قال ويقال لها: سورة الطول . وهي مكية، قاله أبو سليمان الدمشقي: ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وحكي عن وقتادة . ابن عباس أن فيها آيتين نزلتا وقتادة بالمدينة: قوله: الذين يجادلون في آيات الله والتي بعدها [المؤمن: 35، 36] . قال : وذكر أن الحواميم كلها نزلت الزجاج بمكة . قال : يقال: إن "حم" اسم من أسماء الله أضيفت هذه السورة إليه، كأنه قيل: سورة الله، لشرفها وفضلها، فقيل: آل حاميم، وإن كان القرآن كله سور الله، وإن هذا كما يقال: بيت الله، وحرم الله، وناقة الله، قال ابن قتيبة الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم آية تأولها منا تقي ومعرب
وقد تجعل "حم" اسما للسورة، ويدخل الإعراب ولا يصرف، ومن قال هذا في الجميع: الحواميم، كما يقال: "طس" والطواسين . وقال محمد بن القاسم الأنباري: العرب تقول: وقع في الحواميم، وفي آل حميم، أنشد أبو عبيدة:
حلفت بالسبع اللواتي طولت وبمئين بعدها قد أمئيت
وبمثان ثنيت فكررت وبالطواسين اللواتي ثلثت
[ ص: 205 ] وبالحواميم اللواتي سبعت [وبالمفصل اللواتي فصلت]
فمن قال: وقع في آل حاميم، جعل حاميم اسما لكلهن; ومن قال: وقع في الحواميم، جعل "حم" كأنه حرف واحد بمنزلة قابيل وهابيل . وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: من الخطإ أن تقول: قرأت الحواميم، وليس من كلام العرب، والصواب أن تقول، قرأت آل حاميم . وفي حديث "إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات دمثات"، وقال ابن مسعود الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم آية
بسم الله الرحمن الرحيم
حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم . غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير .
وفي حم أربعة أقوال .
أحدها: قسم أقسم الله به وهو من أسمائه عز وجل، رواه ابن أبي طلحة عن قال ابن عباس . وقد قيل: إن جواب القسم قوله: أبو سليمان: إن الذين كفروا ينادون [المؤمن: 10] .
[ ص: 206 ] والثاني: أنها حروف من أسماء الله عز وجل، ثم فيه ثلاثة أقوال . أحدها: أن "الر" و "حم" و "نون" حروف الرحمن، رواه عن عكرمة والثاني: أن الحاء مفتاح اسمه "حميد"، والميم مفتاح اسمه "مجيد"، قاله ابن عباس . والثالث: أن الحاء مفتاح كل اسم لله ابتداؤه حاء، مثل "حكيم"، و "حليم"، و "حي"، والميم مفتاح كل اسم له، ابتداؤه ميم مثل "ملك"، و "متكبر"، و "مجيد"، حكاه أبو العالية . وروي نحوه عن أبو سليمان الدمشقي . عطاء الخراساني .
والثالث: أن معنى "حم": قضي ما هو كائن، رواه عن أبو صالح وروي عن ابن عباس . الضحاك مثل هذا كأنهما أرادا الإشارة إلى حم، بضم الحاء وتشديد الميم . قال والكسائي : وقد قيل في "حم": حم الأمر . والرابع: أن "حم" اسم من أسماء القرآن، قاله الزجاج وقرأ قتادة . "حم" بفتح الحاء; وقرأ ابن كثير: ابن عامر، وحمزة، بكسرها; واختلف عن الباقين . قال والكسائي: : أما الميم، فساكنة في قراءة القراء كلهم الا الزجاج عيسى ابن عمر فإنه فتحها; وفتحها على ضربين . أحدهما: أن يجعل "حم" اسما للسورة، فينصبه ولا ينونه، لأنه على لفظ الأسماء الأعجمية نحو هابيل وقابيل . والثاني: على معنى: اتل حم; والأجود أن يكون فتح لالتقاء الساكنين حيث جعله اسما للسورة، ويكون حكاية حروف الهجاء .
قوله تعالى: تنزيل الكتاب أي: هذا تنزيل الكتاب . والتوب: [ ص: 207 ] جمع توبة، وجائز أن يكون مصدرا من تاب يتوب توبا . والطول: الفضل . قال يقال: فلان ذو طول على قومه، أي: ذو فضل . وقال أبو عبيدة: : يقال: طل علي يرحمك الله، أي: تفضل . قال ابن قتيبة ذو: حرف النسبة، والنسبة في كلامهم على ثلاثة أوجه: بالياء، كقولهم: أسدي، وبكري، والثاني على الجمع، كقولهم: المهالبة، والمسامعة، والأزارقة، والثالث بـ "ذي" و "ذات"، كقولهم: رجل مال، أي: ذو مال، وكبش صاف، أي: ذو صوف، وناقة ضامر، أي: ذات ضمر; فقوله: ذو الطول، معناه: أهل الطول والفضل . الخطابي: