nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28766_29675_29676_30351_19706_19722_19723_19729_19705_29694_29010_28642قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم (53)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون (54)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون (55)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين (56)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين (57)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين (58)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين (59)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=60ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين (60)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=61وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون (61)
ولما صور الله الحال المفزعة التي يكون عليها الظالمون يوم القيامة في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=48وبدا لهم سيئات [ ص: 3058 ] ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون .. عاد يفتح أبواب رحمته على مصاريعها بالتوبة. ويطمع في رحمته ومغفرته أهل المعاصي مهما يكونوا قد أسرفوا في المعصية. ويدعوهم إلى الأوبة إليه غير قانطين ولا يائسين. ومع الدعوة إلى الرحمة والمغفرة صورة ما ينتظرهم لو لم يئوبوا ويتوبوا، ولو لم ينتهزوا هذه الفرصة المتاحة قبل إفلاتها وفوات الأوان..
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. إن الله يغفر الذنوب جميعا. إنه هو الغفور الرحيم ..
إنها الرحمة الواسعة التي تسع كل معصية. كائنة ما كانت وإنها الدعوة للأوبة. دعوة العصاة المسرفين الشاردين المبعدين في تيه الضلال. دعوتهم إلى الأمل والرجاء والثقة بعفو الله. إن الله رحيم بعباده. وهو يعلم ضعفهم وعجزهم. ويعلم العوامل المسلطة عليهم من داخل كيانهم ومن خارجه. ويعلم أن الشيطان يقعد لهم كل مرصد. ويأخذ عليهم كل طريق. ويجلب عليهم بخيله ورجله. وأنه جاد كل الجد في عمله الخبيث! ويعلم أن بناء هذا المخلوق الإنساني بناء واه. وأنه مسكين سرعان ما يسقط إذا أفلت من يده الحبل الذي يربطه والعروة التي تشده. وأن ما ركب في كيانه من وظائف ومن ميول ومن شهوات سرعان ما ينحرف عن التوازن فيشط به هنا أو هناك; ويوقعه في المعصية وهو ضعيف عن الاحتفاظ بالتوازن السليم..
يعلم الله - سبحانه - عن هذا المخلوق كل هذا فيمد له في العون; ويوسع له في الرحمة; ولا يأخذه بمعصيته حتى يهيئ له جميع الوسائل ليصلح خطأه ويقيم خطاه على الصراط. وبعد أن يلج في المعصية، ويسرف في الذنب، ويحسب أنه قد طرد وانتهى أمره، ولم يعد يقبل ولا يستقبل. في هذه اللحظة لحظة اليأس والقنوط، يسمع نداء الرحمة الندي اللطيف:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. إن الله يغفر الذنوب جميعا. إنه هو الغفور الرحيم ..
وليس بينه - وقد أسرف في المعصية، ولج في الذنب، وأبق عن الحمى، وشرد عن الطريق - ليس بينه وبين الرحمة الندية الرخية، وظلالها السمحة المحيية. ليس بينه وبين هذا كله إلا التوبة. التوبة وحدها الأوبة إلى الباب المفتوح الذي ليس عليه بواب يمنع، والذي لا يحتاج من يلج فيه إلى استئذان:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون. nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون .
الإنابة. والإسلام. والعودة إلى أفياء الطاعة وظلال الاستسلام.. هذا هو كل شيء. بلا طقوس ولا مراسم ولا حواجز ولا وسطاء ولا شفعاء!
إنه حساب مباشر بين العبد والرب. وصلة مباشرة بين المخلوق والخالق. من أراد الأوبة من الشاردين فليؤب. ومن أراد الإنابة من الضالين، فلينب. ومن أراد الاستسلام من العصاة فليستسلم. وليأت.. ليأت وليدخل فالباب مفتوح. والفيء والظل والندى والرخاء: كله وراء الباب لا حاجب دونه ولا حسيب!
وهيا. هيا قبل فوات الأوان. هيا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون .. فما هنالك من نصير.
هيا فالوقت غير مضمون. وقد يفصل في الأمر وتغلق الأبواب في أية لحظة من لحظات الليل والنهار. هيا.
[ ص: 3059 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم .. وهو هذا القرآن بين أيديكم..
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ..
هيا قبل أن تتحسروا على فوات الفرصة، وعلى التفريط في حق الله، وعلى السخرية بوعد الله:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله. وإن كنت لمن الساخرين ..
أو تقول إن الله كتب علي الضلال ولو كتب علي الهدى لاهتديت واتقيت:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ..
وهي علالة لا أصل لها. فالفرصة ها هي ذي سانحة، ووسائل الهدى ما تزال حاضرة. وباب التوبة ها هو ذا مفتوح!
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أو تقول حين ترى العذاب: لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ..
وهي أمنية لا تنال. فإذا انتهت هذه الحياة فلا كرة ولا رجوع. وها أنتم أولاء في دار العمل. وهي فرصة واحدة إذا انقضت لا تعود. وستسألون عنها مع التبكيت والترذيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بلى. قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين !
ثم يمضي السياق وقد وصل بالقلوب والمشاعر إلى ساحة الآخرة.. يمضي في عرض مشهد المكذبين والمتقين، في ذلك الموقف العظيم:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=60ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة. أليس في جهنم مثوى للمتكبرين؟ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=61وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم، لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ..
وهذا هو المصير الأخير. فريق مسود الوجوه من الخزي، ومن الكمد، ومن لفح الجحيم. هو فريق المتكبرين في هذه الأرض، الذين دعوا إلى الله، وظلت الدعوة قائمة حتى بعد الإسراف في المعصية، فلم يلبوا هاتف النجاة. فهم اليوم في خزي تسود له الوجوه. وفريق ناج فائز لا يمسه السوء ولا يخالطه الحزن. هو فريق المتقين، الذين عاشوا في حذر من الآخرة، وفي طمع في رحمة الله. فهم اليوم يجدون النجاة والفوز والأمن والسلامة:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=61لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ..
ومن شاء بعد هذا فليلب النداء إلى الرحمة الندية الظليلة وراء الباب المفتوح. ومن شاء فليبق في إسرافه وفي شروره حتى يأخذهم العذاب وهم لا يشعرون!
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=28766_29675_29676_30351_19706_19722_19723_19729_19705_29694_29010_28642قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهِ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (59)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=60وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60)
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=61وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)
وَلَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ الْحَالَ الْمُفْزِعَةَ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الظَّالِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=47وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ، nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=48وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ [ ص: 3058 ] مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ .. عَادَ يَفْتَحُ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ عَلَى مَصَارِيعِهِا بِالتَّوْبَةِ. وَيُطْمِعُ فِي رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ أَهْلَ الْمَعَاصِي مَهْمَا يَكُونُوا قَدْ أَسْرَفُوا فِي الْمَعْصِيَةِ. وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْأَوْبَةِ إِلَيْهِ غَيْرَ قَانِطِينَ وَلَا يَائِسِينَ. وَمَعَ الدَّعْوَةِ إِلَى الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ صُورَةُ مَا يَنْتَظِرُهُمْ لَوْ لَمْ يَئُوبُوا وَيَتُوبُوا، وَلَوْ لَمْ يَنْتَهِزُوا هَذِهِ الْفُرْصَةَ الْمُتَاحَةَ قَبْلَ إِفْلَاتِهَا وَفَوَاتِ الْأَوَانِ..
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهِ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ..
إِنَّهَا الرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي تَسَعُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ. كَائِنَةٌ مَا كَانَتْ وَإِنَّهَا الدَّعْوَةُ لِلْأَوْبَةِ. دَعْوَةُ الْعُصَاةِ الْمُسْرِفِينَ الشَّارِدِينَ الْمُبْعَدِينَ فِي تِيهِ الضَّلَالِ. دَعَوْتُهُمْ إِلَى الْأَمَلِ وَالرَّجَاءِ وَالثِّقَةِ بِعَفْوِ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ. وَهُوَ يَعْلَمُ ضَعْفَهُمْ وَعَجْزَهُمْ. وَيَعْلَمُ الْعَوَامِلَ الْمُسَلَّطَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ دَاخِلِ كِيَانِهِمْ وَمِنْ خَارِجِهِ. وَيَعْلَمُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَقْعُدُ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ. وَيَأْخُذُ عَلَيْهِمْ كُلَّ طَرِيقٍ. وَيَجْلِبُ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِهِ وَرَجْلِهِ. وَأَنَّهُ جَادٌّ كُلَّ الْجِدِّ فِي عَمَلِهِ الْخَبِيثِ! وَيَعْلَمُ أَنَّ بِنَاءَ هَذَا الْمَخْلُوقِ الْإِنْسَانِيِّ بِنَاءٌ وَاهٍ. وَأَنَّهُ مِسْكِينٌ سُرْعَانَ مَا يَسْقُطُ إِذَا أَفْلَتَ مِنْ يَدِهِ الْحَبْلُ الَّذِي يَرْبُطُهُ وَالْعُرْوَةُ الَّتِي تَشُدُّهُ. وَأَنَّ مَا رُكِّبَ فِي كِيَانِهِ مِنْ وَظَائِفَ وَمِنْ مُيُولٍ وَمِنْ شَهَوَاتٍ سُرْعَانَ مَا يَنْحَرِفُ عَنِ التَّوَازُنِ فَيَشِطُّ بِهِ هُنَا أَوْ هُنَاكَ; وَيُوقِعُهُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنِ الِاحْتِفَاظِ بِالتَّوَازُنِ السَّلِيمِ..
يَعْلَمُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - عَنْ هَذَا الْمَخْلُوقِ كُلَّ هَذَا فَيَمُدُّ لَهُ فِي الْعَوْنِ; وَيُوَسِّعُ لَهُ فِي الرَّحْمَةِ; وَلَا يَأْخُذُهُ بِمَعْصِيَتِهِ حَتَّى يُهَيِّئَ لَهُ جَمِيعَ الْوَسَائِلِ لِيُصْلِحَ خَطَأَهُ وَيُقِيمَ خُطَاهُ عَلَى الصِّرَاطِ. وَبَعْدَ أَنْ يَلِجَ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَيُسْرِفَ فِي الذَّنْبِ، وَيَحْسَبَ أَنَّهُ قَدْ طُرِدَ وَانْتَهَى أَمْرُهُ، وَلَمْ يَعُدْ يَقْبَلُ وَلَا يَسْتَقْبِلُ. فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ لَحْظَةِ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، يَسْمَعُ نِدَاءَ الرَّحْمَةِ النَّدِيِّ اللَّطِيفِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=53قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهِ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا. إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ..
وَلَيْسَ بَيْنَهُ - وَقَدْ أَسْرَفَ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَلَجَ فِي الذَّنْبِ، وَأَبِقَ عَنِ الْحُمَّى، وَشَرَدَ عَنِ الطَّرِيقِ - لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّحْمَةِ النَّدِيَّةِ الرَّخِيَّةِ، وَظِلَالِهَا السَّمْحَةِ الْمُحَيِّيَةِ. لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا كُلِّهِ إِلَّا التَّوْبَةُ. التَّوْبَةُ وَحْدُهَا الْأَوْبَةُ إِلَى الْبَابِ الْمَفْتُوحِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ بَوَّابٌ يَمْنَعُ، وَالَّذِي لَا يَحْتَاجُ مَنْ يَلِجُ فِيهِ إِلَى اسْتِئْذَانٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ. nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ .
الْإِنَابَةُ. وَالْإِسْلَامُ. وَالْعَوْدَةُ إِلَى أَفْيَاءَ الطَّاعَةِ وَظِلَالِ الِاسْتِسْلَامِ.. هَذَا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ. بِلَا طُقُوسٍ وَلَا مَرَاسِمَ وَلَا حَوَاجِزَ وَلَا وُسَطَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ!
إِنَّهُ حِسَابٌ مُبَاشِرٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالرَّبِّ. وَصِلَةٌ مُبَاشِرَةٌ بَيْنَ الْمَخْلُوقِ وَالْخَالِقِ. مَنْ أَرَادَ الْأَوْبَةَ مِنَ الشَّارِدِينَ فَلْيَؤُبْ. وَمَنْ أَرَادَ الْإِنَابَةَ مِنَ الضَّالِّينَ، فَلْيَنُبْ. وَمَنْ أَرَادَ الِاسْتِسْلَامَ مِنَ الْعُصَاةِ فَلْيَسْتَسْلِمْ. وَلْيَأْتِ.. لِيَأْتِ وَلِيَدْخُلْ فَالْبَابُ مَفْتُوحٌ. وَالْفَيْءُ وَالظِّلُّ وَالنَّدَى وَالرَّخَاءُ: كُلُّهُ وَرَاءَ الْبَابِ لَا حَاجِبَ دُونَهُ وَلَا حَسِيبَ!
