ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين    . 
قوله تعالى: ثم لم تكن فتنتهم  قرأ  ابن كثير ،   وابن عامر ،  وحفص  عن  عاصم:"  ثم لم تكن" بالتاء ، "فتنتهم" بالرفع . وقرأ  نافع ،   وأبو عمرو ،   وأبو بكر  عن  عاصم:   "تكن" بالتاء أيضا ، "فتنتهم" بالنصب ، وقد رويت عن  ابن كثير  أيضا . وقرأ  حمزة ،   والكسائي:   "يكن" بالياء ، "فتنتهم" بالنصب . 
وفي "الفتنة "أربعة أقوال . 
أحدها: أنها بمعنى الكلام والقول . قال  ابن عباس  ،  والضحاك:  لم يكن كلامهم . 
والثاني: أنها المعذرة: قال  قتادة ،   وابن زيد:  لم تكن معذرتهم . قال  ابن الأنباري:  فالمعنى: اعتذروا بما هو مهلك لهم ، وسبب لفضيحتهم . 
والثالث: أنها بمعنى البلية . قال  عطاء الخراساني:  لم تكن بليتهم . وقال أبو عبيد:  لم تكن بليتهم التي ألزمتهم الحجة ، وزادتهم لائمة . 
والرابع: أنها بمعنى الافتتان . والمعنى: لم تكن عاقبة فتنتهم . 
قال  الزجاج   : لم يكن افتتانهم بشركهم ، وإقامتهم عليه ، إلا أن تبرؤوا منه . ومثل ذلك في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا ، فإذا وقع في هلكة تبرأ منه ، فيقول: ما كانت محبتك لفلان إلا أن انتفيت منه . قال: وهذا تأويل لطيف ، لا يعرفه إلا من عرف معاني الكلام وتصرف العرب  في ذلك .  [ ص: 17 ] وقال  ابن الأنباري:  المعنى: أنهم افتتنوا بقولهم هذا ، إذا كذبوا فيه ، ونفوا عن أنفسهم ما كانوا معروفين به في الدنيا . 
قوله تعالى: إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين  قرأ  ابن كثير ،   ونافع ،   وأبو عمرو ،   وعاصم ،   وابن عامر:   "والله ربنا" بكسر الباء . وقرأ  حمزة ،   والكسائي ،   وخلف:  بنصب الباء . 
وفي هؤلاء القوم الذين هذا وصفهم قولان . 
أحدهما: أنهم المشركون . والثاني: المنافقون . 
ومتى يحلفون ? فيه ثلاثة أقوال . 
أحدها: إذا رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما قالوا: تعالوا نكابر عن شركنا ، فحلفوا ، قاله  ابن عباس .  
والثاني: أنهم إذا دخلوا النار ، ورأوا أهل التوحيد يخرجون ، حلفوا[ واعتذروا] قاله  سعيد بن جبير ،   ومجاهد .   [ ص: 18 ] والثالث: أنهم إذا سئلوا: أين شركاؤكم؟ تبرؤوا ، وحلفوا: ما كنا مشركين ، قاله  مقاتل   . 
				
						
						
