وقرأ أبي: "ورسل" بالرفع في الموضعين، وفيه تخريجان، أظهرهما: أنه مبتدأ وما بعده خبره، وجاز الابتداء هنا بالنكرة لأحد شيئين؛ إما العطف، كقوله: [ ص: 160 ]
1677 - عندي اصطبار وشكوى عند قاتلتي فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا
وإما التفصيل كقوله:
1678 - فأقبلت زحفا على الركبتين فثوب لبست وثوب أجر
وكقوله:
1679 - إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وشق عندنا لم يحول
والثاني: - وإليه ذهب ابن عطية - أنه ارتفع على خبر ابتداء مضمر؛ أي: وهم رسل، وهذا غير واضح. والجملة بعد "رسل" على هذا الوجه تكون في محل رفع؛ لوقوعها صفة للنكرة قبلها.
قوله: "ورسلا لم نقصصهم" كالأول. وقوله: "وكلم الله موسى" الجمهور على رفع الجلالة، وهي واضحة. و "تكليما" مصدر مؤكد رافع للمجاز، وهي مسألة يبحث فيها الأصوليون، تحتمل كلاما كثيرا ليس هذا موضعه، على أنه قد جاء التأكيد بالمصدر في ترشيح المجاز، كقول هند بنت النعمان بن بشير في زوجها روح بن زنباع وزير عبد الملك بن مروان:
1680 - بكى الخز من روح وأنكر جلده وعجت عجيجا من جذام المطارف
تقول: إن زوجها روحا قد بكى ثياب الخز من لبسه؛ لأنه ليس من أهل [ ص: 161 ] الخز، وكذلك صرخت صراخا من جذام - وهي قبيلة روح - ثياب المطارف، تعني: أنهم ليسوا من أهل تلك الثياب، فقولها: "عجت المطارف" مجاز؛ لأن الثياب لا تعج، ثم رشحته بقولها: عجيجا. وقال ثعلب: لولا التأكيد بالمصدر لجاز أن يكون كما تقول: كلمت لك فلانا؛ أي: أرسلت إليه، أو كتبت له رقعة. وقرأ يحيى بن وثاب والنخعي : "وكلم الله موسى" بنصب الجلالة، وهي واضحة أيضا.


