قوله تعالى : " والذين كسبوا السيئات " قال ابن عباس : عملوا الشرك . " جزاء سيئة بمثلها " في الآية محذوف ، وفي تقديره قولان :
أحدهما : أن فيها إضمار " لهم " ، المعنى : لهم جزاء سيئة بمثلها ، وأنشد ثعلب :
فإن سأل الواشون عنه فقل لهم وذاك عطاء للوشاة جزيل
[ ص: 26 ] ملم بليلى لمة ثم إنه
لهاجر ليلى بعدها فمطيل
أراد : هو ملم ، وهذا قول الفراء .
والثاني : أن فيها إضمار " منهم " ، المعنى : جزاء سيئة منهم بمثلها ، تقول العرب : رأيت القوم صائم وقائم ، أي : منهم صائم وقائم ، أنشد الفراء :
حتى إذا ما أضاء الصبح في غلس وغودر البقل ملوي ومحصود
أي : منه ملوي ، وهذا قول ابن الأنباري . وقال بعضهم : الباء زائدة هاهنا ، و " من " في قوله : " من عاصم " صلة ، والعاصم : المانع . " كأنما أغشيت وجوههم " أي : ألبست " قطعا " قرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، وحمزة : " قطعا " مفتوحة الطاء ، وهي جمع قطعة . وقرأ ابن كثير ، والكسائي ، ويعقوب : " قطعا " بتسكين الطاء . قال ابن قتيبة : وهو اسم ما قطع . قال ابن جرير : وإنما قال : " مظلما " ولم يقل : " مظلمة " لأن المعنى : قطعا من الليل المظلم ، ثم حذفت الألف واللام من " المظلم " فلما صار نكرة ، وهو من نعت الليل ، نصب على القطع ; وقوم يسمون ما كان كذلك حالا ، وقوم قطعا .