وَهَيَّا. هَيَّا قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ. هَيَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=54مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ .. فَمَا هُنَالِكَ مِنْ نَصِيرٍ.
هَيَّا فَالْوَقْتُ غَيْرُ مَضْمُونٍ. وَقَدْ يُفْصَلُ فِي الْأَمْرِ وَتُغْلَقُ الْأَبْوَابُ فِي أَيَّةِ لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. هَيَّا.
[ ص: 3059 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ .. وَهُوَ هَذَا الْقُرْآنُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ..
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=55مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ..
هَيَّا قَبْلَ أَنْ تَتَحَسَّرُوا عَلَى فَوَاتِ الْفُرْصَةِ، وَعَلَى التَّفْرِيطِ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَعَلَى السُّخْرِيَةِ بِوَعْدِ اللَّهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ: يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ. وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ..
أَوْ تَقُولُ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيَّ الضَّلَالَ وَلَوْ كَتَبَ عَلَيَّ الْهُدَى لَاهْتَدَيْتُ وَاتَّقَيْتُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=57أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ..
وَهِيَ عُلَالَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا. فَالْفُرْصَةُ هَا هِيَ ذِي سَانِحَةٌ، وَوَسَائِلُ الْهُدَى مَا تَزَالُ حَاضِرَةٌ. وَبَابُ التَّوْبَةِ هَا هُوَ ذَا مَفْتُوحٌ!
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=58أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ..
وَهِيَ أُمْنِيَّةٌ لَا تَنَالُ. فَإِذَا انْتَهَتْ هَذِهِ الْحَيَاةُ فَلَا كَرَّةَ وَلَا رُجُوعَ. وَهَا أَنْتُمْ أُولَاءِ فِي دَارِ الْعَمَلِ. وَهِيَ فُرْصَةٌ وَاحِدَةٌ إِذَا انْقَضَتْ لَا تَعُودُ. وَسَتَسْأَلُونَ عَنْهَا مَعَ التَّبْكِيتِ وَالتَّرْذِيلِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=59بَلَى. قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ !
ثُمَّ يَمْضِي السِّيَاقُ وَقَدْ وَصَلَ بِالْقُلُوبِ وَالْمَشَاعِرِ إِلَى سَاحَةِ الْآخِرَةِ.. يَمْضِي فِي عَرْضِ مَشْهَدِ الْمُكَذِّبِينَ وَالْمُتَّقِينَ، فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=60وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ. أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ؟ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=61وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ، لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ..
وَهَذَا هُوَ الْمَصِيرُ الْأَخِيرُ. فَرِيقٌ مُسْوَدُّ الْوُجُوهِ مِنَ الْخِزْيِ، وَمِنَ الْكَمَدِ، وَمِنْ لَفْحِ الْجَحِيمِ. هُوَ فَرِيقُ الْمُتَكَبِّرِينَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، الَّذِينَ دَعَوْا إِلَى اللَّهِ، وَظَلَّتِ الدَّعْوَةُ قَائِمَةً حَتَّى بَعْدَ الْإِسْرَافِ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَلَمْ يُلَبُّوا هَاتِفَ النَّجَاةِ. فَهُمُ الْيَوْمَ فِي خِزْيٍ تَسْوَدُّ لَهُ الْوُجُوهُ. وَفَرِيقٌ نَاجٍ فَائِزٌ لَا يَمَسُّهُ السُّوءُ وَلَا يُخَالِطُهُ الْحُزْنُ. هُوَ فَرِيقُ الْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ عَاشُوا فِي حَذَرٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَفِي طَمَعٍ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ. فَهُمُ الْيَوْمَ يَجِدُونَ النَّجَاةَ وَالْفَوْزَ وَالْأَمْنَ وَالسَّلَامَةَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=61لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ..
وَمَنْ شَاءَ بَعْدَ هَذَا فَلْيُلَبِّ النِّدَاءَ إِلَى الرَّحْمَةِ النَّدِيَّةِ الظَّلِيلَةِ وَرَاءَ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ. وَمَنْ شَاءَ فَلْيَبْقَ فِي إِسْرَافِهِ وَفِي شُرُورِهِ حَتَّى يَأْخُذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ!