْخَطَرِ الَّذِي يَتَوَقَّعُهُ مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَا تَعْبُدُهُ وَلَا تَعْتَقِدُ بِأُلُوهِيَّتِهِ، تِلْكَ هِيَ تَسْخِيرِهِمْ فِي الشَّاقِّ الْخَطَرِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَاسْتِذْلَالِهِمْ وَتَعْذِيبِهِمْ بِشَتَّى أَنْوَاعِ الْعَذَابِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ تَذْبِيحِ الذُّكُورِ مِنْ أَطْفَالِهِمْ عِنْدَ وِلَادَتِهِمْ، وَاسْتِبْقَاءِ الْإِنَاثِ كَيْ لَا يَتَكَاثَرَ عَدَدُ الرِّجَالِ فِيهِمْ. وَبِذَلِكَ يُضْعِفُ قُوَّتَهُمْ بِنَقْصِ عَدَدِ الذُّكُورِ وَزِيَادَةِ عَدَدِ الْإِنَاثِ، فَوْقَ مَا يَصُبُّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَكَالٍ وَعَذَابٍ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ وَكَّلَ بِالْحَوَامِلِ مِنْ نِسَائِهِمْ قَوَابِلَ مُوَلِّدَاتٍ يُخْبِرْنَهُ بِمَوَالِيدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِيُبَادِرَ بِذَبْحِ الذُّكُورِ، فَوْرَ وِلَادَتِهِمْ حَسَبَ خُطَّتِهِ الْجَهَنَّمِيَّةِ الْخَبِيثَةِ، الَّتِي لَا تَسْتَشْعِرُ رَحْمَةً بِأَطْفَالٍ أَبْرِيَاءَ لَا ذَنَبَ لَهُمْ وَلَا خَطِيئَةَ.
هَذِهِ هِيَ الظُّرُوفُ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا قِصَّةُ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَ وِلَادَتِهِ، كَمَا وَرَدَتْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ:
[ ص: 2678 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=4إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا، يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ. إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ..
وَلَكِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ غَيْرَ مَا يُرِيدُ فِرْعَوْنُ وَيُقَدِّرُ غَيْرَ مَا يُقَدِّرُ الطَّاغِيَةُ. وَالطُّغَاةُ الْبُغَاةُ تَخْدَعُهُمْ قُوَّتُهُمْ وَسَطْوَتُهُمْ وَحِيلَتُهُمْ، فَيَنْسَوْنَ إِرَادَةَ اللَّهِ وَتَقْدِيرَهُ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يَخْتَارُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مَا يُحِبُّونَ، وَيَخْتَارُونَ لِأَعْدَائِهِمْ مَا يَشَاءُونَ. وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى هَذَا وَذَاكَ قَادِرُونَ.
وَاللَّهُ يُعْلِنُ هُنَا إِرَادَتِهِ هُوَ، وَيَكْشِفُ عَنْ تَقْدِيرِهِ هُوَ; وَيَتَحَدَّى
فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا، بِأَنَّ احْتِيَاطَهُمْ وَحَذَرَهُمْ لَنْ يُجْدِيَهِمْ فَتِيلًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=5وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً، وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ، nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=6وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ، وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ .
فَهَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفُونَ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُ الطَّاغِيَةُ فِي شَأْنِهِمْ كَمَا يُرِيدُ لَهُ هَوَاهُ الْبَشِعُ النَّكِيرُ، فَيُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ، وَيَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ. وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَحْذَرُهُمْ وَيَخَافُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ وَمُلْكِهِ; فَيَبُثُّ عَلَيْهِمُ الْعُيُونَ وَالْأَرْصَادَ، وَيَتَعَقَّبُ نَسْلَهُمْ مِنَ الذُّكُورِ فَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى الشَّفَّارِ كَالْجَزَّارِ! هَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفُونَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ بِهِبَاتِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ; وَأَنْ يَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةٌ وَقَادَةٌ لَا عَبِيدًا وَلَا تَابِعَيْنِ; وَأَنْ يُورِثَهُمُ الْأَرْضَ الْمُبَارَكَةَ (الَّتِي أَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا عِنْدَمَا اسْتَحَقُّوهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِيمَانِ وَالصَّلَاحِ) وَأَنْ يُمْكِنَ لَهُمْ فِيهَا فَيَجْعَلُهُمْ أَقْوِيَاءَ رَاسِخِي الْأَقْدَامِ مُطَمْئِنِينَ. وَأَنْ يُحَقِّقَ مَا يَحْذَرُهُ فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ وَجُنُودُهُمَا، وَمَا يَتَّخِذُونَ الْحِيطَةَ دُونَهُ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ!
هَكَذَا يُعْلِنُ السِّيَاقُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي عَرْضِ الْقِصَّةِ ذَاتِهَا. يُعْلِنُ وَاقِعَ الْحَالِ، وَمَا هُوَ مُقَدَّرٌ فِي الْمَآلِ. لِيَقِفَ الْقُوَّتَيْنِ وَجْهًا لِوَجْهٍ: قُوَّةُ فِرْعَوْنَ الْمُنْتَفِشَةُ الْمُنْتَفِخَةُ الَّتِي تَبْدُو لِلنَّاسِ قَادِرَةً عَلَى الْكَثِيرِ. وَقُوَّةُ اللَّهِ الْحَقِيقَةُ الْهَائِلَةُ الَّتِي تَتَهَاوَى دُونَهَا الْقُوَى الظَّاهِرِيَّةُ الْهَزِيلَةُ الَّتِي تُرْهِبُ النَّاسَ!