والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير    . 
قوله تعالى: والذين يتوفون منكم  أي: يقبضون بالموت . وقرأ  المفضل  عن  عاصم   "يتوفون" بفتح الياء في الموضعين . قال  ابن قتيبة:  هو من استيفاء العدد ، واستيفاء الشيء: أن نستقصيه كله ، يقال: توفيته واستوفيته ، كما يقال: تيقنت الخير واستيقنته ، هذا الأصل ، ثم قيل للموت: وفاة وتوف (ويتربصن) ينتظرن وقال  الفراء:  وإنما قال: (وعشرا) ولم يقل: عشرة ، لأن العرب  إذا أبهمت العدد من الليالي والأيام ، غلبوا عليه الليالي ، حتى أنهم ليقولون: صمنا عشرا من شهر رمضان ، لكثرة تغليبهم الليالي على الأيام ، فإذا أظهروا مع العدد تفسيره ، كانت الإناث بغير هاء ، والذكور بالهاء كقوله تعالى: سخرها عليهم سبع ليال  [ ص: 275 ] وثمانية أيام حسوما   [ الحاقة: 7 ] . فإن قيل: ما وجه الحكمة في زيادة هذه العشرة؟ فالجواب: أنه يبين صحة الحمل بنفخ الروح فيه ، قاله  سعيد بن المسيب ،   وأبو العالية ،  ويشهد له الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ،  "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما [نطفة ] ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك ، فينفخ فيه الروح" . 
فصل 
وهذه الآية ناسخة للتي تشابهها ، وهي تأتي بعد آيات ، وهي قوله: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول   [ البقرة: 240 ] . لأن تلك كانت تقتضي وجوب العدة سنة ، وسنذكر ما يتعلق بها هنالك ، إن شاء الله . فأما التي نحن في تفسيرها: فقد روي عن  ابن عباس  أنه قال: نسختها وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن   [ الطلاق: 4 ] . والصحيح: أنها عامة دخلها التخصيص ، لأن ظاهرها يقتضي وجوب العدة على المتوفى عنها زوجها  أربعة أشهر وعشرا ، سواء كانت حاملا ، أو غير حامل ، غير أن قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن  خص أولات الحمل ، وهي خاصة أيضا في الحرائر ، فإن الأمة عدتها  شهران وخمسة أيام ، فبان أنها من العام الذي دخله التخصيص . 
قوله تعالى: فإذا بلغن أجلهن  يعني: انقضاء العدة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					