الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 17 ] فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون [ 17 ].

                                                                                                                                                                                                                                      فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته استفهام إنكاري معناه الجحد. أي لا أحد أظلم ممن تقول على الله تعالى، وزعم أنه تعالى أرسله وأوحى إليه، أو كفر بآياته، كما فعل المشركون بتكذيبهم للقرآن، وحملهم على أنه من جهته عليه الصلاة والسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      إنه لا يفلح المجرمون أي لا ينجون من محذور، ولا يظفرون بمطلوب، ونظير هذه الآية قوله تعالى: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنـزل مثل ما أنـزل الله وترتيب عدم الفلاح على من افترى الوحي، وعده صادق بلا مرية، فإن مفتريه يبوء بالخزي والنكال، ولا يشتبه أمره على أحد بحال.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3334 ] وقد ذكر أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة الكذاب -وكان صديقا له في الجاهلية، وكان عمرو لم يسلم بعد- فقال له مسيلمة: ويحك يا عمرو! وماذا أنزل على صاحبكم -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- في هذه المدة؟ فقال: لقد سمعت أصحابه يقرؤون سورة عظيمة قصيرة. فقال: وما هي؟ فقال: والعصر إن الإنسان إلخ، ففكر مسيلمة ساعة ثم قال: وأنا قد أنزل علي مثله! فقال: وما هو؟ فقال: يا وبر يا وبر.. إنما أنت أذنان وصدر، وسائرك حقر نقر. كيف ترى يا عمرو؟ فقال له عمرو: والله! إنك لتعلم أني أعلم أنك لكذاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عبد الله بن سلام: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل منه، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب. قال: فكان أول ما سمعته يقول: « أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام » . قال حسان:


                                                                                                                                                                                                                                      لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهته تأتيك بالخبر



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية