[ ص: 3064 ] (40)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة غافر مكية وآياتها خمس وثمانون
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=29011_32450_34237nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم (1) nindex.php?page=treesubj&link=29011_28723_32238nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6وكذلك حقت كلمت ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=10إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=11قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=12ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14فادعوا الله مخلصين [ ص: 3065 ] له الدين ولو كره الكافرون (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر .يوم التلاق (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=17اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير (20)
هذه السورة تعالج قضية الحق والباطل. قضية الإيمان والكفر. قضية الدعوة والتكذيب وأخيرا قضية العلو في الأرض والتجبر بغير الحق، وبأس الله الذي يأخذ العالين المتجبرين.. وفي ثنايا هذه القضية تلم بموقف المؤمنين المهتدين الطائعين ونصر الله إياهم، واستغفار الملائكة لهم، واستجابة الله لدعائهم، وما ينتظرهم في الآخرة من نعيم.
وجو السورة كله - من ثم - كأنه جو معركة. وهي المعركة بين الحق والباطل، وبين الإيمان والطغيان، وبين المتكبرين المتجبرين في الأرض وبأس الله الذي يأخذهم بالدمار والتنكيل. تنسم خلال هذا الجو نسمات الرحمة والرضوان حين يجيء ذكر المؤمنين!
ذلك الجو يتمثل في عرض مصارع الغابرين، كما يتمثل في عرض مشاهد القيامة - وهذه وتلك تتناثر في سياق السورة وتتكرر بشكل ظاهر - وتعرض في صورها العنيفة المرهوبة المخيفة متناسقة مع جو السورة كله، مشتركة في طبع هذا الجو بطابع العنف والشدة.
ولعله مما يتفق مع هذه السمة افتتاح السورة بإيقاعات ذات رنين خاص:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب. وقابل التوب. شديد العقاب. ذي الطول. لا إله إلا هو. إليه المصير .. فكأنما هي مطارق منتظمة الجرس ثابتة الوقع، مستقرة المقاطع، ومعانيها كذلك مساندة لإيقاعها الموسيقي!
كذلك نجد كلمة البأس. وبأس الله. وبأسنا.. مكررة تتردد في مواضع متفرقة من السورة. وهناك غيرها من ألفاظ الشدة والعنف بلفظها أو بمعناها.
وعلى العموم فإن السورة كلها تبدو وكأنها مقارع ومطارق تقع على القلب البشري وتؤثر فيه بعنف وهي تعرض مشاهد القيامة ومصارع الغابرين. وقد ترق أحيانا فتتحول إلى لمسات وإيقاعات تمس هذا القلب برفق، وهي تعرض حملة العرش ومن حوله يدعون ربهم ليتكرم على عباده المؤمنين، أو وهي تعرض عليه الآيات الكونية والآيات الكامنة في النفس البشرية.
[ ص: 3066 ] ونضرب بعض الأمثال التي ترسم جو السورة وظلها من هذه وتلك..
من مصارع الغابرين:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق. فأخذتهم. فكيف كان عقاب؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أولم يسيروا في الأرض، فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم، كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض، فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=22ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا، فأخذهم الله، إنه قوي شديد العقاب ..
ومن مشاهد القيامة:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين. ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72في الحميم ثم في النار يسجرون..
ومن اللمسات الندية مشهد حملة العرش في دعائهم الخاشع المنيب:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به، ويستغفرون للذين آمنوا. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وقهم السيئات، ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته. وذلك هو الفوز العظيم ..
ومن اللمسات الموحية عرض آيات الله في الأنفس وفي الآفاق:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=67هو الذي خلقكم من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم يخرجكم طفلا، ثم لتبلغوا أشدكم، ثم لتكونوا شيوخا. ومنكم من يتوفى من قبل، ولتبلغوا أجلا مسمى، ولعلكم تعقلون. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=68هو الذي يحيي ويميت. فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=61الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا. إن الله لذو فضل على الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=62ذلكم الله ربكم خالق كل شيء. لا إله إلا هو فأنى تؤفكون؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=64الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم. ورزقكم من الطيبات. ذلكم الله ربكم. فتبارك الله رب العالمين .
وهذه وتلك تصور جو السورة وترسم ظلها، وتتناسق مع موضوعها وطابعها.
ويجري سياق السورة بموضوعاتها في أربعة أشواط متميزة.
يبدأ الشوط الأول منها بافتتاح السورة بالأحرف المقطعة:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم تتلوها تلك الإيقاعات الرصينة الثابتة:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غافر الذنب. وقابل التوب. شديد العقاب ذي الطول. لا إله إلا هو. إليه المصير .. ثم تقرر أن الوجود كله مسلم مستسلم لله. وأنه لا يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فيشذون عن سائر الوجود بهذا الجدال. ومن ثم فهم لا يستحقون أن يأبه لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهما تقلبوا في الخير والمتاع. فإنما هم صائرون إلى ما صارت إليه أحزاب المكذبين قبلهم; وقد أخذهم الله أخذا بعقاب يستحق العجب والإعجاب! ومع الأخذ في الدنيا فإن عذاب الآخرة ينتظرهم هناك.. ذلك بينما حملة العرش ومن حوله يعلنون إيمانهم بربهم، ويتوجهون إليه بالعبادة، ويستغفرون للذين آمنوا من أهل الأرض، ويدعون لهم بالمغفرة والنعيم والفلاح.. وفي الوقت ذاته يعرض مشهد الكافرين يوم القيامة وهم ينادون من أرجاء الوجود المؤمن المسلم المستسلم:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=10لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ..
وهم في موقف الذلة والانكسار بعد الاستكبار، يقرون بذنبهم، ويعترفون بربهم، فلا ينفعهم الاعتراف والإقرار،
[ ص: 3067 ] إنما يذكرون بما كان منهم من شرك واستكبار.. ومن هذا الموقف بين يدي الله في الآخرة يعود بالناس إلى الله في الدنيا..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا ويذكرهم لينيبوا إلى ربهم ويوحدوه:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . ويشير إلى الوحي والإنذار بذلك اليوم العصيب. ويستطرد إلى مشهدهم يوم القيامة:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء وقد توارى الجبارون والمتكبرون والمجادلون:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار . ويستمر في عرض صور من هذا اليوم الذي يتفرد الله جل جلاله فيه بالحكم والقضاء. ويتوارى فيه ويضمحل ما يعبدون من دونه، كما يتوارى الطغاة والفجار..
ويبدأ الشوط الثاني بلفتة إلى مصارع الغابرين قبلهم. مقدمة لعرض جانب من قصة
موسى - عليه السلام - مع
فرعون وهامان وقارون. تمثل موقف الطغيان من دعوة الحق. وتعرض فيها حلقة جديدة لم تعرض في قصة
موسى من قبل، ولا تعرض إلا في هذه السورة. وهي حلقة ظهور رجل مؤمن من آل
فرعون يكتم إيمانه. يدفع عن
موسى ما هموا بقتله; ويصدع بكلمة الحق والإيمان في تلطف وحذر في أول الأمر، ثم في صراحة ووضوح في النهاية. ويعرض في جدله مع فرعون حجج الحق وبراهينه قوية ناصعة; ويحذرهم يوم القيامة، ويمثل لهم بعض مشاهده في أسلوب مؤثر; ويذكرهم موقفهم وموقف الأجيال قبلهم من
يوسف - عليه السلام - ورسالته.. ويستطرد السياق بالقصة حتى يصل طرفها بالآخرة. فإذا هم هناك. وإذا هم يتحاجون في النار. وإذا حوار بين الضعفاء والذين استكبروا، وحوار لهم جميعا مع خزنة جهنم يطلبون فيه الخلاص. ولات حين خلاص! وفي ظل هذا المشهد يوجه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصبر والثقة بوعد الله الحق، والتوجه إلى إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار.
فأما الشوط الثالث فيبدأ بتقرير أن الذين يجادلون في آيات الله بغير حجة ولا برهان إنما يدفعهم إلى هذا كبر في نفوسهم عن الحق، وهم أصغر وأضأل من هذا الكبر. ويوجه القلوب حينئذ إلى هذا الوجود الكبير الذي خلقه الله، وهو أكبر من الناس جميعا. لعل المتكبرين يتصاغرون أمام عظمة خلق الله; وتتفتح بصيرتهم فلا يكونون عميا:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء. قليلا ما تتذكرون . ويذكرهم بمجيء الساعة، ويوجههم إلى دعوة الله الذي يستجيب للدعاء. فأما الذين يستكبرون فسيدخلون جهنم أذلاء صاغرين. ويعرض في هذا الموقف بعض آيات الله الكونية التي يمرون عليها غافلين. يعرض الليل سكنا والنهار مبصرا. والأرض قرارا والسماء بناء. ويذكرهم بأنفسهم وقد صورهم فأحسن صورهم. ويوجههم إلى دعوة الله مخلصين له الدين. ويلقن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبرأ من عبادتهم، ويعلن نهي ربه له عن آلهتهم، وأمره له بالإسلام لرب العالمين. ويلمس قلوبهم بأن الله الواحد هو الذي أنشأهم من تراب ثم من نطفة.. وهو الذي يحيي ويميت. ثم يعود فيعجب رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أمر الذين يجادلون في الله; وينذرهم عذاب يوم القيامة في مشهد عنيف:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72في الحميم ثم في النار يسجرون .. وإذ يتخلى عنهم ما أشركوا وينكرون هم أنهم كانوا يعبدون شيئا! وينتهي بهم الأمر إلى جهنم يقال لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=76ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين .. وعلى ضوء هذا المشهد يوجه الله رسوله إلى الصبر مرة أخرى، والثقة بأن وعد الله حق. سواء أبقاه حتى يشهد بعض ما يعدهم أو توفاه قبل أن يراه. فسيتم الوعد هناك..
[ ص: 3064 ] (40)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ غَافِرٍ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْسٌ وَثَمَانُونَ
بِسْمَ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29011_32450_34237nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم (1) nindex.php?page=treesubj&link=29011_28723_32238nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=6وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=11قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=12ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مِنَ يُنِيبُ (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ [ ص: 3065 ] لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ .يَوْمَ التَّلاقِ (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=17الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=20وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20)
هَذِهِ السُّورَةُ تُعَالِجُ قَضِيَّةَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. قَضِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ. قَضِيَّةَ الدَّعْوَةِ وَالتَّكْذِيبِ وَأَخِيرًا قَضِيَّةَ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالتَّجَبُّرِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَبَأْسُ اللَّهِ الَّذِي يَأْخُذُ الْعَالِينَ الْمُتَجَبِّرِينَ.. وَفِي ثَنَايَا هَذِهِ الْقَضِيَّةِ تُلِمُّ بِمَوْقِفِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُهْتَدِينَ الطَّائِعِينَ وَنَصْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، وَاسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لَهُمْ، وَاسْتِجَابَةِ اللَّهِ لِدُعَائِهِمْ، وَمَا يَنْتَظِرُهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَعِيمٍ.
وَجَوُّ السُّورَةِ كُلُّهُ - مِنْ ثَمَّ - كَأَنَّهُ جَوُّ مَعْرَكَةٍ. وَهِيَ الْمَعْرَكَةُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَبَيْنَ الْإِيمَانِ وَالطُّغْيَانِ، وَبَيْنَ الْمُتَكَبِّرِينَ الْمُتَجَبِّرِينَ فِي الْأَرْضِ وَبَأْسِ اللَّهِ الَّذِي يَأْخُذُهُمْ بِالدَّمَارِ وَالتَّنْكِيلِ. تَنَسَّمَ خِلَالَ هَذَا الْجَوِّ نَسَمَاتُ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ حِينَ يَجِيءُ ذِكْرُ الْمُؤْمِنِينَ!
ذَلِكَ الْجَوُّ يَتَمَثَّلُ فِي عَرْضِ مَصَارِعِ الْغَابِرِينَ، كَمَا يَتَمَثَّلُ فِي عَرْضِ مَشَاهِدِ الْقِيَامَةِ - وَهَذِهِ وَتِلْكَ تَتَنَاثَرُ فِي سِيَاقِ السُّورَةِ وَتَتَكَرَّرُ بِشَكْلٍ ظَاهِرٍ - وَتَعْرِضُ فِي صُوَرِهَا الْعَنِيفَةِ الْمَرْهُوبَةِ الْمُخِيفَةِ مُتَنَاسِقَةً مَعَ جَوِّ السُّورَةِ كُلِّهِ، مُشْتَرِكَةً فِي طَبْعِ هَذَا الْجَوِّ بِطَابَعِ الْعُنْفِ وَالشِّدَّةِ.
