قوله تعالى: إنا أرسلناك بالحق .
في سبب نزولها قولان . أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: "ليت شعري ما فعل أبواي!" فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنزل الله بأسه باليهود لآمنوا" فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل .
وفي المراد (بالحق) هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها: أنه القرآن ، قاله ابن عباس . والثاني: الإسلام ، قاله ابن كيسان . والثالث: الصدق .
قوله تعالى: ولا تسأل عن : الأكثرون بضم التاء على الخبر ، والمعنى: لست بمسؤول عن أعمالهم . وقرأ نافع ، ويعقوب بفتح التاء وسكون اللام ، على النهي عن السؤال عنهم .
[ ص: 138 ] وجوز أبو الحسن الأخفش أن يكون معنى هذه القراءة: لا تسأل عنهم فإنهم في أمر عظيم . فيكون ذلك على وجه التعظيم لما هم فيه . فأما الجحيم; فقال الفراء: الجحيم: النار ، والجمر على الجمر . وقال أبو عبيدة: الجحيم: النار المستحكمة المتلظية . وقال الزجاج: الجحيم: النار الشديدة الوقود ، وقد جحم فلان النار: إذا شدد وقودها ، ويقال: لعين الأسد: جحمة لشدة توقدها . ويقال: لوقود الحرب ، وهو شدة القتال فيها: جاحم . وقال ابن فارس: الجاحم: المكان الشديد الحر . قال الأعشى:
يعدون للهيجاء قبل لقائها غداة اختضار البأس والموت جاحم
ولذلك سميت الجحيم . وقال ابن الأنباري: قال أحمد بن عبيد: إنما سميت النار جحيما ، لأنها أكثر وقودها ، من قول العرب: جحمت النار أجحمها: إذا أكثرت لها الوقود .
قال عمران بن حطان:
يرى طاعة الله الهدى وخلافه الضلالة يصلي أهلها جاحم الجمر


