ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون   وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين    . 
قوله تعالى : " ولقد آتينا موسى الكتاب   " يعني : التوراة ، أعطيها جملة واحدة بعد غرق فرعون  ، " لعلهم   " يعني : بني إسرائيل ، والمعنى : لكي يهتدوا . 
قوله تعالى : " وجعلنا ابن مريم وأمه آية   " وقرأ  ابن مسعود   وابن أبي عبلة   : ( آيتين ) على التثنية ، وهذا كقوله : وجعلناها وابنها آية   [ الأنبياء : 91 ] ، وقد سبق شرحه . 
قوله تعالى : " وآويناهما   " ; أي : جعلناهما يأويان ، " إلى ربوة   " قرأ  ابن كثير  ،  ونافع  ،  وأبو عمرو  ،  وحمزة  ،  والكسائي   : ( ربوة ) بضم الراء . وقرأ  عاصم   وابن عامر  بفتحها . وقد شرحنا معنى الربوة في ( البقرة : 265 ) . ( ذات قرار   ) ; أي : مستوية يستقر عليها ساكنوها ، والمعنى : ذات موضع قرار . وقال  الزجاج   : أي : ذات مستقر . " ومعين   " وهو الماء الجاري من العيون . وقال  ابن قتيبة   : " ذات قرار " ; أي : يستقر بها للعمارة ، " ومعين " : هو الماء الظاهر ،  [ ص: 476 ] ويقال : هو مفعول من العين ، كأن أصله معيون ، كما يقال : ثوب مخيط ، وبر مكيل . 
واختلف المفسرون في موضع هذه الربوة الموصوفة على أربعة أقوال : 
أحدها : أنها دمشق  ، رواه  عكرمة  عن  ابن عباس  ، وبه قال  عبد الله بن سلام   وسعيد بن المسيب   . 
والثاني : أنها بيت المقدس  ، رواه  عطاء  عن  ابن عباس  ، وبه قال  قتادة  ، وعن  الحسن  كالقولين . 
والثالث : أنها الرملة  من أرض فلسطين  ، قاله  أبو هريرة   . 
والرابع : مصر  ، قاله  وهب بن منبه  ،  وابن زيد  ، وابن السائب   . 
فأما السبب الذي لأجله أويا إلى الربوة ، فقال  أبو صالح  عن  ابن عباس   : فرت مريم  بابنها عيسى  من ملكهم ، ثم رجعت إلى أهلها بعد اثنتي عشرة سنة . قال  وهب بن منبه   : وكان الملك أراد قتل عيسى   .  [ ص: 477 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					