وَلَعَلَّهُ مِمَّا يَتَّفِقُ مَعَ هَذِهِ السِّمَةِ افْتِتَاحُ السُّورَةِ بِإِيقَاعَاتٍ ذَاتِ رَنِينٍ خَاصٍّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غَافِرِ الذَّنْبِ. وَقَابِلِ التَّوْبِ. شَدِيدِ الْعِقَابِ. ذِي الطَّوْلِ. لا إِلَهَ إِلا هُوَ. إِلَيْهِ الْمَصِيرُ .. فَكَأَنَّمَا هِيَ مَطَارِقُ مُنْتَظِمَةُ الْجَرْسِ ثَابِتَةُ الْوَقْعِ، مُسْتَقِرَّةُ الْمَقَاطِعِ، وَمَعَانِيهَا كَذَلِكَ مُسَانِدَةٌ لِإِيقَاعِهَا الْمُوسِيقِيِّ!
كَذَلِكَ نَجِدُ كَلِمَةَ الْبَأْسِ. وَبَأْسُ اللَّهِ. وَبَأْسُنَا.. مُكَرَّرَةٌ تَتَرَدَّدُ فِي مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنَ السُّورَةِ. وَهُنَاكَ غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الشِّدَّةِ وَالْعُنْفِ بِلَفْظِهَا أَوْ بِمَعْنَاهَا.
وَعَلَى الْعُمُومِ فَإِنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا تَبْدُو وَكَأَنَّهَا مَقَارِعُ وَمَطَارِقُ تَقَعُ عَلَى الْقَلْبِ الْبَشَرِيِّ وَتُؤَثِّرُ فِيهِ بِعُنْفٍ وَهِيَ تَعْرِضُ مَشَاهِدَ الْقِيَامَةِ وَمُصَارِعَ الْغَابِرِينَ. وَقَدْ تَرِقُّ أَحْيَانًا فَتَتَحَوَّلُ إِلَى لَمَسَاتٍ وَإِيقَاعَاتٍ تَمَسُّ هَذَا الْقَلْبَ بِرِفْقٍ، وَهِيَ تَعْرِضُ حَمَلَةَ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ لِيَتَكَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، أَوْ وَهِيَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْآيَاتِ الْكَامِنَةِ فِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ.
[ ص: 3066 ] وَنَضْرِبُ بَعْضَ الْأَمْثَالِ الَّتِي تَرْسُمُ جَوَّ السُّورَةِ وَظِلَّهَا مِنْ هَذِهِ وَتِلْكَ..
مِنْ مُصَارِعِ الْغَابِرِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=5كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ، وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ. فَأَخَذْتُهُمْ. فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=21أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ، كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ اللَّهُ مِنْ وَاقٍ. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=22ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ، إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ..
وَمِنْ مَشَاهِدِ الْقِيَامَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ. مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ..
وَمِنَ اللَّمَسَاتِ النَّدِيَّةِ مَشْهَدُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ فِي دُعَائِهِمُ الْخَاشِعِ الْمُنِيبِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا. رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=8رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=9وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ، وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ. وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ..
وَمِنَ اللَّمَسَاتِ الْمُوحِيَةِ عَرْضُ آيَاتِ اللَّهِ فِي الْأَنْفُسِ وَفِي الْآفَاقِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=67هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا، ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ، ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا. وَمِنْكُمْ مِنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ، وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى، وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=68هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ. فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=61اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا. إِنَّ اللَّهُ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=62ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ؟ ..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=64اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ. وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ. ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ. فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ .
وَهَذِهِ وَتِلْكَ تُصَوِّرُ جَوَّ السُّورَةِ وَتَرْسُمُ ظِلَّهَا، وَتَتَنَاسَقُ مَعَ مَوْضُوعِهَا وَطَابَعِهَا.
وَيَجْرِي سِيَاقُ السُّورَةِ بِمَوْضُوعَاتِهَا فِي أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ مُتَمَيِّزَةٍ.
