قوله تعالى : " فلما استيأسوا منه " أي : أيسوا .
[ ص: 266 ] وفي هاء " منه " قولان :
أحدهما : أنها ترجع إلى يوسف ، فالمعنى : يئسوا من يوسف أن يخلي سبيل أخيهم .
والثاني : إلى أخيهم ، فالمعنى : يئسوا من أخيهم .
قوله تعالى : " خلصوا نجيا " أي : اعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم ، يتناجون ويتناظرون ويتشاورون ، يقال : قوم نجي ، والجمع أنجية ، قال الشاعر :
إني إذا ما القوم كانوا أنجيه واضطربت أعناقهم كالأرشيه
وإنما وحد " نجيا " لأنه يجري مجرى المصدر الذي يكون للاثنين ، والجمع والمؤنث بلفظ واحد . وقال الزجاج : انفردوا متناجين فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم وليس معهم أخوهم .
قوله تعالى : " قال كبيرهم " فيه قولان :
أحدهما : أنه كبيرهم في العقل ، ثم فيه قولان : أحدهما : أنه يهوذا ، ولم يكن أكبرهم سنا ، وإنما كان أكبرهم سنا روبيل ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك ، ومقاتل . والثاني : أنه شمعون ، قاله مجاهد .
والثاني : أنه كبيرهم في السن وهو روبيل ، قاله قتادة ، والسدي .
قوله تعالى : " ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله " في حفظ [ ص: 267 ] أخيكم ورده إليه " ومن قبل ما فرطتم في يوسف " قال الفراء : " ما " في موضع رفع ، كأنه قال : ومن قبل هذا تفريطكم في يوسف ، وإن شئت جعلتها نصبا ، المعنى : ألم تعلموا هذا ، وتعلموا من قبل تفريطكم في يوسف ، وإن شئت جعلت " ما " صلة ، كأنه قال : ومن قبل فرطتم في يوسف . قال الزجاج : وهذا أجود الوجوه ، أن تكون " ما " لغوا .
قوله تعالى : " فلن أبرح الأرض " أي : لن أخرج من أرض مصر ، يقال : برح الرجل براحا : إذا تنحى عن موضعه . " حتى يأذن لي " قال ابن عباس : حتى يبعث إلي أن آتيه ، " أو يحكم الله لي " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أو يحكم الله لي ، فيرد أخي علي . والثاني : يحكم الله لي بالسيف ، فأحارب من حبس أخي . والثالث : يقضي في أمري شيئا ، " وهو خير الحاكمين " أي : أعدلهم وأفضلهم .
قوله تعالى : " إن ابنك سرق " وقرأ ابن عباس ، والضحاك ، وابن أبي سريج عن الكسائي : " سرق " بضم السين وتشديد الراء وكسرها .
قوله تعالى : " وما شهدنا إلا بما علمنا " فيه قولان :
أحدهما : وما شهدنا عليه بالسرقة إلا بما علمنا ، لأنا رأينا المسروق في رحله ، قاله أبو صالح عن ابن عباس .
والثاني : وما شهدنا عند يوسف بأن السارق يؤخذ بسرقته إلا بما علمنا من دينك ، قاله ابن زيد .
وفي قوله : " وما كنا للغيب حافظين " ثمانية أقوال :
أحدها : أن الغيب هو الليل ، والمعنى : لم نعلم ما صنع بالليل ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وهذا يدل على أن التهمة وقعت به ليلا .
[ ص: 268 ] والثاني : ما كنا نعلم أن ابنك يسرق ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وبه قال عكرمة ، وقتادة ، ومكحول ، قال ابن قتيبة : فالمعنى : لم نعلم الغيب حين أعطيناك الموثق لنأتينك به أنه يسرق فيؤخذ .
والثالث : لم نستطع أن نحفظه فلا يسرق ، رواه عبد الوهاب عن مجاهد .
والرابع : لم نعلم أنه سرق للملك شيئا ، ولذلك حكمنا باسترقاق السارق ، قاله ابن زيد .
والخامس : أن المعنى : قد رأينا السرقة قد أخذت من رحله ، ولا علم لنا بالغيب فلعلهم سرقوه ، قاله ابن إسحاق .
والسادس : ما كنا لغيب ابنك حافظين ، إنما نقدر على حفظه في محضره ، فإذا غاب عنا ، خفيت عنا أموره .
والسابع : لو علمنا من الغيب أن هذه البلية تقع بابنك ما سافرنا به ، ذكرهما ابن الأنباري .
والثامن : لم نعلم أنك تصاب به كما أصبت بيوسف ، ولو علمنا لم نذهب به ، قاله ابن كيسان .
				
						
						
