"يوم يكشف" المعنى: فليأتوا بها يوم يكشف عن ساق . قرأ الجمهور: "يكشف" بضم الياء، وفتح الشين . وقرأ ابن أبي عبلة، وعاصم الجحدري، وأبو الجوزاء، بفتح الياء، وبكسر الشين . وقرأ أبي بن كعب ، وابن عباس: "تكشف" بتاء مفتوحة، وكسر الشين . وقرأ ابن مسعود، وأبو مجلز، وابن يعمر، والضحاك: "نكشف" بنون [ ص: 341 ] مفتوحة مع كسر الشين . وهذا اليوم هو يوم القيامة . وقد روى عكرمة عن ابن عباس: "يوم يكشف عن ساق" قال: يكشف عن شدة، وأنشد:
وقامت الحرب بنا على ساق
وهذا قول مجاهد، وقتادة .
قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجد فيه، شمر عن ساقه، فاستعيرت الساق في موضع الشدة، هذا قول الفراء، وأبي عبيدة، واللغويين . وقد أضيف هذا الأمر إلى الله تعالى . فروي في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "يكشف عن ساقه"، وهذا إضافة إليه، لأن الكل له وفعله . وقال أبو عمر الزاهد: يراد بها النفس، ومنه قول علي رضي الله عنه: أقاتلهم ولو تلفت ساقي، أي: نفسي . فعلى هذا يكون المعنى يتجلى لهم .
قوله تعالى: ويدعون إلى السجود يعني: المنافقين "فلا يستطيعون" كأن في ظهورهم سفافيد الحديد . قال النقاش: وليس ذلك بتكليف لهم أن [ ص: 342 ] يسجدوا، وهم عجزة، ولكنه توبيخ لهم بتركهم السجود "خاشعة أبصارهم" أي: خاضعة "ترهقهم ذلة" أي: تغشاهم وقد كانوا يدعون إلى السجود يعني: بالأذان في دار الدنيا، ويؤمرون بالصلاة المكتوبة "وهم سالمون" أي: معافون ليس في أصلابهم مثل سفافيد الحديد . وفي هذا وعيد لمن ترك صلاة الجماعة . وكان كعب يقول: والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات "فذرني ومن يكذب بهذا الحديث" يعني: القرآن . والمعنى: خل بيني وبينه . قال الزجاج: أي: لا تشغل قلبك به، كله إلي فأنا أكفيك أمره . وذكر بعض المفسرين أن هذا القدر من الآية إلى قوله: "الحديث" منسوخ بآية السيف . وما بعد هذا مفسر في [الأعراف: 182 . 183] إلى قوله تعالى: أم تسألهم أجرا فإنها مفسرة والتي قبلها في [الطور: 40،39] .


