قوله تعالى: قل من ينجيكم قرأ عاصم ، وحمزة والكسائي ، وأبو جعفر: " قل من ينجيكم قل الله ينجيكم" مشددين . وقرأ يعقوب ، والقزاز عن عبد الوارث: بسكون النون وتخفيف الجيم . قال الزجاج : والمشددة أجود للكثرة . وظلمات البر والبحر: شدائدها; والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة يوم مظلم ، حتى إنهم يقولون: يوم ذو كواكب ، أي: قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل . قال الشاعر:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا
[ ص: 58 ] قوله تعالى: تدعونه تضرعا أي مظهرين الضراعة ، وهي شدة الفقر إلى الشيء ، والحاجة .
قوله تعالى: وخفية قرأ عاصم إلا حفصا: "وخفية" بكسر الخاء; وكذلك في [الأعراف] . وقرأ الباقون بضم الخاء ، وهما لغتان . قال الفراء: وفيها لغة أخرى بالواو ، ولا تصلح في القراءة ، خفوة ، وخفوة . ومعنى الكلام ، أنكم تدعونه في أنفسكم ، كما تدعونه ظاهرا: "لئن أنجيتنا" كذلك قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وأبو عمرو: "لئن أنجيتنا" وقرأ عاصم ، وحمزة والكسائي: "لئن أنجانا" بألف ، لمكان الغيبة في قوله: "تدعونه" . وكان حمزة ، والكسائي: وخلف يميلون الجيم .
قوله تعالى: من هذه يعني: في أي شدة وقعتم ، قلتم: "لئن أنجيتنا من هذه" . قال ابن عباس : و"الشاكرون" هاهنا: المؤمنون . وكانت قريش تسافر في البر والبحر ، فإذا ضلوا الطريق وخافوا الهلاك ، دعوا الله مخلصين ، فأنجاهم . فأما "الكرب" فهو الغم الذي يأخذ بالنفس ، ومنه اشتقت الكربة .


