ولما كان - سبحانه - في مقام التبشير؛ بالمحل الكبير؛ والموطن الخطير؛ الذي ما حازه قبل نبينا - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بشير ولا نذير؛ وذلك هو الإسراء إلى الملكوت الأعلى؛ والمقام الأسمى من السماوات العلا؛ في حضرات القدس؛ ومحال الأنس؛ ووطأ لذلك في سورة النعم؛ بمقامات الكرم؛ إلى أن قارب الوصول إليه؛ أوجز في العبارة بحذف حرف مستغنى عنه؛ دلالة عليه؛ فقال: ولا تك ؛ بحذف النون؛ إشارة إلى ضيق الحالة عن أدنى إطالة:
وأبرح ما يكون الشوق يوما ... إذا دنت الديار من الديار
وهذا بخلاف ما يأتي في سورة "النمل"؛ إن شاء الله (تعالى)؛ في ضيق ؛ ولو قل - كما لوح إليه تنوين التحقير؛ بما يشير إليه حذف النون؛ فإن أذى الكفار؛ الذي السياق للتسلية عنه؛ لا يضرك في المقصود الذي بعثت لأجله؛ وهو إظهار الدين؛ وقمع المفسدين بوجه من الوجوه؛ مما يمكرون ؛ أي: من استمرار مكرهم بك؛ واعبد ربك حتى [ ص: 285 ] يأتيك اليقين ؛ وكأنك به؛ وقد أتى؛ فاصبر؛ فإن الله (تعالى) معزك؛ ومظهر دينك؛ وإن كرهوا;