ولما ذكر صفة المستعاذ منه، ذكر إبرازه لصفته بالفعل فقال: الذي يوسوس   أي يلقي المعاني الضارة على وجه الخفاء والتكرير بحيث تصل مفاهيمها من غير سماع، وأشار إلى كثرة وسوسته بذكر الصدر الذي هو ساحة القلب ومسكنه فقال: في صدور الناس  أي المضطربين إذا غفلوا عن ذكر ربهم، فإنها دهاليز القلوب منها تدخل الواردات إليها، وذلك كالقوة الوهمية فإن العقل يساعد في المقدمات [الحقة -] المنتجة للأمر المقطوع به، فإذا وصل الأمر إلى ذلك خنست الواهمة ريثما يفتر [العقل -] عن النتيجة فترة ما، فتأخذ الواهمة  [ ص: 434 ] في الوسوسة وتقبل [منها -] الطبيعة بما لها بها من مجانسة الظلمة الوهمية، والناس - قال في القاموس: يكون من الإنس ومن الجن، جمع إنس أصله أناس جمع عزيز أدخل عليه [أل -] - انتهى، ولعل إطلاقه على هذين المتقابلين بالنظر إلى النوس الذي أصله الاضطراب والتذبذب فيكون منحوتا من الأصلين: الإنس والنوس، ومن ثالث وهو النسيان. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					