قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا) قال الزجاج: اعتصموا: استمسكوا . فأما الحبل ، ففيه ستة أقوال . أحدها: أنه كتاب الله: القرآن ، رواه شقيق عن ابن مسعود [ ص: 433 ] وبه قال قتادة ، والضحاك ، والسدي . والثاني: أنه الجماعة ، رواه الشعبي عن ابن مسعود . والثالث: أنه دين الله ، قاله ابن عباس ، وابن زيد ، ومقاتل ، وابن قتيبة . وقال ابن زيد: هو الإسلام . والرابع: عهد الله ، قاله مجاهد ، وعطاء ، وقتادة في رواية ، وأبو عبيد ، واحتج له الزجاج بقول الأعشى:
وإذا تجوزها حبال قبيلة أخذت من الأخرى إليك حبالها
وأنشد ابن الأنباري:
فلو حبلا تناول من سليمى     لمد بحبلها حبلا متينا 
والخامس: أنه الإخلاص ، قاله أبو العالية ، والسادس: أنه أمر الله وطاعته ، قاله مقاتل بن حيان . قال الزجاج: وقوله: "جميعا" منصوب على الحال ، أي: كونوا مجتمعين على الاعتصام به . وأصل "تفرقوا": تتفرقوا ، إلا أن التاء حذفت لاجتماع حرفين من جنس واحد ، والمحذوفة هي الثانية ، لأن الأولى دليلة على الاستقبال ، فلا يجوز حذف الحرف الذي يدل على الاستقبال ، وهو مجزوم بالنهي ، والأصل: ولا تتفرقون ، فحذفت النون لتدل على الجزم .
قوله تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم) اختلفوا فيمن أريد بهذا الكلام على قولين . أحدهما: أنهم مشركو العرب ، كان القوي يستبيح الضعيف ، قاله الحسن ، وقتادة . والثاني: الأوس والخزرج ، كان بينهم حرب شديد ، قاله ابن إسحاق . والأعداء: جمع عدو . قال ابن فارس: وهو من عدا: إذا ظلم .
[ ص: 434 ] قوله تعالى: (فأصبحتم) أي: صرتم ، قال الزجاج: وأصل الأخ في اللغة أنه الذي مقصده مقصد أخيه ، والعرب تقول: فلان يتوخى مسار فلان ، أي: ما يسره . والشفا: الحرف . واعلم أن هذا مثل ضربه الله لإشرافهم على الهلاك . وقربهم من العذاب ، كأنه قال: كنتم على حرف حفرة من النار ، ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلا الموت على الكفر . قال السدي: فأنقذكم منها محمد صلى الله عليه وسلم .
				
						
						
