ولما كثرت في هذه السورة الأوامر والنواهي والأجوبة بسبب ما يقترحونه على وجه التعنت، وختم بأن من دعا غيره كان راسخا في الظلم لا مجير له منه، ختم ذلك بجواب معلم بأن فائدة الطاعة ليست راجعة إلا إليهم، وضرر النفور ليس عائدا إلا عليهم فقال تعالى: قل يا أيها الناس أي: غاية كل من له قابلية التحرك والاضطراب [ ص: 220 ] قد جاءكم الحق أي الكامل بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الكتاب، وذلكم خير عظيم أصابكم الله به، وزاد الرغبة فيه بقوله: من ربكم أي المحسن إليكم فمن أي: فتسبب عن ذلك أنه من اهتدى أي: آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وعمل بما في الكتاب فإنما يهتدي لنفسه [أي] لأنه تبع الحق الثابت وترك الباطل الزائل فأنقذ نفسه من النار وأوجب لها الجنة ومن ضل أي: كفر بهما أو بشيء منهما فإنما يضل عليها لأنه ترك الباقي وتمسك بما ليس في يده منه شيء لأنه فان فقد غر نفسه وما أنا ولما كان السياق لنفي تصرفه فيهم، وأن ذلك إنما هو إلى الله تعالى، كان تقديم ضميرهم أهم فقال: عليكم بوكيل فيطلب مني حفظكم مما يؤدي إلى الهلاك ومنعه عنكم كما يطلب من الوكيل.