وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون
قوله تعالى : " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا " قال المفسرون : لما أنكر مشركو قريش نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا ; فهلا بعث إلينا ملكا ! فنزلت هذه الآية ، والمعنى : أن الرسل كانوا مثلك آدميين ، إلا أنهم يوحى إليهم . وقرأ حفص عن عاصم : " نوحي " بالنون وكسر الحاء . " فاسألوا " يا معشر المشركين " أهل الذكر " وفيهم أربعة أقوال :
أحدها : أنهم أهل التوراة والإنجيل ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أهل التوراة ، قاله مجاهد . والثالث : أهل القرآن ، قاله ابن زيد . والرابع : العلماء بأخبار من سلف ، ذكره الماوردي .
وفي قوله تعالى : " إن كنتم لا تعلمون " قولان :
أحدهما : لا تعلمون أن الله تعالى بعث رسولا من البشر .
والثاني : لا تعلمون أن محمدا رسول الله ، فعلى القول الأول ، جائز أن [ ص: 450 ] يسأل من آمن برسول الله ومن كفر ، لأن أهل الكتاب والعلم بالسير متفقون على أن الأنبياء كلهم ، من البشر ، وعلى الثاني إنما يسأل من آمن من أهل الكتاب ، وقد روي عن مجاهد " فاسألوا أهل الذكر " قال : عبد الله بن سلام ، وعن قتادة ، قال : سلمان الفارسي .
قوله تعالى : " بالبينات والزبر " في هذه " الباء " قولان :
أحدهما : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، تقديره : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا أرسلناهم بالبينات . والزبر : الكتب . وقد شرحنا هذا في (آل عمران :184) .
قوله تعالى : " وأنزلنا إليك الذكر " وهو القرآن بإجماع المفسرين " لتبين للناس ما نزل إليهم " [فيه] من حلال وحرام ، ووعد ووعيد " ولعلهم يتفكرون " في ذلك فيعتبرون .