يَبْدَأُ الشَّوْطُ الْأَوَّلُ مِنْهَا بِافْتِتَاحِ السُّورَةِ بِالْأَحْرُفِ الْمُقَطَّعَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=1حم. nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=2تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ تَتْلُوهَا تِلْكَ الْإِيقَاعَاتُ الرَّصِينَةُ الثَّابِتَةُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=3غَافِرِ الذَّنْبِ. وَقَابِلِ التَّوْبِ. شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ. لا إِلَهَ إِلا هُوَ. إِلَيْهِ الْمَصِيرُ .. ثُمَّ تُقَرِّرُ أَنَّ الْوُجُودَ كُلَّهُ مُسْلِمٌ مُسْتَسْلِمٌ لِلَّهِ. وَأَنَّهُ لَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَشِذُّونَ عَنْ سَائِرِ الْوُجُودِ بِهَذَا الْجِدَالِ. وَمِنْ ثَمَّ فَهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَأْبَهَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَهْمَا تَقَلَّبُوا فِي الْخَيْرِ وَالْمَتَاعِ. فَإِنَّمَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَى مَا صَارَتْ إِلَيْهِ أَحْزَابُ الْمُكَذِّبِينَ قَبْلَهُمْ; وَقَدْ أَخَذَهُمُ اللَّهُ أَخَذًا بِعِقَابٍ يَسْتَحِقُّ الْعَجَبَ وَالْإِعْجَابَ! وَمَعَ الْأَخْذِ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ عَذَابَ الْآخِرَةِ يَنْتَظِرُهُمْ هُنَاكَ.. ذَلِكَ بَيْنَمَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ يُعْلِنُونَ إِيمَانَهُمْ بِرَبِّهِمْ، وَيَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهِ بِالْعِبَادَةِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينِ آمَنُوا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَيَدْعُونَ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالنَّعِيمِ وَالْفَلَاحِ.. وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ يَعْرِضُ مَشْهَدَ الْكَافِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُمْ يُنَادَوْنَ مِنْ أَرْجَاءِ الْوُجُودِ الْمُؤْمِنِ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَسْلِمِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=10لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ..
وَهُمْ فِي مَوْقِفِ الذِّلَّةِ وَالِانْكِسَارِ بَعْدَ الِاسْتِكْبَارِ، يُقِرُّونَ بِذَنْبِهِمْ، وَيَعْتَرِفُونَ بِرَبِّهِمْ، فَلَا يَنْفَعُهُمُ الِاعْتِرَافُ وَالْإِقْرَارُ،
[ ص: 3067 ] إِنَّمَا يُذْكَرُونَ بِمَا كَانَ مِنْهُمْ مِنْ شِرْكٍ وَاسْتِكْبَارٍ.. وَمِنْ هَذَا الْمَوْقِفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ يَعُودُ بِالنَّاسِ إِلَى اللَّهِ فِي الدُّنْيَا..
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=13هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَيُذَكِّرُهُمْ لِيُنِيبُوا إِلَى رَبِّهِمْ وَيُوَحِّدُوهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=14فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . وَيُشِيرُ إِلَى الْوَحْيِ وَالْإِنْذَارِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَصِيبِ. وَيَسْتَطْرِدُ إِلَى مَشْهَدِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ وَقَدْ تَوَارَى الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ وَالْمُجَادِلُونَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ . وَيَسْتَمِرُّ فِي عَرْضِ صُوَرٍ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي يَتَفَرَّدُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِيهِ بِالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ. وَيَتَوَارَى فِيهِ وَيَضْمَحِلُّ مَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ، كَمَا يَتَوَارَى الطُّغَاةُ وَالْفُجَّارُ..
وَيَبْدَأُ الشَّوْطُ الثَّانِي بِلَفْتَةٍ إِلَى مَصَارِعِ الْغَابِرِينَ قَبْلَهُمْ. مُقَدِمَةٌ لِعَرْضِ جَانِبٍ مِنْ قِصَّةِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ
فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ. تَمَثَّلَ مَوْقِفُ الطُّغْيَانِ مِنْ دَعْوَةِ الْحَقِّ. وَتَعْرِضُ فِيهَا حَلْقَةً جَدِيدَةً لَمْ تُعْرَضْ فِي قِصَّةِ
مُوسَى مِنْ قَبْلُ، وَلَا تُعْرَضُ إِلَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَهِيَ حَلْقَةُ ظُهُورِ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ مِنْ آلِ
فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ. يَدْفَعُ عَنْ
مُوسَى مَا هَمُّوا بِقَتْلِهِ; وَيَصْدَعُ بِكَلِمَةِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ فِي تَلَطُّفٍ وَحَذَرٍ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ فِي صَرَاحَةٍ وَوُضُوحٍ فِي النِّهَايَةِ. وَيَعْرِضُ فِي جَدَلِهِ مَعَ فِرْعَوْنَ حُجَجَ الْحَقِّ وَبَرَاهِينَهُ قَوِيَّةً نَاصِعَةً; وَيُحَذِّرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُمَثِّلُ لَهُمْ بَعْضَ مَشَاهِدِهِ فِي أُسْلُوبٍ مُؤَثِّرٍ; وَيُذَكِّرُهُمْ مَوْقِفَهُمْ وَمَوْقِفَ الْأَجْيَالِ قَبْلَهُمْ مِنْ
يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَرِسَالَتِهِ.. وَيَسْتَطْرِدُ السِّيَاقُ بِالْقِصَّةِ حَتَّى يَصِلَ طَرَفَهَا بِالْآخِرَةِ. فَإِذَا هُمْ هُنَاكَ. وَإِذَا هُمْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ. وَإِذَا حِوَارٌ بَيْنَ الضُّعَفَاءِ وَالَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا، وَحِوَارٌ لَهُمْ جَمِيعًا مَعَ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ يَطْلُبُونَ فِيهِ الْخَلَاصَ. وَلَاتَ حِينَ خَلَاصٍ! وَفِي ظِلِّ هَذَا الْمَشْهَدِ يُوَجِّهُ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الصَّبْرِ وَالثِّقَةِ بِوَعْدِ اللَّهِ الْحَقِّ، وَالتَّوَجُّهِ إِلَى إِلَى رَبِّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ وَالِاسْتِغْفَارِ.
فَأَمَّا الشَّوْطُ الثَّالِثُ فَيَبْدَأُ بِتَقْرِيرِ أَنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَا بُرْهَانٍ إِنَّمَا يَدْفَعُهُمْ إِلَى هَذَا كِبْرٌ فِي نُفُوسِهِمْ عَنِ الْحَقِّ، وَهُمْ أَصْغَرُ وَأَضْأَلُ مِنْ هَذَا الْكِبَرِ. وَيُوَجِّهُ الْقُلُوبَ حِينَئِذٍ إِلَى هَذَا الْوُجُودِ الْكَبِيرِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنَ النَّاسِ جَمِيعًا. لَعَلَّ الْمُتَكَبِّرِينَ يَتَصَاغَرُونَ أَمَامَ عَظَمَةِ خَلْقِ اللَّهِ; وَتَتَفَتَّحُ بَصِيرَتُهُمْ فَلَا يَكُونُونَ عُمْيًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=58وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ. قَلِيلا مَا تَتَذَكَّرُونَ . وَيُذَكِّرُهُمْ بِمَجِيءِ السَّاعَةِ، وَيُوَجِّهُهُمْ إِلَى دَعْوَةِ اللَّهِ الَّذِي يَسْتَجِيبُ لِلدُّعَاءِ. فَأَمَّا الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ فَسَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ أَذِلَّاءَ صَاغِرِينَ. وَيَعْرِضُ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ بَعْضَ آيَاتِ اللَّهِ الْكَوْنِيَّةِ الَّتِي يَمُرُّونَ عَلَيْهَا غَافِلِينَ. يَعْرِضُ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا. وَالْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً. وَيُذَكِّرُهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَقَدْ صَوَّرَهُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَهُمْ. وَيُوَجِّهُهُمْ إِلَى دَعْوَةِ اللَّهِ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. وَيُلَقِّنُ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبْرَأَ مِنْ عِبَادَتِهِمْ، وَيُعْلِنَ نَهْيَ رَبِّهِ لَهُ عَنْ آلِهَتِهِمْ، وَأَمْرِهِ لَهُ بِالْإِسْلَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَيَلْمِسُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ الْوَاحِدَ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَهُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ.. وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ. ثُمَّ يَعُودُ فَيُعْجِبُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَمْرِ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ; وَيُنْذِرُهُمْ عَذَابَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي مَشْهَدٍ عَنِيفٍ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ .. وَإِذْ يَتَخَلَّى عَنْهُمْ مَا أَشْرَكُوا وَيُنْكِرُونَ هُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ شَيْئًا! وَيَنْتَهِي بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=76ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ .. وَعَلَى ضَوْءِ هَذَا الْمَشْهَدِ يُوَجِّهُ اللَّهُ رَسُولَهُ إِلَى الصَّبْرِ مَرَّةً أُخْرَى، وَالثِّقَةِ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ. سَوَاءٌ أَبْقَاهُ حَتَّى يَشْهَدَ بَعْضَ مَا يَعِدُهُمْ أَوْ تَوَفَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ. فَسَيَتِمُّ الْوَعْدُ هُنَاكَ..